محمد السعيد في منتدى الشروق:على السلطة المبادرة بالتغيير قبل انفلات زمام الأمور
أكد محمد السعيد، مرشح رئاسيات 2009، ومؤسس حركة الحرية والعدالة غير المعتمدة، ضرورة المبادرة بالتغيير، قبل وصول املاءات قادمة من وراء البحار، واتهم الأحزاب السياسية الناشطة بتغيب الديمقراطية، محذرا من استمرارية الاحتجاجات، وبشأن الأحداث الجارية في ليبيا، شدد محمد السعيد على احترام إرادة الشعب الليبي ودعم خيارته، فيما أشاد وليد حركة الوفاء، بالتجربة التركية، مؤكدا أنها جديرة بالدراسة والأنسب للمجتمع الجزائري.
سنلجأ إلى الشارع إذا لم يعتمد حزبنا
-
هدد محمد السعيد الأمين، بالخروج إلى الشارع في حال استمرار مصالح الوزير ولد قابلية التمسك برفض منح التراخيص لإنشاء أحزاب سياسية جديدة، ودعا السلطات العليا في البلاد إلى الإسراع لفتح المجال السياسي قبل أن تملى عليها “الأوامر” من وراء البحار، وأشار إلى الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد قمة استثنائية يوم غد الجمعة في بروكسل مخصصة للوضع في ليبيا وشمال إفريقيا.
-
وقال محمد السعيد الذي نزل ضيفا على منتدى “الشروق”، “لقد استنفدنا كل الأساليب وسنخرج إلى الشارع، للمطالبة باعتماد حزب الحرية والعدالة”، مشيرا إلى تعرضه لضغوط كبيرة من القاعدة الشعبية للدخول في معركة المسيرات، وأكد انه مهما كان موقف السلطة من مطالبنا، فسنتفاوض على تحقيقها بجميع الطرق، داعيا نظراءه من الأحزاب غير المعتمدة، بالتنسيق والعمل سويا، باعتبار أن مطلبهم واحد.
-
وأوضح المتحدث أن وزير الداخلية لم يغلق الباب وإنما أعطى الأولوية للتكفل بالانشغالات الاجتماعية و”فتح الساحة السياسية مسألة وقت”، متهما الوزير الأول احمد أويحيى باعتراض فكرة اعتماد الأحزاب، من خلال تخويفه للرئيس بوتفليقة من اعتماد “الحرية والعدالة”، بمبرر عودة “جماعة الجبل”، تحت شعار “كلمة باطل أريد بها حق”، معتقدا أن “الأرندي” سيكون الضحية الأولى من فتح الساحة السياسية في البلاد.
-
واتهم وليد حركة الوفاء الأحزاب الممثلة في البرلمان بممارسة الدكتاتورية والإقصاء تحت غطاء الديمقراطية، موضحا انه راسل هذه الأخيرة عبر ثلاث قنوات، عن طريق المسؤول الأول، المجموعة البرلمانية، ونواب رئيس البرلمان، لمطالبة الحكومة بالكف عن خرق المادة 42 من الدستور، وقانون الأحزاب، غير أن دعوته قوبلت بالرفض من جميع الأحزاب المعنية، وتساءل عن أي ديمقراطية يتحدث هؤلاء؟
-
وقال أن تشتت المعارضة نقطة قوة النظام، لأنه لا يجد من يهدد أركانه، وهي في نفس الوقت نقطة ضعفه، لأنه قضى على السلطة المضادة التي يستمد منها شرعيته، حيث أصبح مطعونا في مصداقيته، مؤكدا أن ثقافة الدولة غائبة لدى الطرفين، حيث تنعدم فكرة التداول على السلطة في “السلطة والمعارضة”، داعيا الأخيرة إلى التكيف مع المفاهيم، وفتح المجال داخل أحزابها، وقال “لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين”.
-
رد على قوى التغيير
-
التغيير من خارج النظام مغامرة وقفز نحو المجهول
-
أكد سفير الجزائر السابق خطورة التغيير من خارج النظام، في الظرف الراهن، حسب ما تدعو له “قوى التغيير”، واصفا المحاولة بالقفز نحو المجهول، وأرجع تخوفه إلى غياب البديل لجميع مكونات النظام، وعدم قدرة الطبقة السياسية الحالية وعجزها عن ملء الفراغ الذي يحدثه التغيير من خارج النظام، ما يجعل التغيير من داخل النظام الأقرب إلى التجسيد، من خلال تطوير أساليب الحكم وتحديثها مع فتح الساحة السياسية “حتى نستوعب الحراك الموجود الآن في الساحة”، الذي اعتبره بغير الناضج، بحكم التراكمات.
-
يرى محمد السعيد أن طريقة تعاطي حكومة أويحيى مع احتجاجات الشارع غير سليمة، حيث كرست ـ بحسب رأيه ـ لدى الجزائريين فكرة “الحقوق تنتزع بالقوة”، مشددا على أن جميع الإجراءات المتخذة مؤخرا من طرف الرئيس بوتفليقة لن تعرف طريقا للتطبيق في الميدان، مرجعا ذلك إلى عجز المؤسسات الاقتصادية والمالية، والإدارة على حد سواء مواكبة التطورات، بسبب تفشي الفساد والبيروقراطية من جهة، وهجرة الكفاءات إلى الخارج، واصفا الإجراءات بالتخديرية، هدفها تمرير الموجة، محذرا في نفس الوقت من مغبة تجاهل مطالب الشارع، سيما الوسط الطلابي.
-
وأعاب محمد السعيد حصر مطالب الشارع في الانشغالات الاجتماعية فقط، دون السياسية “غير أن المطالب الاجتماعية لها الأولوية”، مؤكدا وجود مطالب سياسية أخرى أهمها فتح الساحة السياسية لاستيعاب المشهد السياسي وإثرائه بكفاءات ووجوه جديدة، لأن السلطة والطبقة السياسية ـ بحسب رأيه ـ فقدتا مصداقيتهما، مما أحدث قطيعة ونفورا من كل ما هو سياسي.
-
وبخصوص حالة الطوارئ، قال محمد السعيد إن “الطوارئ في الجزائر التي تعني ـ بحسبه ـ تعليق دولة القانون لا يمكن تعريفها وفق مقاييس العلوم السياسية”، مؤكدا اعتماد الحكومة حزب الأرندي في الوقت الذي كانت فيه البلاد تحت طائلة قانون الطوارئ، معتقدا أن حالة الطوارئ تم رفعها تحت ضغوط خارجية، وبهدف تلميع الواجهة الخارجية وليس استجابة للمطالب الداخلية، وفسر المتحدث استثناء العاصمة من المسيرات، بعدم جدية الخطاب الرسمي المتضمن استعادة الأمن، معتبرا إياه اعتراف ضمني بفشل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مشيرا إلى انه في كلتا الحالتين، فإنه قسم الجزائريين إلى قسمين، العاصمة، والمدن الأخرى، معتبرا ذلك بالخطأ الكبير.
-
تزاوج السلطة والمال خطر والتحالف الرئاسي مسؤول عن الأزمة
-
حمّل محمد السعيد أحزاب التحالف الرئاسي مسؤولية الأزمة التي تعيشها البلاد، بحكم وجودها في الجهاز التنفيذي والتشريعي، والسلطات المحلية، كما أن مهمتها تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، يضيف المتحدث، محذرا في نفس السياق من تحالف “السلطة والمال”، وشبهه بزواج الأقارب الذي ينجر عنه ذرية معاقة، مبرزا أن الاستحقاقات الانتخابية القادمة لن يدخلها إلا أصحاب المال، مما يستوجب – حسبه – الإسراع في الفصل بين السلطة والثروة، وإعادة الاعتبار إلى قدسية بطاقة الناخب واحترام صوته، بعد القيام بعملية تقييم شاملة لنشاط جميع القطاعات في البلاد، على غرار التعليم العالي، المنظمة التربوية، المنظومة المالية والاقتصادية.
-
وأكد ضيف “الشروق” أنه من المستحيلات تجسيد فكرة توريث الحكم في الجزائر أو تمديده، وقال “التوريث لا يتوافق مع العقلية الجزائرية”، وأضاف أن ما حدث لبن علي ومبارك وما سيحدث لعبد الله صالح والقذافي يشكل ثورة قضت على فكرة التمديد في الجزائر، وأكد أن العهدة الرابعة غير واردة إطلاقا، معتبرا المسألة خسارة مسبقة لدعاة العهدة الرابعة، في إشارة منه إلى الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم.
-
ومن جهة أخرى، قال محمد السعيد بخصوص مبادرة عبد الحميد مهري، بأنها ليست الوحيدة في الساحة، وهناك مبادرات أخرى، إلا أنها أخذت صدىً آخرَ بحكم شخصية مهري، وأعاب المتحدث على المبادرة تجاهلها لضرورة فتح الساحة السياسية، لأن فتح الحقل الإعلامي ـ حسب رأيه ـ، لا يكف، وقال “الشعب الجزائري لا يحتاج إلى الظهور”، مضيفا انه بقدر ما يبارك المبادرة، بقدر ما تبعث في نفسه الأسف لاستسلام جيل ما بعد مهري.
-
وفسر الإعلامي السابق ضعف التجنيد في مسيرات التغيير إلى نفور المواطنين من الوجوه السياسية التي وصفها بـ”المهتراة”، وتخوفهم من تغيير مسارها نحو الانزلاق الذي بإمكانه إعادة الجزائر إلى سنوات الدم والدمار، التي لاتزال البلاد تدفع ثمنها، موضحا أن نفور المواطنين ليس رغبة منهم في عدم النزول إلى الشارع، ولم يستبعد المتحدث دور السلطة في تخويف المواطنين بالخروج للشارع، مشيدا في نفس المنوال بتعاطي قوات الأمن مع “مسيرات السبت”، التي استفادت من الأحداث الإقليمية والدولية، وهذا في إشارة إلى أحداث تونس ومصر، لتجنب إراقة الدم، حيث قال: “لو سالت قطرة دم في هذه المسيرات فستتغير كل المعطيات”.
-
-
التجربة التركية نموذج لتزواج الأصالة بالعصرنة
-
يرى محمد السعيد الذي يصفه البعض بـ”أردوغان” الجزائر، أن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي تعد نموذجا معاكسا تماما لمحمد السعيد، وتمثل ـ حسبه ـ حالة جديرة بالدراسة والإفادة، وأكد حاجة البلاد إلى سياسة تجذر الماضي والمستقبل، مؤكدا بأنها التجربة المثلى والأقرب للتطبيق في الجزائر بعد تنقيحها”، من منطلق أنها لاقت ترحابا واسعا من المعارضة والسلطة العسكرية في تركيا، ونالت إعجاب دول العالم، كما أن الجزائر في حاجة إلى “الجمع بين الماضي المجيد وتلحيقه بما هو إيجابي من عصرنا”، مؤكدا على ضرورة الاعتزاز بالشخصية الجزائرية بكل أبعادها الحضارية.