-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سرير القبة آخر ما ترك آل عثمان في الجزائر

 عائلات عريقة تحتفظ به منذ مئات السنين

فاروق كداش
  • 2705
  • 1
 عائلات عريقة تحتفظ به منذ مئات السنين
ح.م

تمشي العروس في استحياء وخجل نحو مضجع الزوجية، وتجر معها آمالها وأحلامها، تنزع خيط الروح، وتفك محرمة الفتول، فتنسدل جدائلها المخملية، تفتح “فنيق” الذهب لتخفي كرافش بولحية والسبيعيات.. وفوق سريرها الحريري تخلد إلى نوم العذارى تحت قبة من حرير… إنها أول ليلة في بونك القبة الملوكي.

من بقية ما ترك آل عثمان ‪… سرير القبة، أو سرير الناموسية، أو سرير العروسة، الذي تحتفظ به العديد من العائلات العاصمية، خاصة في القصبة، أصله إيطالي، وهو مستوحى من سرير البالدكان المشهور عند الملوك والأثرياء.. والكلمة مستوحاة من الإيطالية بلداكو، وتعني بغداد، حيث كان يأتي الحرير الذي تصنع به قبة السرير…

أغلى سرير في مزاد التحف

لكن دخلت على بونك القبة العديد من التغييرات، كالمادة المستعملة في صنعه، وهي الحديد المطرق أو المطوّع حسب الذوق والاستطاعة.. ‪وتتميز الرسوم بحركاتها الانسيابية وبعض التزيينات من عناقيد العنب والورود في سرير القبة الموجود في متحف باردو. أما سرير القبة في قصر خداوج العمياء، فيتميز باللآلئ المتدلية والهلال الذي يعلو القبة، وشباك أمامي مصنوع بحرفية عالية.

سرير القبة تحفة لا تضاهى، فهو يعكس الصناعة التقليدية الجزائرية المتأصلة رغم اندثارها في السنوات الأخيرة… وتعد الأسرّة المعروضة في المتاحف هدية من أسر قصباجية عريقة، أما بعض العائلات فتعرض أسرّتها نادرا للبيع، وقد يصل سعر الواحد منها حسب دليل متحف الفنون التقليدية إلى 20 مليون سنيتم، وهو حسبه ثمن قليل لسرير عريق ومتقن الصنع.

 امرأة فوق سرير الملوك

 ويزين سرير القبة بالناموسية، وهو قماش خفيف من التول في الكثير من الأحيان، للحماية من لسعات الناموس وإزعاج الذباب‪، أما شراشفه، فهي من الحرير والقطن، مزدانة بالتطريزات القديمة، كغرزة الصليب والبرودي الذي تبدع فيه أنامل اللالات.

ويرتفع سرير القبة على علو مترين، أما تحته، فمساحة واسعة لا يختبئ بها الأغوال بل توضع الحاجيات المهمة و”المايدة” أو “سكنبلة” (نوع من الموائد الصغيرة).

وحسب لالة دوجة، المقيمة إلى حد الآن في القصبة، فإن النساء كن يعدن دهن سرير القبة في كل ربيع، إما باللون بالذهبي أو الفضي، ويعدن تطريح السرير وصنع شراشف جديدة بتطريزات جديدة… أما الأواني النحاسية فتلمع من جديد من طرف الفتيات الصغيرات بالليمون.

 وعادة ما يوضع سرير القبة في أحد جوانب الغرفة الطويلة، ويحتل تقريبا كل عرضها، وتزين باقي الغرفة بالزرابي والهيدورات و”بونك القعاد” وشورة الكمخة و”السني” النحاسي بأرجله الخشبية… ولكل سرير خزانة خشبية، يطلق عليها اسم “صندوق العروسة”، حيث تضع جهازها، ومن خلال زيارتنا إلى المتحفين سابقي الذكر، عثرنا على مجموعة منها في غاية الجمال من صنع الحرفيين الراحلين، مصطفى بن دباغ ومحمد بوعكاز، وفوق المرافع نجد حاجيات العروس، مثل “فنيق” المجوهرات ومشط “الكراطة”… ومن بين التحف التي كانت تزين الغرفة قرب سرير القبة لوحة البراق، التي كانت من اللوحات الأكثر رواجا في زمن القصبة المجيد.

مستعمر على سرير الخيانة

يؤكد بعض المختصين في التحف والآثار أنه كان في الجزائر قبيل الاستعمار الغاشم 15 سرير قبة مصنوعة من البرونز الخالص وليس الحديد، وقد تمت سرقتها من طرف المستعمر الفرنسي، ولم يظهر لها أثر بعد ذلك. ويقول عمي سحنون، تاجر التحف القصباجية، إن بونك القبة فقد من ألقه واختفت مراياه وقبته تدريجيا. أما السيدة “نظام الملك”، وهو اسم عثماني بحت، فتقول عن سرير القبة: “ورثت بونك القبة من والدتي، التي ورثته من أمها، ولدي الآن ٣ أسرة يزيد عمرها عن مائة سنة، وقد أعدت ترميمها رويدا رويدا، ولا يحلو لي النوم إلا فيها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • قناص

    يا حفار القبور أحفر بالنية و ماترميش التراب على حيزية ?
    الفاتحة و خاتم و شوية دراهم و الله يجمع في الهناء و السعادة...لا خيط الروح و لا هم يحزنون ?