كرة اليد فقدت شعبيتها في الجزائر بعد أن كانت الرياضة الثانية

اهتمام رئيس الجمهورية وعامة الجزائريين بالمباراة الافتتاحية للخضر في بطولة العالم الدائرة في مصر في لعبة كرة اليد، ردّ لهذه اللعبة بريقها المفقود ولكن لبعض الوقت وليس كله، لأن كرة القدم خطفت الآن وبشكل كبير وكامل الشعبوية الخاصة بالرياضة، وصارت اللعبة المتابعة والممارسة والمحبوبة ليس الأولى فقط، وإنما الوحيدة.

عشق الجزائريون كرة اليد في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي لعبت في الجزائر في سنة 1975، وبالرغم من أنهم لم يتوجوا بأي ميدالية في تلك الدورة التي شارك فيها منتخب يوغوسلافيا ذي الصيت والقيمة العالمية وأيضا إسبانيا وإيطاليا، إلا أن الناس رسخ في أذهانهم الحارس الأسطورة للعبة الهاشمي ولمجداني وصياد ومخناش وخاصة صاحب الرقم عشرة عمارة.

ولمن لا يعلم فإن المنتخب الجزائري لكرة اليد حاليا في مصر يشارك للمرة الخامسة عشرة في المونديال، بينما لم يشارك منتخب كرة القدم إلا في أربع مناسبات فقط، بل إن منتخب كرة اليد شارك لأول مرة في كأس العالم في سنة 1974 أي بعد 12 سنة فقط من استقلال الجزائر وكان أول مونديال تلعبه الجزائر في الرياضات الجماعية، وحتى وإن كان الخضر في تلك الدورة التي لعبت في ألمانيا الديمقراطية لم يحققوا أي فوز أو تعادل وخسروا في المباريات الثلاث وبفارق خمسين هدفا في مجموعها، فإن رتبتهم 15 من ضمن 16 منتخبا كانت نتيجة مقبولة لمنتخب يلعب المونديال لأول مرة.

وبقي اللقب الإفريقي مستعصيا على الخضر لصالح تونس، إلى غاية سنة 1981 عندما انتزعوه وحافظوا عليه في سنوات 1983 و1985 و1987 و1989 أي لخمس سنوات على التوالي، ثم فازوا به مرتين ولكن في دورتين لعبتا في الجزائر في سنة 1996 وفي سنة 2014، وللأسف صار الفارق الفني بين الخضر وتونس وأيضا بين الخضر ومصر واسعا جدا، إلى درجة أن الجزائر في دورة 2018، احتلت المركز السادس في القارة السمراء في فضيحة يتحمّل أسبابها الجميع بما فيهم الدولة التي أهملت اللعبة وأفقدتها روحها وشعبيتها، وكل القاعات التي تمارس فيها كرة اليد وعلى رأسها قاعة حرشة مضى على إنجازها نصف قرن، من دون أن تنجز الجزائر قاعات خاصة بلعبة كانت تجلب الجماهير حتى في اللقاءات المحلية مع أنديتها الشهيرة مثل الناديت والأبيار ومولودية وهران وصلب عنابة وسكيكدة.

تشارك الجزائر في البطولة الإفريقية من دون انقطاع منذ سنة 1976 وهي بطولة تلعب مرتين في السنة، وكما فازت باللقب في سبع مناسبات فقد كانت وصيفا في سبع مناسبات، ما يعني بأن إنجازات كرة اليد لم يسبق لها مثيل في أي لعبة رياضية أخرى كما أن أنديتها سيطرت لوقت طويل على مختلف المنافسات الإفريقية والعربية، أما المشكلة في بلوغ العالمية فظلت من دون حل، وكانت أحسن نتيجة في المونديال تحققت في دورة 2001 عندما حل الجزائريون في المركز 13، وظل المنتخب الجزائري مشهودا له بالمقاومة من دون التقدم في الترتيب عكس ما فعل المصريون والتونسيون في عدة مناسبات وبلغوا المربع الذهبي، ومصر حاليا مرشحة للفوز باللقب العالمي في المونديال الدائر على أراضيها.

في كرة اليد المشاركة في المونديال سهلة فهي مفتوحة لأربعة منتخبات من القارة السمراء، أما الصعوبة فهي المشاركة في الألعاب الأولمبية التي تعتبر الأرفع مستوى، وشارك الخضر في الألمبياد في أربع مناسبات وكانت أروعها في الاتحاد السوفياتي في دورة موسكو سنة 1980 حيث احتلوا المركز العاشر وقاوموا أبطال العالم، ثم شاركوا في دورة لوس أنجلس في أمريكا سنة 1984 واحتلوا المركز 12 وعادوا للمشاركة في دورة سيول في كوريا الجنوبية في سنة 1988 واحتلوا المركز العاشر، وانتهى وجود الخضر في الأولمبياد في سنة 1996 في أطلنطا بمرتبة عاشرة، وسيغيبون عن دورة طوكيو القادمة طبعا إن لعبت خلال الصيف القادم والمرجح تأجيلها بسبب جائحة كورونا.

فقدان كرة اليد الجزائرية شعبيتها وأيضا عدم اهتمام الدولة بها، جعلا الكثير من اللاعبين الكبار يفضلون الاحتراف في الخارج، حيث اختاروا فرنسا وقطر وحتى تونس والمغرب، فذهب ريح كرة اليد ولم تعد مبارياتها التي كانت تجلب الجماهير تصنع الحدث إطلاقا، مثلها مثل بقية الرياضات التي تم قتلها من أجل رفعة كرة القدم ماديا وشعبيا.
ب. ع