-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل خسرت “الجهاد” المعركة؟

حسين لقرع
  • 796
  • 0
هل خسرت “الجهاد” المعركة؟

الآن وقد انتهت جولة القتال الجديدة بين حركة الجهاد الإسلامي وجيش الاحتلال، بعد خمسة أيام من التراشق بالصواريخ والقذائف، ينبغي للحركة أن تُجري تقييما عميقا للجولة، ولماذا خسرت خلالها ستةً من كبار قادتها مقارنة بقائدين اثنين في معركة أوت 2022، وهي خسارةٌ مؤلِمة بلا شكّ.

وإذا كان الاحتلالُ قد أخذ ثلاثة قادة على حين غرّة في الضربة الافتتاحية للمعركة، فإنّ اغتيال ثلاثة قادة آخرين بعد أيام من الحرب، وفي بيوتهم، يؤكّد أنّ هناك نقصا في اليقظة، في وقتٍ أكّد مسارُ اغتيالات قادة الحركة منذ سنوات، أنّ العدوّ يعرف عناوينهم بدقّة، وكان الأسلم أن يغادر القادة الثلاثة بيوتهم فور بدء الحرب بدل أن يتركوا أنفسهم عرضة للاغتيال بسهولة.

ويقودنا هذا النَّزَفُ الذي يحدث للقادة الميدانيين لـ”الجهاد” في كل مرة، إلى تأكيد حدوث اختراقٍ أمني خطير للحركة، وأنّ هناك خونة وجواسيسَ فلسطينيين يتعاونون مع العدوّ ضدّ وطنهم ويحددون له عناوين كبار قادة “الجهاد” وربما عناوين قادة باقي الفصائل أيضا استعدادا لتصفيتهم في جولاتٍ أخرى قادمة. ومن ثمّ، فإنّ على قادة “الجهاد” الآن التركيزَ على الأعمال الاستخباراتية لكشف الجواسيس والعملاء وتصفيتهم إذا ثبُتت عليهم الخيانة، كما كانت الثورة الجزائرية تفعل ضدّ الخونة بلا هوادة أو تردّد، تحجيمًا للخسائر في الجولات القادمة من الحرب المفتوحة مع الاحتلال.

ومع ذلك، فقد قادت “الجهاد” المعركة باقتدار وشجاعة وثبات، وأفشلت مخطط جيش الاحتلال في تدميرها، وبقيت تُطلق الصواريخ على المستوطنات إلى آخر لحظة من الجولة القتالية، وفشل العدوُّ في رصد مناطق إطلاقها وتدمير منصّاتها، كما أخفقت “القبة الحديدية” بعدها في اعتراض معظم الصواريخ التي أطلِقت على المستوطنات، واعترف العدو بتدمير 437 صاروخا فقط من أصل 1469، ولم تنجح منظومة “مقلاع داوود” سوى في اعتراض صاروخين فقط من تسعة أطلِقت على تل أبيب والقدس، ما يعني بوضوح أنّ هاتين المنظومتين اللتين طالما افتخر بهما الاحتلالُ وحاول تسويقهما لـ”حلفائه” العرب، قد فشلتا في هذه الجولة في اعتراض أزيد من ألف صاروخ، وهو ما يشكّل إخفاقا مدوّيا وغير مألوف، ويعكس تطوُّرا في دقة صواريخ المقاومة، وآخرها صاروخ “بُراق 85” الذي ضرب مستوطنات القدس، وكرّس التآكلَ المتواصل لقوّة الردع الصهيونية.

خلال هذه الجولة القصيرة، نزل نحو مليونيْ مستوطِن إلى الملاجئ، ونقلت الكاميراتُ بوضوح صور الكثير منهم، وأبرزهم وزيرة الاتصالات العنصرية ميري ريغيف، وهم يهربون إلى الملاجئ وقد مُلِئوا رُعبا، واضطرّت حكومة الاحتلال الفاشية إلى إجلاء الآلاف من سكان المستوطنات إلى الداخل المحتلّ، وتوقّفت الحياة العامّة 5 أيام، وتكبّد الاحتلالُ خسائرَ مادّية غير هيّنة…  وهي في الواقع انجازاتٌ لفصيل صغير للمقاومة عجزت عن تحقيقها حتى الجيوش العربية مجتمعة في حروب 1948 و1967 و1973.

وقد اعترف المراسلُ العسكري لـ”القناة 12″، شاي ليفي، بأنّ جولات القتال التي يشنّها الجيشُ الصهيوني باستمرار على غزة منذ 2008 إلى الآن لم تحُل دون تنامي القدرات التسليحية لفصائل المقاومة، كما يظهر من جولة قتالٍ إلى أخرى، ما يشكّل استنزافا مستمرا للكيان برغم عدم تكافؤ القوة بين الطرفين.

المقاومة الفلسطينية التي انطلقت بالحجر في الانتفاضة الأولى (7 ديسمبر 1987- سبتمبر 1993) تطوِّرُ الآن منظومة صاروخية تصل إلى تل أبيب وما بعدها، ويتحسّن أداؤُها من معركة إلى أخرى رغم الحصار الخانق، والجيشُ الذي كان يحقّق انتصارا كاسحا على الجيوش العربية في ظرفٍ ساعات، لا يستطيع الآن سحقَ فصيلٍ مسلّح صغير منها، ويستنجد بالوساطة المصرية لوقف إطلاق النار بعد 5 أيام فقط من القتال.. حركة “الجهاد” أدّت ما عليها وأكثر في هذه المعركة، ولا يكلّف اللهُ نفسا إلا وُسعها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!