-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا ستخسر فرنسا معركة العباءة؟

لماذا ستخسر فرنسا معركة العباءة؟

ستخسر فرنسا معركة العباءة كما خسرت معركة الخمار لأربعة أسباب رئيسة على الأقل:

ـ 1: لم تعد العباءة رمزًا لِلباس المسلمين فحسب، بل أصبحت جزءا من موضة عالمية اسمها موضة البساطة، Modest Fashion وهي اتجاه متنام اليوم، تُسارع للتكيف معه كبرى العلامات العالمية: صنعتH&M  سلسلة من أنواع الحجاب المختلفة، وفتحت كبرى محلاَّت Macy’s الأمريكية أجنحة خاصة ببيع الألبسة المحتشمة، وكذلك فعلت محلات Harrods بكبرى شوارع لندن، ولم تَجِد شركة Levi’s بُدًّا من التعامل مع المؤثِّرة المُحجَّبة “تقوى بن علي” للترويج لألبستها المحتشمة، وكذلك فعلت علامة Jean-Paul Gaultier مع نفسة المؤثِّرة، وأصبحت علامة Uniqlo اليابانية هي الأخرى تُسوِّق كل أنواع الحجاب منذ سنة 2016، وهو الأمر الذي فعلته علامة Marks & Spencer  البريطانية المعروفة بتصميمها للبوركيني، وسارت على خطى هذه العلامات الكبرى، أخرى لا تقل شهرة، مثلGabbana ،Dolce ، Tommy Hilfiger، DKNY وغيرها، مما يعني أن فرنسا إنما تقوم في الواقع بعمل ضد الاتجاه العام المتنامي لتحول النساء نحو اللِّباس المحتشم بعد أن وصل العري إلى أقصى حدوده البشعة ولم يعد يستقطب سوى الشواذ والمرضى من كلا الجنسين…

2 ـ أصبحت للعباءة سوق عالمية مافتئت ترتفع قيمتها، حسب “رويترز وDinarStandard” من 243 مليار دولار سنة 2015 إلى 270 مليار دولار سنة 2017 إلى 368 مليار دولار سنة 2023… ويتوقع تقرير The Global Islamic Economic Report  أن تصل هذه القيمة إلى 402 مليار دولار سنة 2024، بما يعني تنامي الطلب على هذا النوع من اللباس في العالم، وأن لا قِبل لفرنسا بمواجهته، لذا فإنها لم تجد ما تواجه به سوى توجيه أصابع الاتهام إلى الدول الإسلامية التي لها شرف ذلك مثل المملكة العربية السعودية، حيث لم تتردد كاتبة الدولية الفرنسية السابقة “جانات بوغراب” (ابنة الحركي لخضر بوغراب الذي اصطف إلى جانب الجيش الاستعماري في الجزائر) من التأكيد لصحيفة “لوفيغارو” بأن هذه الموضة أي Modest fashion ” ما هي إلا استراتيجية تأثير ثقافي وديني للمملكة العربية السعودية التي فعلت ذات الشيء قبل ذلك في إندونيسيا…

3ـ أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي تعج بعشرات المؤثرات اللائي يُسوِّقن للبساطة والحشمة في اللباس في البلاد الغربية، مما جعل علامات عالمية مثل Valenci،Inayah collection تلجأ لخدماتهن (نموذج Dina Tokio في بريطانيا). كما أصبحت كبرى عواصم العالم تُنظِّم أسابيع دعائية لهذا التوجه نحو اللباس المحتشم من إسطنبول إلى جاكارتا ومن امستردام إلى دبي.. ما الذي تستطيع فرنسا المُتشبِّثَة بلائكية ميّتة مواجهته؟

4ـ تؤكد أرقام المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية  INSEE (وهذا هو الأهم) أن المنحنى الديمغرافي للمجتمع الفرنسي يتجه نحو إعطاء الغلبة للعنصر غير الفرنسي على حساب الفرنسيين، مما يعني أن الثقافات الأخرى وخاصة العربية الإسلامية ستعرف منحى تصاعديا في المجتمع مستقبلا رغم محاولات “التغريب” باسم “اللائكية”. ففي إحصائية تتعلق بأسماء المواليد الجدد ذكر المعهد أنه في سنة 2016 حمل 18.8 بالمائة من المواليد الجدد في فرنسا أسماء عربية إسلامية مقارنة بسنة 1960، حيث كانت النسبة لاشيء بالمائة. وإذا علمنا أن خصوبة النساء المسلمات مافتئت تزداد باضطراد في السنوات الأخيرة 3,9 للجزائرية (3 في الجزائر) وهي الأعلى، و3.5 للتونسية (2,4 في تونس)، 3,47 للمغربية (2.2 في المغرب)، و3.12 للتركية (2.1 في تركيا)، وقس على ذلك بقية الإفريقيات والمسلمات الأخريات، نستخلص أن الغالبية من الأطفال الذين سيولدون في العقود القادمة في فرسنا سيكونون أبناء مهاجرين لا تنفع معهم “لائكية” المدرسة العمومية في شيء، ولن تستطيع فرنسا القيام بأي شيء حيال ذلك، لأنها بدونهم ستنهار ديمغرافيا..

كل هذه المعطيات تُبيّن إن الحرب على العباءة والقميص في فرنسا، وقبلها الحرب على الخمار والنِّقاب، إنما هي حرب خاسرة ابتداء… سياسيا، اقتصاديا، إعلاميا، ثقافيا وعلى كافة المستويات. هل في ذلك أدنى شك؟…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!