الرأي

مهرجان انتحابي

عمار يزلي
  • 1107
  • 4

بعدما تتبعت خطاب السبسي بشأن مشروع المساواة بين المرأة والرجل.. في الميراث، ثم متابعة خطاب السيسي حول رفع أسعار الوقود وقبلها إصلاح الدين وأكاديمية رجال الدين وقانون منع التدخل في التلفزيون لرجال الدين إلا برخصة من غير المتدينين، وجدت نفسي أكاد أخرج من عقلي: يغمى عليّ وأنام وسط الكوابيس.. والمكاحيل، والسيوف، والقنابل والمدافع من كل عيار.. لأجد نفسي أعبر المسافات وأدخل سوق الكباش مع البوشي واللي مبلع واللي مبوشي، مع الخرفان المُعدَّة للذبح بلا أمان. قلت في نفسي: لعل السبسي يساوي بين النعاج والكباش في الذبح والسلخ، ولعل السيسي يمنع الأضحية هذا العام بدعوى التقشف والمسخ.. ولعلنا نتمكن نحن في تخفيض أسعار الكباش من جراء تطفل الطفيليين الوسطاء وأصحاب الشكارة واللحم والكوكايين في التربُّح عن طرق أضاحي العيد على ظهر العباد.
وجدت مجموعات من الخرفان والكباش وحتى النعاج.. وبعض البقر وحتى الجمال والماعز.. الكل جيء بهم من طرف أحزابهم لحضور هذا المهرجان الخطابي المتلاحم. وجدت نفسي كمن يجيد لغة الطير والحيوان، لست أدري من أين تعلمت لغتها.. أكيد من مدرسة بن غبريط. أفهم لغة القطط والكلاب أيضا.. لماذا؟ لأني وجدت نفسي خروفا بين الخرفان: كبش فرطاس، عريان الراس. قلت لكبش صاحب قرنين، واحد أعوج قصير والثاني طويل وضخم: قلت له: يا ذا القرن، إلى أي حزب تنتمي؟ قال لي: حمس.. كسروا لي القرن الثاني وجيء بي للذبح مع هذا الفرطاس الأرسيدي.. مثلك أصلع الرأس.. قلت له: باين عليك من الأرندي.. قال لي: وأنت باين عليك أفلان. قلت له: كيف عرفتني.. شبَّهتني لولد عباس؟ قال لي: تهدر بزاف بلا فايدة.. وتخرط. قلت له: كلكم راكم تخرطوا.. تبعروا.. وتبعرروا.. قبل الذبح.. هل أنتم مدركون ماذا ينتظرنا جميعا؟ أجاب الفرطاس: يتهنى الفرطاس من حك الراس.
في زاوية أخرى، خرفان تطالب بالمساواة مع كبار الكباش. جمل راح يخور ويقول تحت أنفه: لا خدمة شريفة لا عمل مليح.. جابونا للشمال بعد ما هجرنا أهلنا في الجنوب. الكل صاروا يحبون لحم الغنمي.. مع العلم أن لحمنا أطيب طبيا.. الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. في المقابل، عجل في عامه الثاني يخور ويقول: أنا مش بقرة.. لا حمراء ولا صفراء فاقع لونها، علاش تذبحوني وأنا مازال باغي نعيييش.. باغي نحرق باش نعيش.. هذه ما هي معيشة مع هذه الأحزاب نتاع السكاكين.. هذا يذبح في هذا، وهذا يحلف في هذا: إذا مش في العيد ففي عاشوراء..
انتقلتُ والحبل في عنقي، يجرُّني بائعٌ يشتغل بالمناسبة عند صاحب شركة تركيب سيارات هو من اشترى نصف السوق من الموالين وجند عمال تركيب السيارات لبيع الأغنام بعدما وجد هؤلاء العمل أنفسهم دون عمل إثر تأثير حملة “خليها تصدي” على الإنتاج والبيع. تقنيون ومهندسون تحولوا إلى رعاة بقر وغنم. قلت لصاحبي الذي كان يجرني نحو مشتر محتمل: راك تبيع فيّ لمن يذبحني؟.. حتى أنت الموس رايح يوصل لك للعظم. يذبحوك طال الأمد أم قصُر. أنا بعْدا غير كبش أما أنت فبشر.. إذا سلكت في العشرية الحمراء.. فالعشرية السوداء ما تسلكش منها.. خليني نروح نهرب وأهرب حتى أنت خير ما تجبر روحك “تقاقي” مع الدجاج.. بين يدين البوشي وعمو خالد.. الجزار.
وأفيق وأنا أقلد صوت الخرفان.. أبعرر وأخور وأثغو وأموء.. في بلدنا، على تعدد اللغات.. لغة واحدة تسود.. “كثرة التقرقيب وقلة النقيب”.

مقالات ذات صلة