-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لهذه الأسباب تخلص الجزائريون من عقدة الطبيب النفساني!

سمية سعادة
  • 2045
  • 0
لهذه الأسباب تخلص الجزائريون من عقدة الطبيب النفساني!

أحرز الطب النفسي تقدّما واسعا في الجزائر ما جعل الإقبال عليه أمرا لا يحتاج إلى” طاقية إخفاء” كما كان الوضع في السابق أو حتى في الماضي القريب.

في سنوات خلت، كان الذهاب إلى الطبيب النفساني يترافق مع الشعور بالقلق والإحراج، لذلك يحرص أكثر المرضى على زيارة العيادات النفسية في سرية تامة.

ولعل السبب الذي جعل الجزائريين لا يتحمسون للذهاب إلى النفساني رغم ما يشعرون به من اضطرابات، ومن حاجة إلى إفراغ “الحمولة” الثقيلة، هو أن الطب النفسي ارتبط بالأمراض العقلية لعقود طويلة من الزمن، وهو الأمر الذي شجعت عليه الأفلام العربية التي صورت المعالج النفسي وهو يستقبل المختلين عقليا، بل صورت الطبيب نفسه وكأنه مجنون.

ولكن مع تطور الطب النفسي في أنحاء العالم عامة، وفي الجزائر خاصة، وخروجه من الدائرة النمطية التي حُبس فيها لسنوات طويلة، وفصله عن الاضطرابات العقلية، صار له مريدون ومريدات، وأصبح الإقبال على النفسانيين يتم بطريقة سلسلة أشبه ما تكون بزيارة طبيب الأمراض العضوية.

وما نلاحظه عموما، أن النساء هن أكثر الفئات التي كسرن عقدة الطبيب النفسي، خاصة وأنهن يتعرضن أكثر من الرجال للضغوط العصبية والنفسية، ولكن الذي شجعهن أكثر على هذه الخطوة هو أن الطب النفسي ارتبط في السنوات الأخيرة بتطوير الذات، وبدورات التخلص من الطاقة السلبية، وصارت هناك عيادات للعلاج المعرفي السلوكي التي لا تعتمد على الأدوية، بل يتم التركيز فيها على التحدث مع المريض والبحث عن جذور المشكلة التي يعاني منها، ومحاولة تغيير الفكرة المتسلطة عليه.

السيدة حفيظة، هي واحدة من النساء اللواتي تخلصن من عقدة العيادات النفسية، ولم يعد ذهابها إليها يشكل لها أي حرج لأنها اقتنعت أن الأمراض النفسية مثلها مثل الأمراض العضوية بحاجة إلى علاج ومتابعة.

حول هذا الموضوع، قالت حفيظة إنها عانت من الوسواس القهري لسنوات طويلة، وبفضل لجوئها إلى عيادة للعلاج السلوكي المعرفي في الشرق الجزائري، تخلصت من الكثير من الأفكار الوسواسية التي نغصت عليها حياتها، حيث تقول إن المعالج طلب منها أن تتوقف عن تناول كل أنواع الخبز الأبيض، و الإقلاع عن المشروبات الغازية كأول خطوة لأنه يدرك أن الكثير من الاضطرابات النفسية مرتبطة بالجهاز الهضمي، وبعدها خضعت لجلسات تعتمد على تغيير الأفكار التي كانت تتشبث بها وخلال فترة قصيرة استعادت عافيتها.

السيدة هاجر أيضا، تقول إنها عانت من فوبيا الأماكن المغلقة لعدة سنوات، ولكنها حاولت أن تتخلص من هذه المشكلة عبر الحجامة، وكأنها محاولة للهروب من الذهاب إلى المكان الصحيح، ولكنها اقتنعت الآن أنه لابد من الاستعانة بنفساني، وفعلا بدأت جلسات العلاج التي وجدتها مفيدة جدا في تخلصها من الخوف بصورة تدريجية، ما جعلها تشجع كل من يعاني من اضطرابات نفسية على العلاج النفسي دون تردد.

وللوقوف على الأسباب التي أحدثت فرقا في الوعي بأهمية التوجه إلى المختص النفساني، تحدّثنا إلى الأخصائية النفسانية سميرة كلّوش، التي ذكرت عدة أسباب منها، استضافة أخصائيين نفسانيين في مختلف وسائل الإعلامية المرئية والمسموعة مما أتاح لهذا التخصص الخروج من قوقعته والتغلغل في مشاكل المجتمع وتقديم الحلول.

وتابعت” انتشار آفات اجتماعية لم تكن معروفة في زمن مضى وصار الآن متاحا علاجها في سرية تامة مع المختص النفساني، مثل الإدمان بكافة أنواعه وأصبحت العائلات لا تتردد من دق باب المختص النفساني في سبيل الخلاص لأبنائها”.

وكواحد من الأسباب التي غيّرت مفاهيم الجزائريين حول النفساني، قالت الأخصائية كلّوش، إن ضمان السرية والكتمان مع المختص النفساني جعلت الناس يقبلون عليه، مضيفة” كثيرا ما يأتيني أشخاص لأنهم لم يجدوا من يسمعهم، أو لأنهم لا يثقون بمن حولهم وإن كانوا أقرب المقربين، بالإضافة إلى أن الاستشارة النفسية ليست مقتصرة على وجود مرض أو اضطراب نفسي، إنما قد تكون استشارة من أجل اتخاذ قرار ما”.

من جانب آخر، أصبح إقبال الجزائريين على الأخصائيين النفسانيين بدافع الوعي بوجود أمراض عضوية تستدعي التدخل النفساني، وتابعت سميرة تقول” يزورني أشخاص يشكون من القولون العصبي أو الغدة الدرقية أو أمراض عضوية أخرى، لأن الأطباء نصحوهم بالتوجه للمختص النفساني، بل حتى من الرقاة الواعيين من يرسل أشخاصا مرضى خصوصا بالوسواس القهري ويبصرونهم أن مرضهم علاجه نفسي وليس بالرقية، وهذا واحد من الايجابيات التي عرفها المجتمع في الآونة الأخيرة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!