الرأي

ليست‮ ‬النائحة‮ ‬كالثكلى‮!‬

محمد يعقوبي
  • 5523
  • 17

لم تكن النهاية سعيدة في أزمة الرهائن بقاعدة الحياة عين أميناس، لكنني شعرت بالفخر وأنا أرى بلادي على ما فيها من أمراض وأوبئة وفساد ومفسدين، رأيتها تضرب بيد من حديد دفاعا عن السيادة الوطنية، التي أراد بضعة إرهابيين استباحتها، وتهديد حياة سكان الجنوب والضيوف الأجانب،‮ ‬بل‮ ‬ومحاولة‮ ‬تهديد‮ ‬مصدر‮ ‬قوت‮ ‬الجزائريين‮ ‬وتعريض‮ ‬اقتصاد‮ “‬النفطي‮” ‬للبلد‮ ‬إلى‮ ‬الخطر‮.‬

نعم كانت هناك سلبيات وأخطاء في التعامل مع أزمة الرهائن، خاصة على الصعيد الاعلامي والدبلوماسي والسياسي، وفشلت السلطة عندنا للمرة الألف في احترام شعبها مثلما تفعل كل دول العالم، حينما أصبح المصدر الوحيد للمعلومات هو موقع موريتاني نكرة، وأحيانا نستقي الأخبار من دول مجاورة لها أغراض دنيئة، وهذا القصور الجزائري والغباء المستشري في أعلى هرم السلطة، أدمى قلوبنا وجعلنا نشعر بمرارة الاحتقار الذي تعامل به السلطة شعبها في كل الأزمات، إلى درجة أن شعبنا أصبح يتلقى معلوماته من وزير الخارجية والرئيس الفرنسيين.. كل ذلك مؤلم‮ ‬لشعور‮ ‬الجزائريين‮ ‬ويجعلنا‮ ‬نوقن‮ ‬بانتهاء‮ ‬صلاحية‮ ‬نظام‮ ‬استوفى‮ ‬فرصته‮ ‬كاملة،‮ ‬وفشل‮ ‬في‮ ‬مواكبة‮ ‬طموحات‮ ‬هذا‮ ‬الشعب‮ ‬ولكن؟‮! .‬

الجزائري منّا يشعر بالفخر وهو يرى الجيش الوطني الشعبي يقدم إقدام الرجال ليحل مشكلته بنفسه، دون أن يشاور أو يستشير أو يُشعر أو يأخذ إذن أحد من “أسياد العالم” الذين استباحوا الشرق والغرب، ولو أن أزمة الرهائن هذه وقعت في أي بلد كان لما فعل ما فعلته الجزائر، ولو أنها وقعت لبلد جار لرأينا (الناتو) ينصب خيمه لينقذ حياة البشر، مثلما فعلها واستنزف خيرات ليبيا أو يكاد، لكن الجزائر فعلت ما فعلته بأخطائها ورفضت مساعدة (الناتو) وكل الدول العظمى التي عرضت المساعدة، بل أكثر من ذلك لم تكترث الجزائر للاحتجاجات والتحفّظات التي أبدتها دول تتحكم في زمام العالم بالتكنولوجيا الرقمية، وفي النهاية الجزائر فعلت ما أرادته بالطريقة التي أرادتها حفاظا على سيادتها، خاصة أن النوايا كانت مبيّتة لتهديد معاش الجزائريين ومصدر قوتهم.. وقد يقول قائل أن ترك الإرهابيين يفرون بالرهائن أحياءا أفضل من إعدام الجميع، وربما بعض الدول الغربية كانت تفضّل ذلك، لكن ليست النائحة كالثكلى، فنجاح الإرهابيين في مهمتهم كان سيفتح علينا نحن الجزائريين أبواب جهنم ويعرض منشئاتنا البترولية للعبث والابتزاز والارتهان، علما أنها مصدر الرزق الوحيد لـ40 مليون جزائري.

الجيش‮ ‬الجزائري‮ ‬أعطى‮ ‬المثال‮ ‬عندما‮ ‬وضع‮ ‬مصلحة‮ ‬الجزائر‮ ‬فوق‮ ‬مصالح‮ ‬كل‮ ‬الدول،‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬تريد‮ ‬أن‮ ‬تنقذ‮ ‬رعاياها‮ ‬بأي‮ ‬ثمن‮ ‬حتى‮ ‬ولو‮ ‬كان‮ ‬هذا‮ ‬الثمن‮ ‬أن‮ ‬تعود‮ ‬الجزائر‮ ‬شمالها‮ ‬وجنوبها‮ ‬إلى‮ ‬مربع‮ ‬الإرهاب‮.‬

هذا الكلام لا يمنعنا أن نقول للسلطة أن حرب مالي التي شنّتها فرنسا هي عار علينا جميعا إذا قبلناها أو شاركنا فيها، وأن السماح للطائرات الفرنسية بالمرور لقصف مالي، هو قرار أقل ما يقال عنه أنه من “خوارم المروءة” لأن الجار الحقيقي لا يسمح للصوص والمجرمين أن ينتهكوا‮ ‬حرمة‮ ‬جاره‮ ‬مهما‮ ‬كان‮ ‬السبب،‮ ‬ويكفي‮ ‬أن‮ ‬علماء‮ ‬العالم‮ ‬جميعهم‮ ‬حرّموا‮ ‬هذا‮ ‬النوع‮ ‬من‮ ‬المساعدات‮ ‬الجوية،‮ ‬والتي‮ ‬من‮ ‬شأنها‮ ‬أن‮ ‬تنمّي‮ ‬من‮ ‬جديد‮ ‬الفكر‮ “‬الجهادي‮” ‬في‮ ‬المنطقة‭.‬‮ ‬

مقالات ذات صلة