قانون الخارجين عنه
الحكومة وبرلمانها ونقابتها، سيعرفون كم كانوا بالغباوة بمكان، عندما فكروا بعقلية “الغاشي” الذي عليه أن يتقشف ليتركهم يعيشون البحبوحة المالية “بينهم”، فأضرموا النار في الأسعار، متناسين ردة فعل ” ليجون أنديجين”.
ثم جاء التعديل الدستوي، الذي لن يعمر أكثر من 15 سنة، بسبب الخياطة المرحلية التي حولته إلى “مرقعات”، بدايات ردود الفعل الشعبية، قد بدأت ولا يمكن أن تعود للخلف عجلة التاريخ! الأخطر من ذلك، أن العنف سيكون سيد الموقف إن لم تسارع “الإضارة” للتحكم العقلاني في إدارة الأزمة التي ستتولد عن هذه الجباية غير المدروسة من جيب المواطن! ممثلو السلطة كلهم دعوا الشعب كله إلى تحمل “مسؤوليته” كاملة! ودعوه إلى تربية النفس على ترشيد الاستهلاك! كل هذا في 24 ساعة!! طالبوا منه أن “يتربى” في 24 ساعة! (لم يترب حتى خلال 132 سنة!).
البدايات الأولى بدأت تظهر وعواقب هذه الإجراءات التعسفية في حق المواطن المغلوب على أمره، سنعرفها قبيل نهاية هذه السنة! ستكون هناك حتما ردود أفعال عنيفة ضد الغلاء! عنف فردي وجماعي! وقد بدأنا نسمع من حين لأخر أخبارا عن تشكل عصابات وسطوتها وتحالفاتها! وغدا، سنسمع عن تفاقم السرقات والاعتداءات، قلنا ذلك أكثر من مرة ونبهنا إليه ونعود: هذه الآلة التي تستعملها السلطة من أجل البقاء في السلطة، ستكون نتائجها عكسية تماما! سيتطور الانجراف نحو الانحراف، وننقل الناس من حالة الإحرام إلى الإجرام، وتتشكل جماعات “الأشرار” بدل الأخيار! وتصنيع الأسلحة البيضاء والنارية حتى في الدار! ستعمل المؤسسات الأمنية على تحمل العبء الأكبر في هذا العار! وستجد نفسها متجاوزة وغير قادرة على تحمل أعباء فشل الكرنفال! والحكومة والبرلمان، سيكونان في الأخير، هما القط الذي أراد أن “يتنمر” فاستأسد عليهما “الفار”!
نمت لأجد نفسي وقد مرت 6 أشهر على تطبيق “قانون العقوبات” الاقتصادية على “الغاشي” وقد فقدت متغيرات كثيرة كنت أتوقع أنها من الثواب! فقدت قدرتي الشرائية والكرائية! رميت القفة الكبيرة القديمة واتخذت قفة لا تحمل أكثر من كيلو ورحت أبرر ذلك للجميع: “الطبيب قال لي لا تحمل أكثر من كيلو! عندك “الروما” وعندك “الطيزم” بزوج!”. لكن “روما” اليدين، أهون من “طيزم” الجيوب!! سرقت أكثر من مرة وكدت أفقد عنقي بسكين بعدما سرقت مني عصابة مسلحة بالسواطير والسيوف في عز النهار وفي الشارع الرئيسي، كل ما كان في جيبي وجيوب حافلة بكاملها! صعدوا ملثمين وسلبوا كل من كان فيها واستولوا حتى على سلاح شرطي لم يستعمل مسدسه!. فقدت بعد ذلك ذوق التسوق! فلا قدرة لي على الشراء، ولا ذوق ولا مزاج لي في الخروج بسبب انعدام الأمن في الشارع وفي العمل! أما الغابة التي كنت أستمتع بها كل جمعة، فنسيتها، لأنها احتلت من طرف عصابات تفرض الإتاوات وتهدد بالسيوف والهراوات! والسبب هو الفقر بسبب الغلاء وانخفاض المعاشات! فقد تعوّد المواطن على استهلاك بدون حسبان، ولم “يترب” وخالف أقوال بن خالفة و”تغبى”، ورفض التقشف الذي كبده إياه برلمانه “الشعبي” وأبى! خوفا وطمعا.
التجار والمستوردين، “فرعوا” الأسعار رفعا منصوبا، غير مجرور! وتعالى تشوف من الرابح ومن الخاسر المضرور! لا أحد ربح والكل خاسر مشكور! لكن ربح الأقلية فاضح، لأنه كان على حساب خسارة موت الأغلبية الجائعة “المعظمة” كما لو كنا جوعى المحاصرين في سوريا المهدمة!
وأفيق، بعد أن نمت على فيلم جزائري: “الخارجون عن القانون”!