الرأي

لمَ لا تدخل “بن غبريط” المسابقة؟

رفض الأساتذة المتعاقدين دخول مسابقة التوظيف، والمطالبة بإدماجهم الفوري، غير منطقي في شقه العلمي، لأنه من غير المعقول، الاعتماد على الأقدمية والخبرة في بلد نعرف جميعا حكاية “الضمير المهني والالتزام والتكوين وتوظيف المراجع” فيه، ولكنه في شقه السياسي على الطريقة الجزائرية، يبدو منطقيا جدا، لأن البلاد تسير في قمتها وفي جميع مجالاتها على أساس لا يعترف بالكفاءات ولا بالاختبارات، فرؤساء البلديات يقودون شؤون الناس، وبعضهم لم يدخل امتحانا في حياته، والمستثمرون ورجال الأعمال يسيّرون الملايير، ولم ينجحوا في امتحان في حياتهم، وحتى مدربو الكرة يمتهنون التدريب ولم يدخلوا تربصا في حياتهم..

ونحن لا ندري المعايير التي تمنح الحقائب الوزارية في الجزائر ومنها كيف وجدت السيدة نورية بن غبريط نفسها وزيرة لقطاع هو عصب الحياة وأمل الأمة بالنسبة إلى غالبية بلاد العالم. فكيف لنا أن نناقش محلّ أستاذ متقاعد من إعراب التربية والتعليم؟

وإذا كان من غير المعقول أن يتم التوظيف بالصدفة وبالمحاباة وبطريقة “ربح السلم الاجتماعي” التي تحوّلت إلى فضيحة تنموية، وليس تشغيل للشباب، فإن التوظيف الأولى بالاهتمام هو هذه المناصب العليا التي تمنح لنورية وأخواتها وإخوانها، الذين ربما يخطئون في منح بعض الأستاذة مناصب شغل “عابرة” ضمن التعاقد، ويخطئون أكثر عندما يستغنون عنهم لصالح أساتذة جدد تقول بعض الإحصاءات غير الرسمية إن الطامحين منهم إلى هذه المناصب قد بلغ الملايين، وعندما يكون رأس الهرم يُسيّر بهذه الطريقة، فعلى هذا الرأس ألا يحاول إصلاح قاعدته، حيث لم يعد للشهادات الجامعية وللكفاءات ولمختلف المسابقات أي معنى، بدليل القنبلة المؤلمة التي فجّرها من وهران الباحث محمد صايب عندما كشف عن وجود نحو اثنين وثلاثين ألف طبيب ومهندس جزائري، يمارسون مهام أدنى من مستوياتهم في فرنسا فقط، في الوقت الذي نعلم فيه جميعا بأن مستشفياتنا وجامعاتنا ومصانعنا ومدارسنا لا تُشغل الأكفأ، من حاجب المؤسسة إلى قمة الإدارة.

وزارة التربية والتعليم، وعدت بأن تسير مسابقة توظيف الأساتذة بنزاهة كاملة على طريقة امتحان البكالوريا الذي مازال بعيدا عن “التشكيك” في نظافته، وأحد مديري الوزارة نبّه إلى أن الكثير من الأساتذة المتعاقدين المحتجين، دخلوا عالم التدريس “بالمحاباة” أيضا، ولكن الوزارة لم تقدم لنا المعايير التي يتم بها تعيين مسيري هذا القطاع الحيوي، الذي لا نكاد نجد له حسنة واحدة، ليس في زمن السيدة بن غبريط فقط، وإنما منذ عقود بعيدة، حتى أصبح التلميذ يأخذ درسه المبهم في القسم، ويعيده في درس خصوصي بمقابل مالي، وفي البيت من والديه، ولا يفهم منه شيئا.

دعونا نوافق السيدة بن غبريط عندما تدعو الأساتذة بحجة “الوظيف العمومي” إلى امتحان يكونون فيه أو لا يكونون، حيث يُكرم الأستاذ أو يهان، ولكننا نتمنى أن يدخل مديرو الوزارة العامون ومديرو التربية أيضا امتحانات الترسيم الحقيقي، ولتكن على رأسهم كبيرتهم التي علمتهم “سحر” التعليم؟

مقالات ذات صلة