-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نهاية الكلامولوجية.. والأسئلة الصحيحة

نهاية الكلامولوجية.. والأسئلة الصحيحة

ما لاحظته من خلال أول يوم للحملة الانتخابية للرئاسيات في بلادنا، على عكس ما يبدو للبعض ربما، هو انتقال المواطن الجزائري من حالة الاستعداد المسبق لقبول الطرح السياسي الكلامولوجي كبديل كاف لإقناعه، كما كان في بداية عهده بالتعددية، إلى التطلع الواضح للطرح العملي الذي لا يسعى لوزنه سوى بميزان القدرة والقدوة والأخلاق.

لم تعد تلك المداخل الأيديولوجية أو المذهبية أو الكلامولوجية كاليسار أو اليمين، أو التاريخي وغير التاريخي، أو الليبرالي والاشتراكي، أو حتى تلك المداخل القائمة على تطهير البعض وتكفير البعض الآخر بقادرة على الوصول إلى عمق الجزائري وتحريكه في انتخابات مثل هذه..

أسئلة المواطن اليوم أصبحت مرتبطة بمسألتين متلازمتين: حسابات العقل والطابع الأخلاقي للسلوك: ماذا يقدم من حلول لأهم المشكلات التي يعيشها كل جزائري واقعيا؟ ومن يكون هذا أو ذاك أخلاقيا؟

هل يستطيع بحق منع الفساد والظلم والرشوة وتوفير مناصب الشغل ويمنع المال العام من النهب والتبذير غير المحدود، وهو يفعل ذلك؟

هل يستطيع بحق حل مشكلتي السكن وتدهور القدرة الشرائية، وهو لا يحس ولا يعيش ذلك؟

هل بإمكانه بحق إنقاذ الجيل الجديد من الضياع والفساد الأخلاقي وهو الذي لم يستطع إنقاذ أسرته من ذلك؟ هل يستطيع بحق إعادة الاعتبار للتربية والتعليم ودور الأستاذ في جميع أطوار التعليم وهو لا يدرس أبناءه في الجزائر؟

وهل كلامه حقيقي عن إصلاح المستشفيات وهو يعالج بالخارج؟ وهل يمنع الظلم عن الناس ويجعل القانون فوق كل الاعتبار وهو من يضع نفسه فوق القانون ويتعداه في كل مرة تضارب ذلك مع مصالحه وتطلعاته؟ 

وقس على ذلك عشرات الأسئلة الصحيحة البعيدة عن الكلامولوجية التي أصبحت اليوم تُطرح بوضوح ومن قبل الجميع، مما يدل أن معايير الاختيار لدى الناس تبدلت: إنهم يتطلعون أن تحكمهم برامج عملية لا وعودا وهمية، وكفاءات صادقة نظيفة اليد والجيب وقبل ذلك نظيفة العقل والقلب لا أفرادا يقولون ما لا يفعلون ويُظهرون ما لا يُضمرون..

يبقى هل سيجد الناس من بين السياسيين من يستجيب لتطلعاتهم؟ لعلي اعتقد ذلك على الأقل من خلال ما سمعته وعايشته مع  بعض المواطنين أثناء متابعتي في الميدان لليوم الأول من الحملة الانتخابية… لقد  أحسست بأن الناس قد أعلنوا وفاة الكلامولوجيا وبدأوا في طرح الأسئلة الصحيحة… وأنهم لم يأسوا من أن هناك من بدأ يقدم الإجابات الصحيحة عنها… وتلك هي مساحة الأمل التي دوما أتعلق بها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!