-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وزارات ردود الفعل

وزارات ردود الفعل
أرشيف

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عن إصلاحات مستعجلة وجذرية في أعقاب هلاك طالبة جامعية في غرفتها الجامعية بعد انفجار قارورة غاز، وهو قرارٌ آخر يجعلنا نتخيّل بعض الوزارات وكأنها مجرد سيارات إطفاء تتجول في الشوارع لرش الماء على أي زاوية لهب، تماما كما تذكرت وزارة الصحة، بعد اندلاع وباء كورونا، بأن منظومتنا الصحية أكثر مرضا ووجعا، من المريض نفسه، وكما تتذكر وزارة التجارة والبريد والنقل بعد كل أزمة تهز الشارع وتتحوّل إلى مسلسل مرئي وسمعي ومقروء على مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي مازالت فيه البلاد محتاجة إلى ثورة مخططة تقتلع الطحالب وتغرس ما يعطي ثمارا طيبة لمستقبل البلاد.

تصرف الجزائر على وزارة التعليم العالي ميزانية تتعدى ميزانيات بلدان إفريقية، ولكن هذه الميزانية تصب في ما يسمى بالخدمات الجامعية من إطعام ونقل وإسكان والتي تُقدم بالدينار الرمزي للطلبة فتحوّلهم أشبه بالمساكين الذين يقفون في طوابير الإطعام فيأكلون حينا ويجوعون أخرى، وتدوسهم حافلات النقل ويتعرضون للتحرّش والتنمّر وما شابه ذلك من جنح، وقد يحترقون بموقد كهربائي أو قارورة غاز، ولا تُصرف على البحث العلمي ورفع مستوى الأساتذة إلا القليل، الذي يُصرف على الملتقيات وسفريات تكوين هي في غالبيتها للرغي والسياحة، بدليل أن الجامعة الجزائرية تحتل مراكز تتذيل أهم حصون الشعوب.

لقد فشلت الجماعات المحلية بشيوخ بلدياتها ومنتخَبيها وحتى وُلاتها، عندما قررت أن تكون هيئات ردّ فعل، من دون أي برامج علمية، فإذا غرقت المدينة في سيول الأمطار، صبّت أموال الميزانية في مشاريع الحواجز والجسور، وإذا ثار المواطنون من أجل الغاز أو الطرق، حوّلت ميزانيتها إلى ما يطلبون، في الوقت الذي تسيّر الوزارات، ليس لأجل تفادي الأزمات وإنما لكفكفتها، كما هو حال الكثير من الحقائب في الحكومة الحالية.

إذا كان هناك قطاعٌ مرشح لجراحة سريرية دقيقة مستعجلة فهو قطاع التعليم العالي، فمن غير اللائق أن يبقى همُّ قرابة مليوني طالب منحصرا ما بين الإطعام والمنحة الجامعية، وكأنهم في رحلة استجمامية وليس في معركة علمية على أبواب مجابهة الأزمات الكثيرة التي تعانيها البلاد، التي افتقدت للكفاءات الجامعية التي بإمكانها أن تنهض بالاقتصاد وتحقق الرفاهية للجزائريين ببرامج فعل، وليس ردود الفعل المفتقِرة إلى أيِّ خطة واضحة كما هو حاصلٌ في الجزائر منذ عقود طويلة إذ ترتفع المعنويات والإنفاق عندما يرتفع سعر النفط، وتنهار وتلامس القاع، عندما ينخفض سعر النفط.

علَّمتنا أزمة جائحة كورونا، بأن الوقاية والمنظومة الصحية القوية هي وحدها من تمنح الأمان للأمم من أي مفاجأة غير سارة، ولا توجد وقاية من الهزات السياسية والاقتصادية والعلمية خير من البرامج الوقائية المدروسة بعيدا عن الشعبوية، التي قد تزيد في كمية وجبة الطلبة بعض اللقيمات، ومن منحتهم الجامعية بضعة آلاف الدينارات، ومن عدد حافلات النقل، لكنها أبدا لن تعالج مشاكل الجامعة ولا البريد ولا الصحة ولا غيرها من جذورها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!