-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ضرب الأساتذة مسؤولية الآباء

حسين لقرع
  • 3226
  • 17
ضرب الأساتذة مسؤولية الآباء

تزايدت في السنوات الأخيرة جرائم اعتداءات التلاميذ والطلبة على أساتذتهم داخل المتوسطات والثانويات وخارجها، وبلغ بعضُها حدّ طعنهم بالسكاكين والأسلحة البيضاء وضربهم أمام مرأى التلاميذ أو الغوغاء والدهماء في الشارع.

وبرغم خطورة هذه الجرائم بحقِّ من قال عنه حافظ إبراهيم يوماً إنه كاد أن يكون رسولا، إلا أن المغرضين يتحدثون عما يسمّونه “العنف المدرسي” المتبادل بين الأساتذة والتلاميذ، ويساوون بذلك بين الطرفين.

وإذا كانت أعصابُ الكثير من المعلمين والأساتذة تفلت في الكثير من الأحيان بسبب ضغوط عديدة ليس هذا مجال تفصيلها، فيقدمون على ضرب تلاميذهم بشكل مهين، ومبرّح أحياناً، فإنه ليس من اللائق أن نساوي بين الأساتذة والتلاميذ في هذا الجانب، ونتحدث عن”العنف المتبادل” بهذا الصدد، لأن المربِّي يكون بمقام الأب أو الأم، والمؤسسة التربوية هي الحاضن الثاني للتلميذ بعد البيت، وما دام الأمرُ كذلك، هل يمكن أن نساوي أيضاً بين الأب والابن، ونتحدث عن”العنف المتبادل” بينهما إذا تجرّأ الابنُ على أبيه وضربه بذريعة الرد على ضربه له أو تأنيبه وتجريحه؟

ليس من المقبول أن يُقدم الأستاذ على ضرب تلميذه بقسوة، ويسبب له جروحاً أو عاهة مهما كان السبب، هذا سلوكٌ مُدان، ولكن الأسوأ منه هو أن يقوم التلميذ بضرب أستاذه أو طعنه بسلاح أبيض بذريعة أو أخرى. 

ولعلَّ مسبِّبات هذه الآفة عديدة، ولكن سلوك الأولياء إزاءها هو الذي زاد الطين بلة وضاعف جرأة أبنائهم على أساتذتهم. 

في العقود الماضية، كان التلاميذ حينما يتعرّضون للضرب على يد معلميهم وأساتذتهم، يجتهدون لإخفاء الأمر عن آبائهم، لأن الأولياء آنذاك كانوا يقدّسون التعليم ويبجِّلون المعلمين والأساتذة ويوقّرونهم وينزلونهم منزلتهم التي يستحقون، فإذا ضربوا بعض أبنائهم، اعتبروا ذلك دليلاً على شغبهم أو كسلهم أو جرأتهم على الأساتذة، فيُقدمون بدورهم على إشباعهم ضرباً وتأنيباً وتقريعاً ويحرمونهم من تناول العشاء، وحتى من المبيت في المنزل العائلي أيضاً حتى يُحسِنوا تأديبَهم فيلزمون حدودهم ولا يفكِّرون بعدها في اقتراف تلك”الكبيرة” بحق الأساتذة.

اليوم اختلف الوضع، وأصبح التلميذ كلما ضربه أستاذه بسبب شغبه أو تجاوزه الحدود، يعود إلى البيت باكياً ليشكو لأبيه”قسوة” أستاذه، فيهرع دون تردد إلى المؤسسة التربوية ليتهجم على الأستاذ ولا يتورّع عن شتمه وتهديده أمام مرأى ابنه وباقي التلاميذ، وقد يتطور الوضع ويُقوم بضربه سواء داخل المؤسسة التربوية أو خارجها، وهو مطمئن إلى أنه لن يتلقى أي عقاب، فيزداد التلاميذ جرأة على أساتذتهم ويمعنوا من التطاول عليهم وإهانتهم، لأن آباءهم لم يعلِّموهم كيفية التأدب معهم وتبجيلهم، بل علموهم الوقاحة والاستهتار وسوء الأدب.

أليس من المفارقة أن الجيل السابق من الآباء أكثر توقيراً للعلم مع أن حظهم قليل منه وأغلبهم أميون، في حين يستخفّ الكثيرُ من آباء اليوم بالعلم، وقد أوتوا بنصيبٍ منه، ويهوّنون من شأنه أمام أبنائهم ويحرّضونهم على إساءة الأدب مع أساتذتهم ويتكفلون لهم بـ”حمايتهم” منهم؟ أبهذه الطريقة نُعلي من شأن العلم في البلد وندفع الأساتذة إلى التدريس بحماس وبذل أقصى جهد حتى يحقق تلاميذهم النجاح؟ 

عنف التلاميذ تجاه أساتذتهم تفاقم في السنوات الأخيرة، لأنهم لم يجدوا آباء -ودون تعميم- يحسنون تربيتهم ويزرعون فيهم قيم تقديس العلم واحترام المعلمين والأساتذة وتوقيرهم، ويُلزمونهم حدودهم، وبعدها تأتي أسبابٌ أخرى ومنها تفشي المخدرات وتحوّل المؤسسات التربوية إلى “سوق” رائجة لها، والتلاميذ القصّر إلى أول ضحاياها.

وقديما قيل “تربية الآباء قبل تربية الأبناء”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
17
  • محيد/ع

    من ناحية المبدأ والاخلاق أندد بها لأن الظاهرة خطيرة
    لكن الحقيقة الاستاذ او المعلم هو الذي قطع شعرة معاوية مع التلميذ
    فالاستاذ او المعلم الذي يستعمل التلميذ وسيلة لابتزاز الدولة من اجل الحصول على حقوق لا يستحقها لا يستحق الاحترام والتقدير
    الاستاذ او المعلم الذي يستغل الامتخانات من اجل القيام بالاضراب لايستحق الاحترام لانه يتلاعب بمصير التلميذ المسكين الذي سهر الليالي
    نظرا لأنعدام التكوين اغلب الاساتذة والمعلمين مازالوا يتصرفون بعقلية الطالب الجامعي الذي يقوم باضراب على اشياء تافهة

  • الوليد

    انما الامم الاخلاق مابقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
    التربية اولا ثم التعليم
    ادبني ربي فاحسن تاديبي
    انك على خلق عظيم
    هذه القيم والمبادئ التي تنقصنا

  • جزائري

    التربية والأخلاق قبل كل شيء. إنما الأمم أخلاق إن هي بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا . فقوم النفس على الأخلاق تستقم. إذا أصيب القوم في أخلاقهم لفأقم عليهم مأتما وعويلا

  • جزائري

    مقالة في صميم الواقع الذي نعيشه ياحسين.موضوع مناسب في وقت مناسب. نعاني أزمة أخلاق في الجزائر وهذا منذ انتشار القنوات التي تحارب الأخلاق وتنشر الرذائل وقلة الحياء في المجتمع والوقاحة. لأن أغلب أطفال الجزائر يشاهدون كل ما يحلو لهم في القنوات التي أغلبها ماسونية وإن كانت تتكلم العربية ويشاهدون في الأقراص المضغوطة أفلام العنف والسرقة والاعتداءات . علينا أن نتحكم في وسائل الإعلام لا أن تتحكم فينا ونرجع إلى المسجد ودروس الأخلاق والتربية حتى ينشأ جيل يحترم والديه ومعلمه ويحترم الكبار

  • ابو اية

    قديما كان النلميذ يخفي امر ضربه من طرف المعلم لان االاباء السابقين كانوا هم الذين يحكمون والان تغير الامر والفاهم يفهم

  • الوليد

    شكرا لك الاستاذ حسين
    الا انك اهملت في المقال دور وزارة التربية في تنامي هذه الظاهرة الغريبة والدخيلة على المدرسة
    خاصة من حيث الجانب الامني داخل وخارج المؤسسات عندما ترسل مراسلة من الوصاية الى المؤسسات تمنع طرد او تاديب التلميذ مهما كان جرمه الى جانب غياب الحماية القانونية للمعلم والاستاذ اين اصبح مصطلح شهادة طبية من ولي التلميذ يخيف القائمون على التربية فكل من قدمت ضده شهادة يحاكم في العادلة ويعزل دون سابق انذار

  • غانم

    هذا ما أراده الوزير السابق،وقد تحقق.

    وهذا أيضا بسبب عدم إصدار قانون يحمي كل إطارات التربيةوللتعليم.

    الشيء الذي جعل المعلم أو الأستاذ يخاف على حياته.

    ومن أسباب انحطاط المستوى التعليمي :حيث أصبح المعلم

    الذي يضخم نقاط تلاميذه يكافأ بأحسن الجوائز وينظر إليه باحترام.

    بينما من يعمل بإخلاص ويعطي كل تلميذ حقه ، صار ينظر إليه

    من طرف زملائه ومن التلاميذومن المجتمع على أنه فاشل

    ( ما يعرفش يعلم). وقد يعاقب من طرف المديرية أو الوزارة.

    وهذا ظلم لا يغتفر. اللهم أصلح أحوالنا واهدنا سبل الرشاد.

  • Dr Mohna3li

    ما ترك لنا الكاتب ما نضيفه لقد ألمّ بكلّ الجوانب كعادته. بارك الله فيه.
    لقد ذكّرني في الأيّام التي كنّا نتوارى عن الأستاذ لكي لا يرانا في الشارع احتراما له وخوفا منه. فكان نتيجة ذلك جيل متعلّم و متربّي و جيل يشعر بالمسئولية. أمّا اليوم......
    من المسئول؟ التلميذ؟ الوليّ؟ الدّولة؟ أم الكلّ؟
    سؤال يستحق التّفكير و ينتظر الاجابة.

  • ابراهيم طوبال معمر

    لقد تقاسم اغلب الجزائرين عقيدة الناصبيين فيما يخص موضوع العلم و العلماء فاصبحنا مضحكة العالم بالافتخارنا بجهلنا و مع كل اسف الذي لن ينفع لم ندرك بعد بان الشعوب الاخرى ضحكت من جهلنا حتي الثمالة فمتي يا اخي العزيز حسين نعي و نستشعر ما هو قادم في ضل هذه المعطيات الجهنمية فلندعوا جميعا ربي يستر انا لست بانهزامي و لا بالمتاشئم بل ما تعلمته خلال مساري الدراسي و المهني بان 1+1=2 مع الاسف في بلادي ىساوى 0

  • djodjo

    خطا في المقال الشاعر هو احمد شوقي وليس حافظ ابراهيم

  • naadim

    بارك الله فيك يا استاذ لقرع

  • بدون اسم

    و النتيجة كما يرونها أصفار في أصفار =أصفار في كل الاتجاهات

  • Karim ulg

    تابع
    تربية الآباء قبل تربية الأبناء
    كانت مدرسة عمل الوالدة قريبة من مساكن أطارات أقوى قطاع الدولة.معظم من يأتي وحتى من العامة:كشما تسحقي راني في بلاسة فلانية. فتقول لاكان تزيدن في العمر برك!
    حتى البسطاء يقدمون قطع لحم العيد لأستاذ فاسد ثم يفضحونه آخر السنة.والذي تقاعد3تقارير للاكديمية-عندو معرفةو لد شهيد?-والذي أهان ابنة الشهيد الذي سميت عليه المدرسة وكانت عاملة منظفةونشطةو يستحيي منها الكل.هل يستاهل هكذا أولياء
    أن ينتقدوا. في رحلة بحثي على منصب أستاذ جامعي لم تنقطع النكت من قسنطينة للجلفة

  • Karim Ulg

    ولو أنني استيأست ولكن سأتكلم.أنا ابن معلمة.ضربني ذاتيوم أستاذ رياضيات فشج رأسي دما, فوعدتني أمي أنها ستأ تي معي لتو بخه. فقالت له تفادى الرأ س لحساسية الأعضاء.والباقي كل لحمه. عند الرجوع قالت لي اسمع بني لن يزيدوه في راتبه بضربه لك
    إنه أستاذ ممتازلا يحتمل رؤية تلميذ لم يفهم الدرس.مع الوقت تتحكم الاعصاب في المعلم والامراض
    بعد مدة (بدأ من 1965) أصبحت مديرة.ولي تلميذ دخل في عراك مع معلمة ابنه لعدم كفاءتها حسب قوله.لأنه أخذ ابنه لاخصائي سأله ماذا تريد أن تعمل:pilote
    الأب للمعلم: donc la faut fik

  • ahmed

    إنّ هذه الظاهرة الخطيرة لا بدّ لها من علاج على جميع الأصعدة،حيث أنّ الفرق الشاسع بين قيمة المعلّم بالأمس وقيمة المعلّم اليوم لها انعكاس على الوضع برمته .. في طريقة اللباس ..في التربية .في التعامل مع المحيط في ..فقد قال الإمام علي :ما هلك أمرئ عرف قدر نفسه .
    اليوم لا المعلم في مكان المعلم ولا التلميذ في مكان التلميذ وهو ناقوس الخطر إن لم نسارع كل في موقعه من أجل إيجاد الحلول المناسبة وإعادة المياه إلى مجاريها .
    لماذا لم تأت موبيليس بمعلم متقاعد لتبارك انطلاق الجيل الثالث ؟
    ربّما قد تتغير النظرة

  • الجزائرية

    أزمة القيم هي سبب بلائنا.لأن العلم موجود والحمد الله ونترحم على شهدائنا الذين حرروا الوطن وهانحن نتنعم بتعميم التعليم وفتح المراكز و الجامعات في حين لا يضمن جيراننا سوى محو الأمية.ومع ذلك لانرى لكل هذه المجهودات أثرا على سلوكنا كمجتمع فالكل يسب ويشتم ولا يتورع في ذلك فيمس حتى الرموز وهذا أمر خطير في حق الأجيال التي تتمرد بفعل تأثرها بهذا الخطاب المنحط في كل مكان البيت المسجد وسائل الإعلام ,لقد أصبحنا نموذجا لقلة احترام بعضنا.قال لي معلم: خاطبني أحد الأولياء أمام ابنه بعجرفةو نعتني "بالطلاّب"

  • عبدالله

    لقد انقلبت الأمور رأسا على عقب:"قريني وأنا سيدك"