-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن رحيل الداعية الدكتور حسن رمضان أحمد فحلة

عن رحيل الداعية الدكتور حسن رمضان أحمد فحلة

غادر دنيانا الفانية صبيحة يوم الاثنين 03/01/2022م الموافق 29/ جمادى الأولى/1443هـ بقسنطينة الشيخ الداعية الأستاذ الدكتور حسن رمضان فحلة السوري الجزائري معا، فما عاشه وقضاه في الجزائر من العمر يقترب من خمسين سنة. وقد وُلد الشيخ فحلة يوم 25/01/1940م في بمدينة حماة بالقطر العربي السوري، ووالد الشيخ (أحمد) من صلحاء حماة، وأمه السيدة بديعة البيطار الحموية.

وقد كانت ولادته وسورية رازحةٌ تحت ظل الانتداب الفرنسي 1920-1946م والشعب السوري في تململ وثورة ضد المحتل الفرنسي، الذي رفض منح سورية الاستقلال، والحرب العالمية الثانية يومها على أشدِّها، وسورية خاضعة بشكل مباشر لجيوش الاحتلال الفرنسي، والطبقة السياسية تحاول عبر المفاوضات جلب شيء من الاستقلال الذاتي لسورية.

وقد اعتنى والدُه أحمد بأبنائه جميعا، وكان حريصا على أن يكون ابنه (حسن) من حملة وحفظة كتاب الله تعالى عندما يصبح شابا. ولحرصه عليه فقد سجّله في مدرسة ابتدائية خاصة تسمى (دار العلم والتربية)، حتى صار التلميذ (حسن) من بين التلاميذ المتفوقين والمجتهدين طيلة المرحلة الابتدائية، وتخرّج منها في عداد التلاميذ الأوائل.

وفي المدرسة الخاصة نفسها (دار العلم والتربية) تابع دراسته الإعدادية طيلة أربع سنوات، كان فيها من المتفوِّقين، إلى أن تخرج منها في العام الدراسي 1955-1956م يحمل شهادة التعليم الإعدادي (المتوسط)، محافظا على مسيرته التعليمية المتفوقة علما وخُلقا. وبعد أن نال شهادة التعليم المتوسط التحق بثانوية ابن رشد الرسمية بحماة في العام الدراسي 1956-1957م في السنة الأولى من التعليم الثانوي في الفرع الأدبي، وفيها زوّجه والدُه من ابنة عمه، إلى أن نال شهادة البكالورية سنة 1959م بتفوُّق. وفي سنة 1960م نال جائزة الجمهورية العربية المتحدة من قبل الرئيس جمال عبد الناصر.

وقد اجتمعت جملة من المؤثرات التي صاغت شخصيته وأهمها: 1 – إتِّباعُه العلماء والمشايخ وعلى رأسهم الشيخ الداعية العلامة المجاهد (محمد الحامد). 2 – الوعي القومي بالقضية الجزائرية والفلسطينية، ولاسيما بعد لجوء عشرات الآلاف من الفلسطينيين نحو سورية واستقرارهم في ضواحي المدن السورية في مخيمات الشتات، التي تحولت لاحقا إلى تجمعات سكانية مهولة. وكان الشيخ من بين الشباب العربي الذي تأثر بحال وواقع فلسطين وإخوانهم الفلسطينيين. 3- قيام الجمهورية العربية المتحدة 1958-1961م. 4– فشل تجربة الوحدة العربية وانفصال خريف 1961م. 5 –كان للمحن والمصائب التي حلّت بالشيخ حسن دورُها وتأثيرُها الفعّال في تكوينه وتربيته وإعدادِه بهذا الشكل القادر على تحمُّل الشدائد والمصائب، وتلقّي الصدمات والمصاعب.. ولاسيما بعد أن قضت زوجته وأبناؤه الخمسة نحبهم سنة 1982م تحت الأنقاض بحماة بعد أن دمّرها الجيشُ السوري وأحالها إلى أنقاض.

وبعد حصوله على شهادة الباكلورية تقدّم بطلب لدار المعلمين بحلب لاجتياز مسابقة القبول للدراسة في الصف الخاص لسنة واحدة، وكان الفائز الأول في دار المعلمين للعام الدراسي 1959-1960م بحلب. وبعد قبوله للدراسة في دار المعلمين بحلب على نفقة والده الخاصة، نجح في المرتبة الأولى، وكانت التقاليد الحكومية تقضي بأن الناجح الأول يُعيَّن في مدينته أو يُعطى منحة لمتابعة دراسته في الجامعة. ولكنه لم يحظ لا بالمنحة والدراسة الجامعية، ولا التعيين في بلدته ومسقط رأسه، وعُيِّن في محافظة الرشيد (الرقة)، وهي تبعد عن حماة ما يقارب ثلاثمائة (300) كلم، وأثناءها سجّل في جامعة دمشق في كلية الحقوق، ثم انتقل إلى كلية الشريعة ابتداء من العام 1962-1963م حتى تخرّج من جامعة دمشق من كلية الشريعة في العام 1965-1966م، والتحق إثرها في العام الموالي بكلية التربية وعلم النفس، وأمضى سنة دراسية كاملة تخرّج فيها بشهادة (الدبلوم العامّ في التربية وعلم النفس)، وفي العام الدراسي 1967-1968م تابع الأستاذ حسن الدراسة في كلية التربية وعلم النفس للحصول على “الدبلوم الخاص” تخصّص قسم (الإدارة والتفتيش الفني)، أي: (إدارة وتفتيش)، وتخرّج في نهاية العام على أمل متابعة الدراسة في مصفّ الدراسات العليا الماجستير (تربية وعلم نفس) في الكلية نفسها، ولعدم وجود أستاذ مشرف يومها، وكان أساتذة الجامعة السورية ممن يحملون شهادة الدكتوراه قليلين جدا، مما اضطرّه للتسجيل في كلية التربية بجامعة عين شمس بمصر.

وتابع الشيخ حسن دراسته العليا بمصر في العام 1968-1969م وتم تسجيله في كلية التربية، ونجح في الدراسة النظرية في نهاية العام، وسجّل بحث الماجستير تحت متابعة وإشراف الأستاذ الدكتور (محمد أحمد الغنام) رحمه الله، وعنوانها (وظيفة التربية الدينية في بناء المجتمع السوري الجديد)، وقد طلب منه المشرف إعداد فصل للتربية الدينية المسيحية زيادة وشمولا في البحث، لأن المجتمع السوري به نسبة معتبرة من المسيحيين تقدَّر بخمسة عشر بالمائة تقريبا. ثم أشراف عليه الأستاذ الدكتور (محمد صديق عفيفي) رحمه الله، ولم يتسنَّ له مناقشة رسالة الماجستير إلا في معهد أصول الدين بالجزائر سنة 1995م تحت إشراف الأستاذ الدكتور مصطفى عشوي. وسجل رسالة دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية في الكلية نفسها، وناقشها في العام 2000-2001م.

وبدأ التدريس في سورية سنة 1960م بمدرسة القرين بمحافظة الرقة شبه الصحراوية، وفي ظروف عمل قاسيةٍ جدا، إذ كان هو المعلمَ والمدير في مدرسة تتكوَّن من حجرةٍ كبيرة من البيوت الطينية القديمة. ويقيم في مضافة مختار القرية إلى سنة 1962م، ومقابل صبره واجتهاده نال جائزة الجمهورية العربية المتحدة من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، وجرى الاحتفال بجامعة القاهرة، واستلم الجائزةَ وشهادة الامتياز من الرئيس، ونُقل بعدها إلى مدارس حماة وظل يدرّس فيها حتى سنة 1974م، منتقلا بين مدرسة وأخرى، من معلم إلى نائب مدير، إلى مدير..

وبنهاية العام الدراسي 1973-1974م اختارت وزارة التربية الشيخ حسن عن طريق مديرية التربية بحماة لإيفاده كأستاذ للعمل في الجزائر، التي كافأته بنيل جنسيتها سنة 1990م. التي ظل يدرِّس فيها حتى سنة تقاعده سنة 2020م. تنقل خلالها ما بين ثانوية فاطمة الزهراء بقسنطينة، ثم المعهد الإسلامي ببسكرة صحبة الشيخ (عمر دردور ت 2009م) حتى سنة 1985م، ثم في معهد الفنون بقسنطينة، ثم بكلية العلوم الإسلامية بباتنة سنة 1994م التي تقاعد منها سنة 2020م.

مازال الشيخ حسن يعمل ويدعو ويعِظ، وهو من رموز الكلية وأساتذتها الكبار، وحكمائها الخيّرين والمستنيرين، وما زال يدرّس ويعلّم ويفقّه ويوجِّه بالرغم من الثمانين من العمر، فكله همّة وشباب وحيوية وسماحة ويُسر.. وله من المواقف الكثيرة مع الرؤساء والزعماء وكبار العلماء وصار هو رئيس رابطة الجالية السورية بالجزائر.. وقد كان من كبار كتّاب جريدة “النصر” سنوات 1982-2000م. فليرحمه الله في الخالدين.

وفي الـ31 ديسمبر 1981م حضر ولداه أمجد وأنس إلى الجزائر قبل التحاق بقية أفراد الأسرة لمتابعة دراستهما في المدرسة الجزائرية، ولقيا كل حفاوة وتكريم من مدير المعهد الشيخ عمر دردور، وفي شهر جانفي 1982م قضت زوجته وأبناؤه الخمسة تحت القصف الذي دمَّر مدينة حماة، وبقي له مولودٌ صغير حيا تبنّاه أحد زبانية النظام السوري كابن له بعد أن اخرِج حيّا من تحت الأنقاض.. كما أخبرني الشيخ بذلك شخصيا.

وفي مطلع شهر سبتمبر 1982م، لم يُردْ أن يبقى وحيدا من غير زوجة، ولكن هيهات من تقبّل برجل صار ملاحَقا في بلده بتهمةٍ لم يرتكبها في حياته، ولديه ولدان يتيمان في سن الخامسة عشر، ولكن تلك المرأة المحترَمة خرّيجة جامعة دمشق من كلية الشريعة سنة 1979م قررت خوض التجربة والزواج بهذا الرجل وكفالة هذين الولدين اليتيمين، إنها الدكتورة فايزة اللبان الأستاذة بكية العلوم الإسلامية بباتنة الآن. هي نعم المرأة المسلمة في هذا العصر الذي عزَّ فيه وجودُ أمثالها.. وأقام رفقة زوجته الجديدة في أحد مهاجع الطلبة الفارغ مدّة سنة كاملة بالمعهد الإسلامي ببسكرة، على الرغم من المصاعب والمعوقات الحياتية الكثيرة، التي صبر عليها صحبة زوجته، وما ذلك إلاّ ابتغاء رضوان الله تعالى.

ومازال الشيخ حسن يعمل ويدعو ويعِظ، وهو من رموز الكلية وأساتذتها الكبار، وحكمائها الخيّرين والمستنيرين، وما زال يدرّس ويعلّم ويفقّه ويوجِّه بالرغم من الثمانين من العمر، فكله همّة وشباب وحيوية وسماحة ويُسر.. وله من المواقف الكثيرة مع الرؤساء والزعماء وكبار العلماء وصار هو رئيس رابطة الجالية السورية بالجزائر.. وقد كان من كبار كتّاب جريدة “النصر” سنوات 1982-2000م وكانت له رئاسة الصفحة الدينية بها وله سلسلة مقالات فيها تحت عنوان (السنة والبدعة) وقد رئس لجنة القراءة في دار الهدى لعين مليلة سنوات طويلة وعلى يديه خرجت الكثيرُ من الكتب الدينية والدعوية، وقد ترك أكثر من ثلاثين كتابا ومؤلفا، فليرحمه الله في الخالدين.

ابنك الروحي وحبيبك أحمد محمود عيساوي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • SOHBI

    صاحب كتاب السيرة الحركية اللهم ارحمه برحمتك الواسعة وآنسه برحمتك في قبره بعد وحشة الدنيا.