-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا قيام للحياة من دون العدل

لا قيام للحياة من دون العدل

قال تعالى: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْط” (الحديد، 25).

“هذا الميزان الذي أنزله الله في الرسالة هو الضمان الوحيد للبشرية من العواصف والزلازل والاضطرابات والخلخلة التي تحيق بها في معترك الأهواء، ومضطرب العواصف، ومصطخب المنافسة وحب الذات، فلابد من ميزان ثابت يثوب إليه البشر فيجدون عنده الحق والعدل والنصفة بلا محاباة”.

شريعة الإسلام الخالدة بكل أصولها وجزئياتها جعلت كفالة مبدأ العدل من أسمى الغايات التي تهدف إلى تحقيقها في الوجود؛ فكل حكم شط عن هذا المبدأ فليس من دين الله وإن حاول بعض الناس أن يتمحلوا له وجوها من التبرير والتأويل، يقول الإمام ابن القيم: “إنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده”.

وقد وصف الله تعالى نفسه في كتابه بالعدل، ونزّه نفسه عن الظلم في غير ما آية كما في قوله تعالى على لسان نبيه هود عليه السّلام: “إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم” (هود، 65)، فهو تعالى على صراط مستقيم في قوله وفعله وقضائه وقدره، وأمره ونهيه، وثوابه وعقابه. وقال تعالى مخبرا عن نفسه في الحديث القدسي المشهور: “يا عبادي إنّي حرّمت الظّلم على نفسي، وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا” (رواه مسلم).

فإذا كان الله تعالى وهو صاحب القوة المطلقة، المتفرد بالخلق والإيجاد من العدم بهذه الصفة من العدل، والتنزه عن مقدار ذرة من الظلم، فكيف بالمخلوق الذي وإن ضخم حظه من الملك والسلطان، فإنه ليس بالشيء الذي يذكر في جنب قدرة الله وعظمته، كيف به أن تمتد يده إلى مخلوقين مثله بالحيف والظلم؟!!.

ولما كانت حياة الإنسان لا يمكن أن تقوم إلا على صرح متين من العدل والإنصاف، فقد تعددت مناحي الأمر به في القرآن الكريم تعدد نشاط هذا النوع الإنساني، وهو يكدح في جنبات هذا الكون الفسيح، وهذا الذي سنشير إليه فيما سيأتي من قادم الأعداد من هذه الضفاف المباركة، بإذن الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مراد

    قد يقول قائل ان المشكلة في العدل الإلهي (المعبر عنه في الاديان) الذي يتعارض مع العدل الإنساني؟! بمعنى هناك فارق بين الدين والإنسانية! بين القيم والمبادئ الإنسانية العليا وما جاءت به الاديان (الدين يحارب ويعلي من شأن النعرة الطائفية والعنصرية) ،الكون مليء بالمتناقضات والمتضادات، كل دين عزيز على أهله ومن حق أي شخص أن يتدين بالدين الذى يراه ويعتقد أنه أفضلها ،فكل إنسان مسئول عن نفسه وهذا هو العدل بعينه، وألأدهى أن هذا القادر "العادل" يترك العنان للبشر يتعاركون ويقتتلون في سبيله ودفاعا عنه!!

  • Kamel

    la liberté et la justice
    Parce que l'homme libre réclame la justice.