الرأي

من يفرح بـ G3؟

محمد سليم قلالة
  • 3142
  • 7

التكنولوجيا الألمانية المتقدمة لم تستطع اكتشاف أن وكالة الأمن القومي الأمريكي تتجسس على المستشارة “ميركل” إلا بعد 11 سنة، وكل ما هو مَحل سؤال اليوم على المستوى الرسمي في ألمانيا: هل كان الرئيس أوباما على علم بذلك أم لا؟.. وبالأمس كان الحديث عن فرنسا وإيطاليا وكافة حلفاء أمريكا في الاتحاد الأوروبي، جميعهم لم يفلتوا من قبضة التصنت الأمريكي على أعلى مستوى رغم ما لديهم من إمكانيات مسخرة لاكتشاف ذلك، ورغم تقدمهم في مجال تكنولوجيا الاتصالات، إلا أن كل تقدمهم لم يصل إلى مستوى ما بلغه الأمريكيون من قدرة على التقاط كل صغيرة وكبيرة لدى أصدقائهم وأعدائهم على حد سواء عبر التجسس المعلن “انترنت أو ما شابه” أو التجسس الخفي (خلايا التصنت في السفارات وغيرها) بما في ذلك على كبار المسؤولين.

يطرح هذا مسألة في غاية الأهمية بشأن الأمن القومي لدولة مازالت بُنيتها التكنولوجية ناشئة، لا تستطيع أن تحمي أية شبكة من شبكاتها المعلوماتية بأدنى الوسائل، ويجعل المرء يراجع نفسه  أكثر من مرة عندما يتحدث عن الصومال مثلا بأنها تمتلك الجيل الثالث أو الرابع من شبكة الهاتف النقال معتبرين ذلك تقدما، بل ولا يفرح كثيرا عندما يسمع بأن دولة ما قد حلّ بها الجيل الثالث G3  أو الرابع من شبكة الهواتف النقالة لأن ذلك يعني مزيدا من الانكشاف ومزيدا من التهديد على أمنها القومي.

لقد بلغت التكنولوجيا المتقدمة تطورا مذهلا في العشرين سنة الأخيرة، إلى درجة القدرة على التصنت على كل البشرية في نفس اللحظة (حاسوبات تعالج ملايير المكالمات في الثانية). ووكالات استعلام لا تنام للحظة (في أمريكا17 وكالة استعلام، السي آي آي واحدة منها فقط)… وليس أمام الدول الصغرى خاصة سوى ثلاثة بدائل بعد الآن:

ـ إما أن تجعل وتيرة انفتاحها على هذه التكنولوجيات متناسبة طرديا مع ما تملك من وسائل دفاع، وهذا يعني مزيدا من البطء في وتيرة التقدم.

ـ أو تتصرف على أساس أنها لا تملك ما تخفي فلا يتعب أحد نفسه معها.. وتتحرك بحرية في المجال التكنولوجي وغيره…

ـ أو نُبقي على الوسائل البدائية للاتصال فلا تستطيع التكنولوجيا المتقدمة ملاحقتها وتفلت من قبضتها إلى حين.

ويبدو أن البديل الثاني هو الأفضل على الإطلاق، إلا أنه يحتاج إلى أكبر قدر من الشفافية في جميع مناحي الحياة، وإلى أكبر قدر من الذكاء، وقبل ذلك إلى أكبر قدر من الثقة في النفس، فيما تقوم به هذه الدولة أو تلك.. ذلك أن “ميركل” اليوم برغم ما حدث، تجد نفسها مطمئنة وتتصرف بحكمة لأنه معروف عليها أنها هي

“ميركل” المستشارة وهي “ميركل” الإنسانة.. تصوروا لو كانت غير ذلك، ماذا سيفعل بها الأمريكان وبألمانيا ذاتها وقد جمعوا عنها معلومات خاصة وشخصية لمدة 11 سنة؟ 

مقالات ذات صلة