-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

طفلي دائم الملل والعصبية

تسنيم الريدي
  • 7906
  • 0
طفلي دائم الملل والعصبية
ح.م

طفلي يبلغ من العمر أربع سنوات، أسعى لتربيته بطريقة صحيحة من جميع النواحي، قبل ثلاثة أشهر بدأت أعرض له ألعاب الكمبيوتر، وأجلس معه لأعلمه كيفية الدخول واللعب، ولا أتركه بمفرده ليلعب، بل أشاركه، لكنه بعكس الأطفال من حوله يمل بسرعة شديدة من هذه الألعاب، ولا يستطيع الجلوس أمامها لأكثر من دقائق معدودة، كما أمارس معه بعض الألعاب التعليمية المختلفة، إن صادفته لعبة تصعب عليه يصرخ بعصبية شديدة، ويثور ويقوم فوراً ولا يكرر المحاولة، هل ابني مصاب بتشتت الانتباه؟ فطفلي الأكبر لم يكن كذلك على الإطلاق، وما هي الكتب التربوية المفيدة التي تنصحيني بقراءتها؟

مريم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

السلام عليكم يا مريم، أهلاً وسهلاً بك معنا على صفحات جواهر الشروق، والله أسأل أن يعينك على تربية ابنك، وأن يجعله ذخراً للإسلام والمسلمين.

جميل منك هذا الحرص على تربية أطفالك تربية سليمة، فكثير من الأمهات تحب ذلك لكنها لا تطبقه، لكن يبدو أنك تدركين جيداً أن تربية الأبناء طريقها طويل وشاق لكن ثمرتها كبيرة وتستحق التضحية، ويعد الصبر أحد أهم مفاتيح نجاح تربية الأطفال في حال أراد الوالدان زرع القيم الجيدة بداخلهم.

شخصيات الأطفال متباينة يا مريم، وما يصلح لطفلك الأكبر قد لا يصلح للطفل الأصغر، بل أن لكل طفل أسلوب تربوي وطرق تعامل مختلفة عن الآخر، فمن الأطفال من يميل إلى الهدوء والعزلة وعدم الاختلاط وتحاشي الصلات الاجتماعية، ومنهم من يتميز بالنشاط والميل إلى مشاركة أقرانه في نشاطهم وأعمالهم، ومنهم من يتميز بالانفعال المتغير والشعور الرقيق والمهارة الحركية والذكاء، ومنهم من يتميز بالعصبية وسهولة الاستثارة والغضب وعدم الاستقرار، ومنهم من يعتمد اعتماداً كلياً على والدته في اللعب، ومنهم من يفضل اللعب والابتكار وحده أو مع أقرانه، وقد تكون نفسية الطفل مزيجاً من هذه الصفات كلها، وحسب معاملتنا له ومعالجتنا لسلوكياته تتشكل شخصيته التي يُعرف بها في المستقبل، ولهذا كان لابد للوالدين أن يدركا أهمية تربيتهما ومعالجتهما لسلوكيات أطفالهما حتى يصنعوا منهم أفراداً ناجحين مميزين أسوياء.

ويؤكد المتخصصون أن الطفل في سن الرابعة تبدأ لديه ثورة السلوك، فيصبح مزعجاً لأهله بحركته وعناده ، وعدم سيطرتهم عليه، ويكون سريع الملل وعصبياً يثور بسرعة، سواء ثورة حركية ولفظية، أو ثورة في علاقاته مع من حوله، فهو يعاند أباه وأمه ويستهين بأوامرهم وتوجيهاتهم وعقوبتهم، لكن خلف كل هذه الصور السلبية تختفي ميزة رائعة ومهمة جداً هي ثقته في نفسه وفي استقلاله وأن له إرادة، هذه الثورة المؤقتة في سلوكه هي ولادة الثقة في نفسه، ومظاهر تعامله الجديد معها، لذلك يحتاج إلى هذه الثورة المؤقتة كما نحتاج نحن للإرادة والثقة في أنفسنا.

حاولي تهذيب هذه الثورة لكن لا تقمعيها؛ لأن الحزم الزائد سيؤدي إلى مزيد من العناد، وتتأكد هذه الصفة عنده متى ما كان الوالدان إيجابيين في نظرتهم لهذا التمرد، واستقبلوه على أنه بناء لشخصية طفلهم، وأنه ليس له أي علاقة بسيادتهم على البيت ارتاحوا وكسبوا كثيراً، وكسبوا شخصية قوية لابنهم، وعلاقة أقوى معه مقابل قليل من الصبر في مدة بسيطة مؤقتة.

 ويؤكد المتخصص التربوي د.شحاتة محروس في سلسلة (طفلك من الميلاد حتى ست سنوات) أساليب التعامل مع أمثلة أخرى من العناد، ويمكن الرجوع إلى تفاصيل أكثر في أساليب ضبط الطفل في هذا العمر وغيره في كتاب (كيف تعالج متاعبك من سلوك ولدك) للدكتور محمد الحجار.

ويمكنك يا مريم تخفيف عناد ابن الرابعة بإعطائه مساحة أكبر من الحرية وتقريب الألعاب الهادئة كألعاب الذكاء التعليمية والقصص المناسبة لعمره، ويتوقع خبراء التربية أن هذه الثورة تهدأ وتنتهي في سن الأربع سنوات ونصف تقريباً إلى خمس سنوات بشرط حسن التعامل والتوجيه والتكيف.

سن الرابعة هو المتوسط المتوقع لمرحلة ثورة الطفل السلوكية، أو مرحلة التمرد والعناد، وهي مرحلة مؤقتة طبيعية وهامة للطفل رغم صعوبتها، فعليك بالصبر والحلم والهدوء في تعاملك مع طفلك في هذه المرحلة، ولا تتضايقي من عدم اهتمام طفلك باللعب معك؛ لأن هذه المرحلة كما ذكرت لك سابقاً هي فترة الثورة السلوكية لديه، ومن أعراضها العصبية والملل، لذا ركزي على ألعاب الذكاء السريعة التي لا تحتاج إلى وقت طويل لمزاولتها، ولا تنسي أن تمتدحيه وتثني عليه في حال الإنجاز، واحذري أن توبخيه أو تعاقبيه بصرامة إن أخطأ لأنه سيقابل عقابك بعناد وإصرار على تكرار الخطأ، فهو يحاول أن يلفت نظر والديه بارتكابه للأخطاء، لذا لا تحققي له هذا المطلب وتجاهليه، وحاولي أن تغيري الموضوع باستغلال أقرب فرصة يقوم فيها بعمل جيد حتى تعطيه الشكر والاهتمام والثناء فتشبعين حاجته للاهتمام به.

وبخصوص شكك في أنه يعاني من تشتت الانتباه، فهذا مستبعد لا تقلقي، لكن في حال كان طفلك يجد صعوبة في التركيز على نشاط ما لفترة طويلة، فإن إشراكه بنشاط معين يعد من الأمور الصعبة التي تتطلب جهدا مضاعفاً، فمن المناسب في هذه الحالة تعليم الطفل أهمية الإنجاز في الحياة، وإخباره عن أهمية إكمال نشاطه حتى النهاية، ويمكن لطريقة المكافآت أن تنجح هنا أيضا، حيث يمكن منح الطفل شيئا يحبه في حال أكمل نشاطه حتى النهاية، كما ويمكن أيضا البحث عن النشاطات التي يحبها الطفل؛ كالرسم مثلا، وجعله يمارس هذا النشاط لأطول فترة ممكنة من أجل تعويده على التركيز بشكل أفضل.

وعموماً يا مريم فإن بعض الأطفال لا يُعلّمون كيفية اللعب بمفردهم، إن كان طفلك من هؤلاء، يمكنك أن تساعديه من خلال المشاركة في نشاطاته. قد يبدو لك الأمر متناقضًا، ولكن إن أردت أن تعلمي طفلك أن يلعب بمفرده، لا بد أن تشاركيه في أول الأمر.

ابدئي بنشاط معه وساعديه في البداية ثم انسحبي، وإذا بقيت في نفس المحيط يمكنك من بعيد أن تعطيه الملاحظات، ومن خلال متابعته بمفرده، يبدأ طفلك بتعلم اللعب والإبداع من تلقاء نفسه، سيشعر بثقة إضافية بقدراته ونموّ استقلاليته، ويمكنك أيضًا أن تقترحي عليه أن يرسم، وهذا سيعطيه حافزًا إضافيًا، وعندما تزداد ثقته بنفسه، يمكن لطفلك أن يلعب بمفرده في لعبة أخرى، ولا يشعر بالحاجة إلى اللعب تحت إشرافك.

أما عن الكتب المفيدة في مجال تربية الأبناء فهي كثيرة جداً ، منها كتاب الطفل من الولادة إلى سن الخامسة للكاتب عزمي أحمد ضمرة ، وسلاسل الدكتور ياسر نصر والدكتور حاتم آدم.

تمنياتي لك بالسعادة والتوفيق

للتواصل معنا:

fadhfadhajawahir@gmail.com

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!