الرأي

لن ننسى

الذين يعرفون ما يعتريني من تعكير صفو، وانحراف مزاج، وانقباض نفس، وتوتر أعصاب، وهيجان مشاعر سببه هو مجيء مسئول فرنسي إلى الجزائر، أو ذهاب مسئول جزائري إلى فرنسا.. وقد تدوم معي هذه الحال عدة أسابيع.. ولذلك تجدني دائم الدعاء إلى الله – عز وجل- أن يقطع هذا “الود الظاهر” بين مسئولي البلدين أكثر مما أدعوه ليغفر لي خطاياي، وهي مثل زبد البحر. ولولا أن الله – عز وجل- أسبل عليّ ستره لكنت من المفضوحين.
وتزداد هذه الحال حدة إن قرأت أو سمعت “هدرة” لمسئول منا أو منهم “تصعّد ضغطي” وتقبض صدري، وقد عشت في نهاية الأسبوع المنصرم ما أقضّ مضجعي، وأثار مواجعي، وسدّ كل شهواتي، وذلك عندما قرأت أن “معالي” وزير الداخلية الفرنسي زار الجزائر، صاحبا معه محافظي بلاده، للمجتمع مع نظرائهم الجزائريين.
وكادت روحي تخرج من جسمي عندما قرأت أن هذا الـ”جيرار كولومب” قال ناصحا – غير أمين- الجزائريين: “انسوا آلام الماضي، واستعدوا لصفحة جديدة بين الجزائر وفرنسا”. (الشروق 16/3/2018. ص3).
لماذا يا “مسيو جيرار” تنصحون الناس ولا تنتصحون بما نصحتكم غيركم به؟ وكيف ننسى جرائمكم وأنتم تعدونها أعمالا “حضارية” بنص قانون 23 فبراير من سنة 2015؟
هلاّ نصحت دولتك “العظمى” “المتحضرة” أن تحترم أولئك الشهداء، فتسلمهم إلى قومهم ليكرموا بالدفن، بدل عرضهم في المتاحف؟ ألا تخجلون من أفعالكم؟
إنني، ومن على ملتي واعتقادي من الجزائريين سندعو إلى ما دعا إليه الأخ رؤوف ابن الجودي في كتابه “مذكرات، لا ذكريات” (ص 36) من إضافة كلمة “فرنسا عدونا، عدونا، عدونا، إلى ثلاثيتنا المقدسة: “الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا”.
إن تنصحنا اليوم يا “مسيو جيرار” بنسيان الماضي، فقد نصحنا من قبلك كل من جاك بيرك وشارل أندري جوليان بأن لا نكتب تاريخنا بعقلية “الاستنكار”، إن منطق الفرنسيين، أولهم وآخرهم، كمنطق فرعون الذي اعتبر استعباده بني اسرائيل “نعمة” منّها عليهم.
إن ما جعلكم تقولون ما تقولون، وتفعلون ما تفعلون هو احتضان “بعضنا” لكم، وتقبيلهم لكم “مثنى وثلاث ورباع”. أما الجزائريون الأصلاء فيقولون لكم بلسان عربي مبين “لن ننسى ما حدث”، وبلسان أمازيغي حر: “أونتستو وارا إظران”.

مقالات ذات صلة