-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“نِهال”.. قتلناها مليون مرّة

“نِهال”.. قتلناها مليون مرّة

هل كان السفاح “المفترض” الذي ربما اختطف الصغيرة نهال، من بين “أيدي” لُعبها الفاتنة، ومن براءتها المُقطّرة بماء الورد، أكثر بطشا منا، ونحن نعجز رغم “خبرتنا النفسية في معايشة مثل هاته المآسي”، أن نتعامل مع هذا الألم الذي عصف بعائلة “سي محند” بقلب جرجرة؟

هل تستحق البريئة نِهال، وهي التي لم تقترف في حقنا أي جريمة، لأنها باختصار لم تغادر بعد فطام براءتها، أن نرتكب في حقها هاته الشائعات، التي قتلتها بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة، مرّة عبر ألسنة من يعيشون من مآسي الناس، وأخرى عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي يهبّ فيها مع الريح كل من لا مناخ أخلاقي له؟

هل من المنطق أن تعيش الجزائر للمرة الألف، جريمة اختطاف أو اختفاء لبراءة في مدننا وقرانا، ولا تستطيع السلطة ومعها الشعب، التعامل مع مثل هاته الأوجاع، وبدلا من أن يموت الصبي بطعنة خنجر أو بشدّ الحبل حول عنقه أو بجرّة رصاص، يموت مليون مرّة، بأيدي المحيطين من حوله مع سبق الإصرار والترصد؟

لقد أبان تعاملنا مع قضية نهال، التي تحولت إلى مسلسل دام، يضاف إلى مسلسلات هارون وسارة وإبراهيم، بأننا فعلا حائرون وتائهون. والذي لا يحسن كظم غيظه، أو مواساة المكلومين، أو حتى خطّ رسالة تعزية لأهل الضحية بالمداد الأسود، لا يمكنه أن يُصلح أحوال بلد متخم بالأزمات، صار يعجز عن التعامل النفسي مع الأفراح كما الأقراح، ويعجز عن التعامل الاقتصادي في وجود ثروة النفط كما في غيابها.

لا أحد يشعر بالجمرات التي تكوي الآن قلب عائلة “سي محند”، إلا الذين اكتوت قلوبُهم بفراق أبنائهم في مجازر أليمة، صرنا نخشى أن تصبح علامة جزائرية من كثرة تكرارها، من وهران إلى العاصمة وإلى قسنطينة، مرورا بالأوراس وجرجرة، ولكننا نأمل في أن تكون العلامة الجزائرية، هي الهبّة التضامنية الشعبية الحكيمة، التي لا تهوّر فيها ولا مزايدة، والتي تحاول أن تكفكف دموع أهل الضحية، وهبّة سُلطوية حكيمة، تمزِّق جذور هذه المجازر التي عاثت في جثث الأبرياء تنكيلا وفي نفسية الناس إيلاما.

عذرا “نِهال” لأننا لم نرحم براءتك.. لم نترك ترحلين في أمان، ولم نحترم حتى دميتك الجامدة والمصدومة، كما لم يترك الجاني تعيشين بيننا.

عذرا “نِهال” فقد ظلمتك الألسنة والأقلام وحتى الوسائل التكنولوجية المتطورة، عذرا لك.. وأخبري رفاقك ورفيقاتك من الراحلين والراحلات، بأننا لم نستوعب الدرس، وأزمتنا المأساوية، لم تولّد فينا همّة، ونخشى أن يكون لنِهال أخواتٌ أخريات في مناطق أخرى، يكون مصيرهن مثل مصيرها، ونخشى أن نبقى نتعامل مع هاته المآسي، كما تعامل أهل قريش وهم يتتبّعون خطوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأجل قتله، قبل هجرته إلى يثرب، حيث اقترحوا أن يضربوه بسيوف كل العشائر ضربة واحدة فينتشر دمه بين القبائل، فيكون موته “موتات”.. وكان يا نِهال قتلك ألف جريمة وجريمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • امين

    نظرا لتدهور القيم الأخلاقية لم يعد مكان للمصاب عائلة الشهيدة ءالبريئة نهال أمام القصة التافهة للمراهقين كرومة و قويدر. فلا هبة تضامنية مع الاسرة و وعي بالخطر المحدق باطفال هذا البلد الذي ارتوى ترابه بدماء قوافل من الشهداء. اما حان الأوان لينعم أهله بشيء و لو بسيط من الأمن. رحمة الله عليك يا نهال و الهم الله اهلك الصبر و السلوان و جعلك الله شفيعة لهم يوم القيامة.

  • ناصر

    الغريب في الأمر أنه ولا مسؤول أو وزير خرج وقدم تعازيه لعائلة الضحية وكأن الجريمة وقعت خراج كوكب الأرض وليس حتى الجزائر .......... يقدمون تعازيهم للشعب الفرنسي والشعب التركي أما الشعب الجزائري ...................أفروها بيناتكم

  • العباسي

    كفيت ووفيت

  • حمورابي بوسعادة

    الله يرحم الطفلة التي وافتها المنية في سن البراءة ...ونتيجة للاهمال قد تكون تاهت وصارت وجبة للكلاب المشردة ...أو الذئاب الجائعة خاصة من فصيلة ابن أوي الموجود في المنطقة ...الله يصبر أهلها وذويها وكل أقاربها ؟

  • محمد

    الله يرحمنا و يرحم نهال و يجعلها دخرا لوالديها يوم البعث .. لم لا تعلن الجزاير الحداد .. فالشهيدة في جنة النعيم .. و لم لا يتظاهر العمال و النقابيون من اجل ابناء الجزاير فالحالات تعددت و لابد من اظهار الغضب .. لم لا نغير عقلية المختطفين الى منقدين و نغير قسوتهم الى رحمة ... لم لا يداع في التلفاز نشر المحبة و التسامح حتى للمدنبين عسى ان يرجع و يرد الامانة .. لم يهدد المجرم على الملا فالقاضي كفيل باخد الحق منه .. الحل في يد اهل الدراسات الاجتماعية و النفسانية لتشخيص الافة و معرفة اسبابها و علاجها

  • جزايري

    ربي يرحمها مسكين ويصبر والديها

  • حمادي

    بوركت ، وصفا وتحليلا ومقالك عنيت به نهال وقد انفطر قلبي لها ،ولكن في اوطاننا اختطفوا الاوطان برمتها وبراءة الاطفال فيها واحلامهم .لله رب يحمي الطفلة ويردها سالمة لاهلها

  • اذا زاد الشيئ عن حده

    مصير نهال لايزال مجهول وبسبب التخلف تحدث مثل هذه الأشياء - أول التخلف لأن هذه الكلمة تحمل معاني كثيرة وهي ليست محصورة على بلدان معينة - بل كل شعوب العالم تعاني من التخلف بـ ألوان مختلفة و بـ نسب متفاوتة - ذلك لأن التوازن الإجتماعي غائب في الشعوب وما بينها - وعندما تحث هذه الفوضة يتولد عنها عدم الإستقرار النفسي الذي يخلق توتر في الشخص فتبدء أحداث الواقع تحدث أخبارها - أمراض جسدية أمراض نفسية توجهات دينية سياسية متعصبة الذل و إستعباد البشر الإهانة والحقد الحرمان - ذلك لأن كفتان الميزان لم تعتدل

  • houria

    اااااه ياسيدي لقد اثلجت صدري واحزنت قلبي وابكيت عيني بما كتبته وقلته للاسف الشديد اطفلنا في خطر دائم اللهم احفظ اولادنا قرة اعيننا من كل سوء ولا تسلط عليهم وعلينا من لا يرحمهم ولا يرحمنا انك السميع الدعاء وارجع نهال البريئة الي ذويها واهلها سالمة معافة اميييييين يارب وانتقم من هؤلاء المجرمين

  • سيدعلي

    هذا جريمة "بعض" وسائل الإعلام التي همّها الوحيد بالانفراد بالسبق الصحفي دون أي اعتبار لانعكاس هذه الإشاعات على الوالدين (و خاصة الأم) !