-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وفاة زوجته كانت المنعرج .. وناقش الدكتوراه برئاسة مرتاض

عامان عن رحيل الشاعر عثمان لوصيف الذي أبدع وغادر في صمت

صالح سعودي
  • 898
  • 1
عامان عن رحيل الشاعر عثمان لوصيف الذي أبدع وغادر في صمت
ح.م

لم يتوان الكثير من المثقفين والمبدعين، في تذكر مناقب الشاعر عثمان لوصيف، تزامنا مع مرور الذكرى الثانية لوفاته، المصادفة ليوم 27 جوان، إثر متاعب صحية أدخلته مستشفى بن ناصر ببسكرة، ليفارق الحياة عن عمر يناهز 67 سنة، تاركا وراءه إرثا وأثرا طيبا في الجانب الإبداعي والأكاديمي، ناهيك عن مناقشته أطروحة دكتوراه، شهر أكتوبر 2016، في الأدب العالمي، برئاسة الناقد عبد الملك مرتاض.

مر الشاعر عثمان لوصيف بمتاعب صحية ونفسية في حياته، إلا أن ذلك لم يمنعه من الوفاء لمساره الإبداعي ومشواره الأكاديمي في صمت، إلى غاية رحيله عن هذا العالم في صمت، يوم 27 جوان 2018، وعلاوة عن بروزه اللافت كشاعر، فقد نال تقدير الكثير من النقاد والدارسين، حيث وفق يوم 16 أكتوبر 2016 في مناقشة أطروحة دكتوراه بجامعة السانية بوهران، حول الأدب العالمي بعنوان: “التجربة الشعرية عند ج.ن.ارتور رامبو”، أمام لجنة متشكلة من الدكاترة الطاهر بلحيا مشرفا وعبد الملك مرتاض رئيسا، وعبد النّاصر اسطنبول ومحمّد بلّوحي ولخضر بركة ومحمّد السّعيدي كأعضاء مناقشين، حيث منحت له شهادة الدّكتوراه بدرجة مشرف جدا مع إذن بالطبع.

يجمع الكثير من الذين عرفوا عثمان لوصيف على حجم المتاعب التي واجهته في حياته، إلا أنه ظل حسبهم وفيا لصموده العصامي. فرغم انقطاعه عن الدراسة، إلا أن ذلك لم يمنعه من العودة ومواصلة المسيرة، والأكثر من هذا، فقد كبر شعره وهو لا يزال في مرحلة الليسانس، بدليل إصداره ديوانا شعريا حين كان طالبا في جامعة باتنة، مطلع الثمانينيات. وفي هذا المجال، يقول الإعلامي سليمان بخليلي: “عرفتُ الشاعر الكبير عثمان لوصيف في جامعة باتنة عام 1982، حين التحقتُ بها طالباً بكلية الآداب، وقد كان هو في عامه الرابع يستعد للتخرج في دفعةٍ هي أقوى دفعات جامعة باتنة في تاريخها على الإطلاق، حيث ضمّتْ أسماء أدبية سامقة حصل أصحابها على منح دراسية في أعرق الجامعات العالمية في باريس والقاهرة ولندن، ونشر بعضهم مؤلفات وهم بعدُ طلبةً في مدرّجاتها”.

ويعد الشاعر الراحل عثمان لوصيف من مواليد 5 فيفري 1951 بطولقة، التابعة إداريا لولاية بسكرة، وقد تلقى تعليمه الابتدائي وحفظ القرآن في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد الإسلامي ببسكرة الذي تركه بعد 4 سنوات، ليواصل دراسته معتمدًا على نفسه، ما مكنه من الحصول على شهادة البكالوريا، ليلتحق بمعهد اللغة والأدب العربي بجامعة باتنة وتخرج عام 1984، ثم انخرط في سلك التعليم لسنوات طويلة، حيث عمل أستاذا للأدب العربي في الطور الثانوي، ثم أستاذا مشاركا بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة.

وحسب الذين عرفوه، فقد أحب الموسيقى والرسم منذ طفولته، وبدأ نظم الشعر في سن مبكرة، كما قرأ الأدب العربي قديمه وحديثه وكذا الآداب العالمية.. ومن بين الدواوين الشعرية التي أصدرها نجد: الكتابة بالنار 1982، شبق الياسمين 1986، أعراس الملح 1988، في الوقت الذي حصل على الجائزة الوطنية الأولى في الشعر 1990. وعلى ضوء هذا البروز، فقد أنجزت حول تجربته الشعرية العديد من الدراسات ومذكرات الليسانس والماجستير، كما كتب عنه بعض الأدباء والنقاد، مثل إبراهيم رماني في كتابه أوراق في النقد الأدبي 1985، وميلود خيزار في مجلة المجاهد 1988 وعز الدين ميهوبي في بعض مقالاته وإصداراته وغيرهم.

ومن بين الذين عرفوا الشاعر الراحل عثمان لوصيف، خلال فترة الدراسة الجامعية، وزير الثقافة السابق عز الدين ميهوبي، وبالضبط في قسم الأدب واللغة العربية بجامعة باتنة نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات، حيث يقول في بعض كتاباته عن عثمان لوصيف: “كان أوّل لقاء بيننا في عام 1979 بباتنة، حين سمعت منه “لامية الفقراء”، فبدا لي أنّه شاعر لا يسعى إلى مجد أو شهرة، لكنّه يسعى إلى أن يجد في الناس من يسمع شعره فيحبّه. يكتب باستمرار، وما يدخل جيبه باليمنى ينفقه باليسرى في طبع ديوان جديد، حتّى بلغت خزانته ثلاثين مجموعة شعرية أو أكثر”.

وقال ميهوبي عن عثمان لوصيف بأنه كان منجذبا إلى زوجته بوفاء نادر، فيذكرها في قصائده، ويضع صورتها على أغلفة مجاميعه الشعرية، وحين وافاها الأجل، رحل عن المكان، لتكون ظلاّ له أينما حلّ وارتحل، كما أشار ميهوبي إلى قصة إصدار عثمان لوصيف ديوانه الأول “الكتابة بالنار” عام 1982، وفي هذا يقول عز الدين ميهوبي: “صدر ديوانه الأول بتصريح لي: “عثمان لوصيف هو أمير الشعراء في الجزائر”، فانزعج أشباه الشعراء، لأنّهم لم يدركوا ذلك إلاّ بعد ثلاثين عاما من مكابدات عثمان الأسمر الطيب، ولم يفهموا شيئا إلا بعد أن وجدوا أنفسهم أمام شاعر مكتمل الموهبة، يمنح الشعر كلّ حياته، ولا يستجدي أحدا في أن يُوجِدَ له منبرا لينتزع اعتراف الناس بقدرته، وهو الذي يحقّ له أن يصدر أحكامه على من يشتغلون في حقل القصيد.

من جانب آخر، فقد حاول أكاديميون ومبدعون من عدة جامعات، نفض الغبار عن التجربة الإبداعية للشاعر الراحل عثمان لوصيف، وهذا خلال ندوات وملتقيات دراسية، على غرار ملتقى أقيم العام الماضي في جامعة بسكرة، وكذا اليوم الدراسي الذي نظمته جامعة باتنة 1 منذ عامين، بالتنسيق مع مخبر أبحاث في التراث الفكري والأدبي بالجزائر والمكتب الولائي باتنة لبيت الشعر الجزائر، وذلك بعد نحو 6 أشهر عن وفاته، حيث تم مناقشة جماليات الخطاب الشعري عند عثمان لوصيف، والبعد الصوفي لصورة المرأة في شعر عثمان لوصيف، وكذا أدب التصوف في شعر عثمان لوصيف، وتجليات الرمز في شعر عثمان لوصيف، في الوقت الذي أكدت الدكتورة سليمة مسعودي من جامعة باتنة على مكانة الشاعر الراحل عثمان لوصيف ضمن الأجيال المبدعة من الطلبة الذين تخرجوا من “العرقوب” بباتنة الذي اعتبرته بمثابة المعلم الذي لازم دفعات الطلبة لعشريات متتالية، فيما دعا الكثير إلى إعادة نشر أعمال الشاعر عثمان لوصيف الشعرية والعلمية، والحرص على توزيعها على دور الثقافة والمكتبات الوطنية ومكتبات الجامعات عبر كامل التراب الوطن، وكذا إقامة مهرجان سنوي للشعر الجزائري يحمل اسم الشاعر عثمان لوصيف، يضم ندوات نقدية ولقاءات ثقافية وإلقاءات شعرية، يخصص فيه الاهتمام الأكبر للشاعر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مهتم

    رحم الله الشاعر عثمان لوصيف. هذا هو حال المثقفين في بلاد الجهال، لو كان من أيطال ثقافة التفاهة ( لاعب كرت قدم، مغني استعراض، مهرج،..) لكانوا صدعوا رأسنا بعبقريته. بكن للأسف هذا هو الحال.
    الخطأ أحمله لأصدقاء الرجل و المثقفين و المهتمين يالثقافة ،خاصة الصحافة الثقافية . يجب الإكثار من المقالات التعريفية بالرجل و شعره و بكل الوسائل الممكنة.