الرأي

ما محلُّ العرب من الإعراب؟

عمار يزلي
  • 1415
  • 7

بين ما يحدث في السودان من مظاهرات ضد حكم البشير الناتجة عن الحصار الغربي الأمريكي العربي للسودان وعزم البشر على البقاء إلى 2020 تاريخ نهاية ولايته التي سيعمل على تجديدها حتما، وبين ما يحدث في الآونة الأخيرة بين الأشقاء في البيت الخليجي الواحد، يؤكد أنه لولا العودة إلى حِكمة الدين والفطرة التي فطرنا الله عليها، لأكل الكبيرُ منا الصغير ولتحالف الصغير مع الأجنبي الكبير للفتك بأخيه الكبير.. إننا في حاجة إلى حكيم يحكم بين الناس والعباد والحكام.
التداول على السلطة وعدم التمسك بها والزهد فيها، والابتعاد عن كل أشكال عنفٍ توصل إليها أو تبقيها، هو السبيل إلى الاستقرار السياسي الذي هو الضامن للنموّ والتطور والعدالة الاجتماعية.
الأمر بدا واضحا، بعد أن قطع الرئيس قول كل خطيب، باستدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات 18 أبريل 2019: عتبة التغيير أو الاستمرارية أو الإصلاح، قد تبدأ بعد أشهر.. وعلى الجميع أن يعمل على ذلك في كنف السلم الاجتماعي.
الأخطار المحدقة بنا وطنيا ومغاربيا وعربيا وخليجيا وعربيا وإسلاميا عموما لا توصف، الرابح الأكبر هو إسرائيل وأمريكا، ومن يقول غير هذا فهو غير عربي حرّ.
العرب اليوم كغرب “الفارويست” أمس.. العرب دون دين، لم يكن بإمكانهم أن يتمدَّنوا ولا أن يتعلموا ولا أن يتطورا. تاريخا، البابليون هم من نشروا في أدبياتهم التاريخية كلمة “أعراب” التي كانت تعني نفس معنى “الباربار” الهمج غير المتحضِّرين التي نشرها الإغريق والرومان واللاتينيون بعدهم عن الأقوام والشعوب التي لا تدخل في نطاق “حضارتهم”.. العرب، كانوا في الأصل أعرابا، بدوا رحلا.. هذا على الأقل ما بعد الألف الثالثة قبل الميلاد، والذين يطلق عليهم اسم العرب المستعربة أو العدنانيون، خلافا للقحطانيين المُضريّين في الجنوب. السبب أن العرب العاربة كانوا أهل حضر وتمدُّن وصناعة، على غرار حضارة معين وسبإ وحمير.. لكن تقلب الأجواء والأهواء، والجفاف والتصحُّر بعد رغد عيش ونماء حياة ما بعد العصر الجليدي الثاني، حوّل سكان الجنوب باتجاه الشمال، كما يحدث اليوم من هجرات نحو أوروبا، فحوّل العرب المقيمين، إلى بدو، إلا في ما يتعلّق ببعض المراكز التجارية ومنها مكة.. تجمّع قريش حول التجارة المكية وسكان يثرب في عمل الفلاحة، استقطب الأعراب الذين ما كان لهم أن يتحضّروا في ما بعد لولا الدين الإسلامي، ونحن نعرف ما قيل عن الأعراب في القرآن الكريم، فأصل المسألة هو التكوينُ الثقافي والفكري الذي ينطبع به الإنسان البدوي من خشونةٍ وقيم أخلاقية كالكرم والشهامة والنخوة..
يقول ابن خلدون في هذا الصدد: “إن العرب لا يصلحون إلا بدين ولا يقوم لهم مُلك إلا على نبوَّة، وإن العالم لا يعترف لهم بميزة إلا إذا كانوا حملة وحي، فإذا انقطعت بالسماء صِلتهم، ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت وغشيهم الذل من كل مكان.”
هذا الكلام، دفع الشيخ الغزالي إلى القول: “إن العرب بعيدا عن الإسلام، لن يكونوا إلا حطب جهنَّم، سيأكل بعضُهم بعضا، ثم يأكل بقيتَهم اليهودُ والنصارى”.
هذا، قول ابن خلدون والشيخ الغزالي، الذي يقول إنه لما قرأ ابن خلدون تردَّد في البداية قبل أن يهضم المعنى، إذ وجد في ما بعد أن “العرب جنسٌ حاد المشاعر، جامح الغرائز، عندما يطيش، يفقد وعيه وعندما يعقل يبلغ الأوج..”
هذه حال العرب والأعراب من الإعراب، في زمن صار الهروب فيه إلى العروبة المذمومة، محمودا على اللجوء إلى تعاليم الدين المسنونة!

مقالات ذات صلة