الرأي

قراءة سريعة في رسالة يأس

محمد سليم قلالة
  • 4736
  • 8

وصلتني رسالة مطولة من أحد القرّاء عبر البريد الإلكتروني كلها يأس في يأس، وتشاؤم في تشاؤم، أريد أن أعلّق عليها سريعا.. وقبل ذلك إليكم الخلاصة التي وصلَتْ إليها هذه الرسالة كما كتب صاحبها في آخر فقرة:

“من اليوم سأُسمع الجميع ما يحبّونه، سأفعل الواجب عمله خطأ كان أو صوابا، ولن يكون اهتمامي مُنصبا سوى على مصالحي الشخصية، وتغور الأخلاق والمبادئ والرأي الشخصي في ستين داهية.. ثلاثون ربيعا ومازلنا خلف الخط وننتظر أن يلتفت إلينا أحد، هؤلاء الأوغاد، من اليوم قررت أن أبيع هذه الأخلاق، وأن أشتري مصلحتي، لكم ما تريدون ولي ما أريد.. الأمور بسيطة جدا ونحن نعقّدها”

تعليقي يقول:

هذا الشاب بلا شك هو صاحب أخلاق فاضلة، يُحب أداء واجبه، ويتفانى في خدمة الآخرين… إلا أنه بعد ثلاثين سنة مرت من عمره اكتشف بأنه يعيش في مجتمع تحوّل عن هذه القيم، اكتشف أن أخلاقه وتفانيه، حبه للآخرين والعمل لأجلهم وانتظار أن يعترفوا له بالجميل أو يعترفوا له بالمكانة لن يحقق له شيئا، فكتب منتقما يحاول أن يقنع نفسه بتغيير مسار حياته إلى عكس قناعاته، أي كتب يائسا مما حوله، من محيطه، ومن المجتمع… وهي أخطر حالة نخشى أن تعم شبابنا، وتعم جيلا كاملت من أبنائنا. أن يفقدوا الأمل في كل شيء حولهم، ويصبحوا في حالة انتظار لأية إشارة معادية من خارج محيطهم ليتبعوها… ثم يطلقوا عليها اسم  حركات تمرد أو ثورات أو فوضى تحكمها خصائص واحدة بلا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ، أي يحكمها أمر واحد هو “شراء المصلحة” كما عبّرت عن ذلك الرسالة…

وهي حالة من اليأس لا شك فيها، ليس أمامنا سوى أن ننبّه إلى خطورتها اليوم قبل الغد، ذلك أن الجيل اليائس لا يمكنه أن يَبني، ولا أن يقوم بالإصلاح.. الجيل اليائس ليس أمامه إلا التخريب العشوائي غير الواعي والذي لا منطق له.

ومن هنا يصبح مطلب زرع الأمل وإعادته كحقيقة لا كأوهام، ليس أمنية فردية لفرد أو أسرة أو حتى مجتمع ضيّق، إنما هو مسألة إستراتيجية لها علاقة بالمصلحة الوطنية العليا، وبأمننا القومي، ينبغي أن تقوم على سياسات مدروسة، ومن خلال رجال ونساء يمكن للناس أن يثقوا بهم، في أخلاقهم وفي كفاءاتهم وفي وطنيتهم، ودون القيام بذلك على كافة المستويات، فلنتأكد جميعا أن مثل هذه الرسائل ستكون عنوان جيل يضرب بكل القيم عرض الحائط، ليحطّم كل شيء من حوله ويحطم نفسه…

فلنعمل معا حتى لا تتحول هذه الإشارة الحاملة للمستقبل إلى طوفان يعم الجميع.

مقالات ذات صلة