-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مكانة‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة

عابد شارف
  • 6126
  • 0
مكانة‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة

تحليل شامل وجريء، ذاك الذي نشره السيد ناجي سفير، باحث في علم الاجتماع، حول مشاركة العالم العربي والإسلامي في إنتاج العلم والمعرفة في العالم.

  • وجاء هذا التحليل على شكل تعليق على التقرير الذي تنجزه المنظمة العالمية للعلم والثقافة اليونسكو (Unesco) مرة كل خمس سنوات حول إنتاج العلم والمعرفة في العالم. ويشير السيد ناجي سفير إلى أبرز المعطيات التي تثبت تأخر العالم العربي والإسلامي في ميدان العلم والمعرفة، قبل أن يقدم سلسلة من الاقتراحات التي يراها ضرورية لفتح نافذة يستطيع العالم الإسلامي أن يدخل ساحة الإبداع العلمي. ويركز السيد ناجي سفير على “الدور المتنامي للمعرفة في الاقتصاد الشامل”، كما يشير إليه تقرير اليونسكو، كما يلاحظ أن كل المؤشرات المتوفرة تؤكد أن البلدان العربية والإسلامية لا تكتفي بتأخر ملحوظ في الميدان، بل إنها تفتقد القاعدة الفكرية والتنظيمية الذي تسمح‭ ‬لها‭ ‬بتدارك‭ ‬الأوضاع‭.‬
  • ويشير تقرير اليونسكو إلى أن البلدان الغربية المتكتلة في المنظمة من أجل التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) أنتجت 76.4 بالمائة من الإنتاج العلمي في العالم سنة 2008، بينما تكتفي الصين بـ10.6 بالمائة والهند بـ3.7 بالمائة وروسيا والبرازيل بـ2.7 بالمائة لكل منهما. وتمثل هذه المجموعات 96.1 بالمائة من الإنتاج العلمي في العالم، مع الإشارة إلى أن الأمر يتعلق هنا بالعلوم الطبيعية والفيزياء والرياضيات وأن تقييم إنتاج كل بلد يتم حسب عدد المنشورات في المجلات العلمية المعترف بها.
  • أما البلدان الإسلامية، التي تغطي فضاء منظمة المؤتمر الإسلامي، فإن تركيا (التي تنتمي كذلك إلى منظمة OCDE) تشارك بـ1.8 بالمائة وإيران بـ1.1 بالمائة والعالم العربي كله لا يشارك إلا بـ1.4 بالمائة. وإذا عرفنا أن عدد المنشورات العلمية في العالم اقتربت من المليون سنة 2008 (986.099 منشور)، فإن العالم الإسلامي لم ينتج منها إلا 5.3 بالمائة رغم أنه يشمل عشرين بالمائة من سكان العالم. ويقتصر إنتاج البلدان العربية على 1.4 بالمائة، أي 13.574 منشور، بينما يبلغ سكان العالم العربي 4.9 بالمائة من سكان العالم. ويتضح من ذلك أن الإنتاج العلمي للبلدان الإسلامية أضعف بـ3.77 مرات مقارنة بعدد السكان، بينما تبلغ تلك النسبة 3.5 في العالم العربي. ونشير إلى أن هذه الأرقام لا تشمل المسلمين والعرب الذين يعيشون في بلدان أخرى، لأن إنتاجهم ـ إن كان موجودا ـ يدخل إحصائيات البلدان التي يعيشون فيها‭.‬
  • ولا يبلغ إنتاج كل البلدان الإسلامية (52.000 منشور) إنتاج بلد واحد مثل فرنسا (57.133) بينما يفوق بقليل إيطاليا (45.273). أما البلدان العربية كلها، فإن إنتاجها (13.574) لا يتجاوز إنتاج بلجيكا (13.773)، ويفوق بقليل إنتاج إسرائيل (10.069)، ويبقى أضعف من إنتاج السويد‭ ‬‮(‬16‭.‬068‮)‬‭ ‬أو‭ ‬سويسرا‭ ‬‮(‬18‭.‬156‮)‬‭.‬
  • ويركز السيد ناجي سفير على دليل آخر، وهو عدد المنشورات لكل مليون ساكن، أو ما يمكن أن نسميه بالكثافة العلمية للمجتمع. ففي العالم الإسلامي، يتم نشر 38.74 منشور علمي لكل مليون نسمة، مقابل 41.23 في العالم العربي، بينما تبلغ هذه الأرقام 2.388 في سويسرا و1.459 في‭ ‬إسرائيل‭. ‬ويبلغ‭ ‬معدل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬المعدل‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬147‭.‬82‭ ‬لكل‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭.‬
  • هذا الواقع يفرض تحديا أساسيا: كيف يمكن لبلدان لا تتحكم في العلم والمعرفة أن تدخل المنافسة العالمية، مع العلم أن الاقتصاد العصري أصبح يرتكز أساسا على المعرفة؟ ويقول السيد ناجي سفير إن ذلك يفرض على المجتمعات الإسلامية أن توفر بعض الشروط، منها أن تتحول إلى فضاء‭ ‬يسمح‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يبدع‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬شرط‭ ‬أساسي‭ ‬لأي‭ ‬إنتاج‭ ‬علمي‭.‬
  • ويعتبر الباحث أن تأخر البلدان الإسلامية يشكل أزمة هيكلية خطيرة سيكون تجاوزها أمرا معقدا جدا. ويعتبر أن ذلك لن يكون ممكنا بواسطة عمليات تقنية بسيطة، إنما يتطلب عملية تغيير ذاتية وتحديد سياسات تسمح للعالم الإسلامي أن يدخل عالم إنتاج العلم والمعرفة. وتفرض هذه‭ ‬الثورة‭ ‬الذاتية‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬فكرتين‮:‬‭ ‬أولاهما،‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عالمان،‭ ‬‮”‬عالمنا‭ ‬وعالمهم‮”‬،‭ ‬والاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مواجهة‭ ‬بين‭ ‬التراث‭ ‬الإسلامي‭ ‬والتراث‭ ‬الغربي‭.‬
  • أما الفكرة الثانية، فإنها تفرض التخلي عن الفصل بين الجانب المادي والجانب الروحي لأية حضارة. ويؤكد الباحث أن الجوانب الروحية والمادية مرتبطة بصفة كاملة، ولا يمكن الاعتقاد أننا نستطيع أن نستغل الإنتاج المادي الصادر من الغرب بدعوى الحاجة، ثم نرفض الجانب الروحي لأنه يتناقض مع قيمنا. ومهما يكن، يقول السيد ناجي سفير، فإن “الطريق الوحيد” بالنسبة للعالم الإسلامي يكمن في “تقديم مشاركته الخاصة للإبداع العصري، وهو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يجنبه الانحطاط”. 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!