-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد اعتذاره للحركى وتجاهله للمطالب الجزائرية

ماكرون في خطوة جديدة باتجاه الأقدام السوداء اليوم!

محمد مسلم
  • 3803
  • 0
ماكرون في خطوة جديدة باتجاه الأقدام السوداء اليوم!

بعدما أنهى قضية الدولة الفرنسية مع “الحركى” بالاعتذار لهم، وتخصيص منح خاصة لهم ولذويهم فضلا عن سن قانون يعيد لهم الاعتبار، التفت الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى فئة أخرى “تضررت” من استقلال الجزائر، وهي الأقدام السوداء، هؤلاء الذين استولوا على خيرات وممتلكات الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية البغيضة.

الرئاسة الفرنسية وفي بيان لها الثلاثاء، قالت إن إيمانويل ماكرون سيقوم اليوم الأربعاء بـ”خطوة” خلال لقاء له بجمعيات العائدين من الجزائر (rapatriés d’Algérie)، أو المعروفين باسم “الأقدام السوداء”، في قصر الإليزيه (الرئاسة).

ومن دون أن يقدم بيان قصر الإيليزي المزيد من التفاصيل، أوضحت الرئاسة الفرنسية أن “إحدى النقاط البارزة في تصريحات رئيس الجمهورية الفرنسية، ستتمحور حول ما حدث في 26 مارس في الجزائر العاصمة”، وبالضبط في شارع “إيسلي” ويسمى حاليا شارع العربي بن مهيدي.

وفي هذا التاريخ وبهذا الشارع وقعت أحداث دامية بعد أسبوع فقط من توقيع اتفاقيات إيفيان في 19 مارس 1962، التي نصت على وقف إطلاق النار بين جيش التحرير والدولة الفرنسية، الأمر الذي لم يهضمه المعمرون والأوروبيون الذين لم يكونوا يتوقعون حدوث هذا الزلزال، الذي أفقدهم جنة “الجزائر فرنسية”.

رد فعلهم على وقف إطلاق النار واستقلال الجزائر، كان عنيفا على السلطات الاستعمارية فخرجوا بالمئات من أجل التظاهر في شارع العربي بن مهيدي حاليا مطالبين ببقاء الجزائر فرنسية، متجهين نحو أحياء باب الوادي، فوقعت مشادة دموية بين المتظاهرين والجيش الفرنسي، أدت إلى سقوط العشرات من الضحايا عند حاجز أمني، وبينما اتهم جيش الاحتلال المتظاهرين بإطلاق النار عليه فكان الرد من جانبه دفاع عن النفس، قال المتظاهرون إنهم خرجوا في مظاهرات سلمية لكنهم فوجئوا بإطلاق نار ضدهم.

ووفق بعض الشهادات، تسبب إطلاق النار الذي استمر أكثر من ربع ساعة، بحسب مصادر مختلفة، في مقتل ما لا يقل عن خمسين قتيلا من بين المتظاهرين المدنيين. وقد شكل هذا الحادث المأساوي برأي الكثير من المؤرخين لحظة فارقة في العلاقة بين جيش الاحتلال الفرنسي وبين “الأقدام السوداء” أو “الكولون” كما يحلو للجزائريين تسميتهم، فاضطر الكثير منهم إلى الفرار من الجزائر، لأنهم خسروا من كان يدافع عنهم ضد الجزائريين أصحاب الأرض، على مدار عقود طويلة من الزمن.

الخطوة المرتقبة من الرئيس الفرنسي، تأتي ضمن سلسلة من الخطوات المتعلقة بالذاكرة، التي باشرها منذ انتخابه رئيسا لفرنسا، وقد بدأها في 14 سبتمبر 2018، حينما اعترف باسم الجمهورية الفرنسية، بأن المناضل الداعم لجبهة التحرير الوطني، وعالم الرياضيات موريس أودان، قد “تعرض للتعذيب حتى الموت على يد الجيش الفرنسي في العام 1957، عكس ما كان يروج رسميا من قبل السلطات الاستعمارية، حاله حال محامي جبهة التحرير والمناضل علي بومنجل، الذي تعرض بدوره للتعذيب والاغتيال في 23 مارس 1957 على يد الجيش الفرنسي”.

وفي 20 سبتمبر 2021، طلب ماكرون الاعتذار من “الحركى” نظير ما اعتبره إهمالا لهم من قبل الدولة الفرنسية، فيما يتم تقنين هذا الاعتذار عبر قانون قيد الدراسة على مستوى مجلس الشيوخ الفرنسي، يتضمن جبرا معنويا وماديا للضرر الذي لحق بهذه الفئة بعد اتفاقيات إيفيان. وإن حاول الرئيس الفرنسي إعطاء الانطباع للجزائر بأنه يسير بنفس الوتيرة على الاتجاهين، من خلال استنكاره للأحداث المأساوية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس في 17 أكتوبر 19661، عندما ألقت الشرطة الفرنسية بالمتظاهرين الجزائريين مكبلي الأيدي والأرجل في نهر السين، إلا أن هذه الخطوة تبقى دون المطالب المأمولة من قبل الجزائريين.

وبينما يطالب الجزائريون بأن يكون هناك اعتذار عن الجرائم الفرنسية في الجزائر منذ 1830 إلى غاية الاستقلال، يسعى ماكرون إلى تمييع هذه المطالب من خلال التركيز على جزئية صغيرة بعينها، متجاهلا القضية الأم وهي جرائم الاستعمار التي لا يمكن أن تسقط بالتقادم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!