الرأي

صلاة الصبح والعشاء ..في الملعب؟

فاجأ مدير مركّب الخامس من جويلية، مشجعي الكرة العاصميين، عندما أعلن عن فتح أبواب الملعب الذي يحتضن الأحد مباراة نهائي كأس الجزائر، بداية من السادسة صباحا، تأهبا لمواجهة كروية قد تنتهي بضربات الترجيح على بعد دقائق من الساعة الثامنة مساء، بمعنى أن مشجع الكرة، قد يخرج من بيته ليتوجه إلى الملعب الأولمبي، قبل أدائه لصلاة الصبح، ويعود إلى بيته بعد صلاة العشاء، من أجل متابعة بضعة دقائق، في لعبة، عجزت السلطة عن تسييرها، وجعلها لعبة، بدلا من هذا الهرج والمرج الذي يحيط بها.

ففي الظاهر تقدّم الجزائر في عالم كرة القدم، وجها بهيّا من خلال أربع مشاركات في كأس العالم، ولاعبين من طينة رابح ماجر أحد مبدعي نهائيات رابطة أبطال أوروبا، ورياض محرز ملك الكرة الإنجليزية الجديد، وطائفة أخرى لا عدّ ولا حصر لها، وفي الباطن تقدم نماذج ومشاهد لا نراها حتى في البلدان، التي لم يسبق لها وأن تأهلت لنهائيات كأس أمم إفريقيا، بدليل أن المباراة النهائية التي يسميها المواطنون وتسميها السلطة معهم بالعرس الكبير، والتي تقام في الفاتح من ماي، وفي ملعب يحمل اسم الاستقلال، ويحضرها رئيس الدولة أو الوزير الأول، ويتابعها الملايين من داخل ومن خارج الوطن، بدأت بالدماء في بيع التذاكر، وستجري تحت حراسة مشدّدة وتجنيد لكل قوات الأمن، وتأخذ من عاشق الكرة، يومه كله وأعصابه كلها، في الوقت الذي يعلم الجزائريون والقائمون على المركب الرياضي الخامس من جويلية الذي استقبل أولى مباريات النهائي في عام 1972 بنفس مشاهد البؤس، بأن ملعب ميونيخ الذي احتضن مباراة برشلونة وجوفنتوس خلال النهائي السابق لرابطة أبطال أوروبا فتح أبوابه، نصف ساعة قبل صافرة بداية المباراة وأغلقها بعد نصف ساعة عن نهايتها.

ولا نفهم معنى إلياذة المدح الطويلة التي قدمتها وزارة الرياضة، عندما أعادت افتتاح ملعب الخامس من جويلية مقرونة بالفاتورة المليارية التي صرفتها على الملعب، وهي عاجزة عن تسويق التذاكر من دون سقوط جرحى، واستقبال المناصرين في أجواء احترام وكرامة كما يحدث في كل ملاعب العالم وفي كل القارات، وسيكون الافتخار بالصور التي يقدمها المناصرون من دون معنى، أو بصريح العبارة صور مزوّرة، مادام الرسام يعاني من هذه المشاكل البدائية، التي تؤكد مرة أخرى بأننا نفشل في أمور اللعب كما فشلنا في أمور الجدّ.

في الجزائر، رأي يؤكد بأن أخلاق المجتمع تؤخذ من ملاعب الكرة، وما يحدث في شوارعنا وجامعاتنا وأعراسنا هو إسقاط لما يحدث في الملاعب، ويحزّ في نفس الجزائري أن يطمح جيراننا من تقل إمكانياتهم المادية وشغفهم بالكرة، عن إمكانيات وشغف الجزائريين، لاستضافة كأس العالم، التي تحضرها الأمم الكروية الكبرى، مع عشرات الآلاف من مناصريها، ونعجز نحن عن تنظيم مباراة بين فريقين من العاصمة، من دون أن تسقط الدماء وتشل المدينة وتُقلب الدنيا رأسا على عقب؟

مقالات ذات صلة