-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

.. ووقف نظام الملالي في العقبة !

محمود بلحيمر
  • 1321
  • 0
.. ووقف نظام الملالي في العقبة !

لم تكن الدوائر الغربية تتوقع أن تفرز الانتخابات الإيرانية مظاهرات بالحدة التي شاهدناها، رغم اهتمامها الشديد بكل صغيرة وكبيرة تجري في هذا البلد الواقف كالصنم أمام الهيمنة الغربية، والعازم على تحدي هذه الهيمنة بامتلاك النووي.

  • لكن هذا لم يمنعها من إصدار قراءات متباينة كان أهمها التحليل القائل أن نظام الملالي وقف في العقبة، على حد قول المثل العربي “ووقف حمار الشيخ في العقبة”.
  • العديد من المحللين والمختصين ذهبوا إلى الجزم بأن ما يحدث في إيران اليوم يشبه تماما ما أطاح بنظام الشاه سنة 1979، وحتما، هذا هو السيناريو الذي يسير نحوه اليوم نظام الملالي.
  • في هذا السياق كتب دافيد إيغناتيوس في صحيفة “الواشنطن بوسط” يوم 19 جوان الجاري يقول: “إن ما يحدث في شوارع طهران هو درس حول كيف يصنع التاريخ؛ فالأمر لا يتعلق في النهاية بمسدسات وشرطة سريه ولكن بإرادة مئات الآلاف من الأشخاص في المخاطرة بحياتهم من أجل الاحتجاج ضد الظلم. هذا ما أسقط نظام شاه إيران في 1979، وهذا ما يهز الملالي الآن”. ويخلص ذات الكاتب إلى أن النظام الإيراني يواجه اليوم ورطة حقيقية؛ فلو قدم تنازلات فإن ذلك قد يفهم على أنه في حالة وعن حقيقية، وإذا ما استعمل القوة ضد المتظاهرين فسيلهب الشارع، وهذا بالضبط الخيار الذي واجهه الشاه..
  • المحللون والمتحدثون عن تبعات ما يحدث في إيران تسابقوا في نسج سيناريوهات مماثلة لما حصل مع الانتفاضة البرتقالية في جيورجيا، أو ما حصل في للاتحاد السوفياتي في عهد غورباتشوف، وفي الفليبين للرئيس فرديناند ماركوس سنة 1986.. وتجارب مماثلة أين تغلب الشارع الراغب في “الديمقراطية والتغيير” على أنظمة توصف “بالقمعية والمنغلقة”، دون أن ينسوا الإشارة لتجارب أخرى فشلت كما حصل في ربيع بيكين أين تغلب القمع البوليسي على إرادة التغيير.
  • وكان انسياقهم وراء هذا التحليل منطلقا من فكرة أساسية مفادها أن ما يجري في الشارع الإيراني ليس مجرد احتجاجات على نتائج انتخابات يرى أنصار موسوي أنهم حرموا من الفوز بها بل هو احتجاج على “ديكتاتورية” النظام الديني في إيران، الذي يكون قد وصل إلى الشيخوخة بعد 30 سنة من الوجود، فلم يعد قادرا على تلبية تطلعات الأجيال الجديدة، سيما من الشباب الذين ولدوا بعد الثورة الإسلامية. هؤلاء تحمسوا لموسوي لأنه يبدو منفتحا وجريئا من حيث تبنيه للتغيير، بل ويرون فيه فرصتهم التي لا تعوض، لكنه يظل مناضلا من أجل التغيير داخل ذات النظام، الذي هو جزء منه ولا يمكنه الانقلاب عليه.
  • من جانب آخر، أثارت مظاهرات إيران نقاشا واسعا حول الأسلوب الذي ينبغي أن تسلكه الولايات المتحدة تجاهها. هل المصلحة في الوقوف مع الشارع ضد النظام؟ هل ينبغي مباشرة الحوار مع إيران بشأن الملف النووي في ظل ما حصل؟ لقد برزت مواقف منتقدة للرئيس باراك أوباما بشأن صمته مما يحصل في إيران على اعتبار أن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في الوقوف إلى جانب المتظاهرين. هذا الموقف عبر عنه شارلز كروثامر الكاتب المشهور في “الواشنطن بوسط” بانتقاد شديد لموقف أوباما مما يجري، حيث أوضح أن “ملايين الأشخاص خرجوا إلى الشوارع ضد دكتاتورية النظام الديني في طهران، إنهم يقاومون لوحدهم وينتظرون فقط كلمة بأن أمريكا بجانبهم. ماذا سمعوا من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟ الصمت. بل الأسوأ أن الرئيس أعلن بوضوح عن سياسته: مواصلة الحوار مع سادته الملالي..”
  • وإلى جانبه كتب بول وولفوفيتز، نائب وزير الدفاع السابق رامسفيلد من 2001 إلى 2005، قبل أن يرأس البنك الدولي ويستقيل لفضيحة أخلاقية، مقالا بعنوان: “بدون تعليق، ليس خيارا (أي ليس خيارا جيدا)” يقول فيه أنه “في وضعيات مثل هذه لا ينبغي أن نعتمد “بدون تعليق” كخيار، بل أن الصمت، لما يأتي من أمريكا، يعد في حد ذاته تعليقا، تعليق يفيد مساندة الذين يحتكرون السلطة ومناهضة الذين يحتجون ضد الوضع القائم”.
  • وهكذا يدعو الكاتب، الذي يعد أحد صقور إدارة جورج بوش الإبن، إلى أن تدعم أمريكا بوضوح المحتجين على اعتبار أن الإيرانيين “لا يحتجون فقط على تزوير الانتخابات ولكن على التعسف المتزايد لنظام ديكتاتوري”.
  • احتجاجات الانتخابات الإيرانية جعلت الكثير من الدوائر الغربية تسارع لإعادة قراءة الوضع الإيراني مجددا. هل الأمر يتعلق باحتجاجات ظرفية عن انتخابات سرعان ما تخمد؟ أم أنها إيذان بقرب ساعة الحقيقة لنظام الملالي؟ هل ينبغي المضي في سياسة الحوار والدبلوماسية بشأن ملف إيران النووي ولجعل طهران تقبل بالترتيبات الإقليمية التي يريد الغرب بزعامة الولايات المتحدة إرساءها؟ أم ينبغي تبني المساندة العلنية للمتظاهرين والإصلاحيين بغية خلخلة النظام من الداخل، إضافة إلى الضغط الدولي، قصد الإطاحة به؟
  • ما هو واضح أن أوباما تبنى موقفا حذرا لكنه لا يميل إلى المساندة العلنية للمتظاهرين، على الأقل في الظرف الراهن، ربما لانعدام معطيات جدية حول إمكانية خلخلة النظام في إيران الآن وما إن كان ذلك سيكون أحسن للولايات المتحدة لتطويعه، لكن ما هو مؤكد أنه سيستغل المظاهرات في الحوار المعقد الذي ينتظره مع القادة الإيرانيين حول الملف النووي، طالما أن النظام الإيراني يعتريه ضعفا وهشاشة الآن. فلم يعد قادرا على إعطاء الصورة الهادئة لانتقال السلطة عن طريق الانتخابات التي حملت محافظين مثل نجاد إلى السلطة وإصلاحيين مثل خاتمي. ونظام هش داخليا سوف يضطر إلى الإذعان أمام التحالف الدولي الغربي التي تتزعمه الولايات المتحدة.
  • Belhimer4@yahoo.fr

     

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!