الرأي

نهاية مرحلة الاستخفاف بالشعب

محمد سليم قلالة
  • 3347
  • 6

تضاربت التحاليل حول التعديلات الأخيرة التي تمت على أعلى هرم في الدولة، وتعددت زوايا النظر إليها: هناك من يعتبر التغيير تحولا مفصليا في تاريخ البلاد، يشكل بداية اتباع منهجية جديدة لبناء الدولة، طالما تم البحث عنها منذ الاستقلال، تقوم على إلغاء احتكار السلطة وتوزيعها بين أقطاب متعددة، لتتَرجم في شكل فصل حقيقي بين السلطات يمنع الطغيان ويؤسس لديمقراطية حقّة… وهناك من يعتبره تكتيكا جديدا لاستمرار فريق في الحكم على حساب آخر لا يزيد عن إعادة تموقع لرجال ومصالح استعدادا للفوز بمعركة الحسم القادمة أي الرئاسيات ومنع الآخر أو الآخرين منها من غير أية رؤية أو استراتيجية مدروسة؟

.

فـأي  زوايا النظر أصح؟

من زاوية نظر المواطن، ما يحدث إلى حد الآن هو خارج اهتماماته، لأنه أولا لم يستشر في الأمر لا بطريفة مباشرة أولا غير مباشرة، وثانيا لم يهيأ لقبوله حتى بدون استشارته، وثالثا لأنه اعتاد ألا يلمس أي تأثير مباشر على حياته اليومية وعلى المشكلات التي يعيشها عندما يحدث التغيير دون إشراكه. ومن ثم فلا مبالاة لديه ولا ثقة له فيما يحدث… 

أما من زاوية المحلل الموضوعي فالأمر يتطلب ملاحظتين على أساسهما يتم الحكم:

ـ الأولى هل دافع هذا التغيير في أعلى هرم الدولة هو رؤية استراتيجية تريد أن تهيئ الأرضية للدخول في مرحلة تطور جديدة لدولة ما بعد الاستقلال تقوم على فكرة أن هذه الدولة استنفدت الأساليب التقليدية لاستمرارها وبقائها وعليها أن تستحدث أساليب جديدة قادرة على الاستمرار بها في القرن الحادي والعشرين؟ وفي هذه الحالة كيف تمت صياغة هذه الرؤية؟ ومن صاغها؟ ولماذ لم يتم إشراك المجتمع فيها؟ وهل هي بدوافع وطنية أم استجابة لضغوط أو “اقتراحات” خارجية ومن تكون ولماذا؟

ـ أم أن دافع هذا التغيير هو وجود فريق حاكم تسارعت أمامه الأحداث وخاف أن يفقد سيطرته على تداعياتها، فاحتاط لكل الاحتمالات، وأبعد كل الشكوك حتى يضمن لنفسه البقاء لأنه يعتقد أنه هو من يمثل الجزائر، ولا ثقة لديه في أن غيره أهل لقيادتها، وعليه أن يقوم بما يستطيع  القيام به ولو كان على عجل وبدون التفكير في النتائج والتداعيات، وفق منطق عليّ وعلى أعدائي؟

 

في كلا الحالتين ينبغي علينا، نحن  الذين تستهدفنا هذه السياسات، وستقوم على أكتافنا، وإن خسرت أو تصارعت سندفع ثمنها، أن نرفع نداءنا عاليا ونعلن حكمنا صريحا: لا تنتظروا أن نكون مرة أخرى وقودا لصراعاتكم أو طموحاتكم، ولا تستخفوا بارتفاع سقف الوعي لدى من تعتقدون أنهم أبناء الشعب المسكين، وتأكدوا بأنهم لن يخرجوا هذه المرة بالضرورة مؤيدين، خاصة ممن تعتبرونهم ما زالوا قصّرا دون الأربعين.

مقالات ذات صلة