-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يُخربون بيوتهم بأيديهم

الشروق أونلاين
  • 6656
  • 25
يُخربون بيوتهم بأيديهم

أصعب ما في الحياة أن تكتب تأبينية على روحك، وأصعب ما في الموت أن لا تجد من يكتب تعزية على روحك، وفي الحالتين هي طقوس انتحار رهيب يمارسه بعض من الشعب وبعض من الدولة في حق بلد شغل الورى وملأ الدنى بشعر رتلناه كالصلاة تسابيحه من حنايا جزائر، ما فتئت أن مسحت دموع الأسى حتى أغرقناها مرة أخرى في فوضى لا أحد تمكن من أن يُعطي لها عنوانا، فما بالك أن يجد لها تفسيرا وحلولا.

  • عملية الانتحار التي مارسها المحتجون والمتفرجون من الشعب منذ أيام بدأت في الحقيقة منذ سنوات، عندما نصبت السلطة مشانق معنوية جماعية في كل مكان، فأعدمت آمال الشباب، حتى عندما تهاطل غيث النفط بأسعاره التي كانت أشبه بالأحلام اهتمت الحكومات المتعاقبة بصرف ملايير الدولارات على الإنجازات المادية الكبرى ونست الاستثمار في الإنسان الجزائري الذي بقي آخر اهتماماتها، فكانت الحاويات تصل الموانئ بحثا عن خزانة في سفينة تسافر به إلى أي مكان في العالم ليعيش متخفيا كالخفافيش في بلاد السند والهند على أن يعيش صديقا لحائط هو أقرب إليه من أي موظف في البلدية التي ينتمي إليها.
  •  كلنا نعلم أن الذين ثاروا نهاية الأسبوع الماضي لم يخرجوا للشارع طلبا للزيت وللسكر، وكلنا نعلم أن الذين استفادوا من ثورة المحتجين فعاثوا في مرافق الشعب خرابا ما ثاروا من أجل بطونهم، لأنه لم يحدث في تاريخنا وأن ثار الجزائري من أجل أن يأكل. ولكن أن نباشر شق الطرقات السريعة دون أن نفتح له طريق المستقبل، وأن ننجز له مترو الأنفاق والعربات الهوائية دون أن نُخرجه من نفق اليأس ونمنحه هواء الحرية، وأن نخفّض له سعر السكر دون أن نخفض ارتفاعه في دمه، هو الذي جعله يشعر بالاحتقار، فيفقد حتى بوصلة الاحتجاج.. لأجل ذلك حتى لو منحناه السكر والزيت والحليب مجانا ما نزعنا فتيل النار التي أحرقته فأحرق بها مؤسسات الدولة والشعب معا، لأن الجزائريين عندما انتفضوا عام 1988 لم يكن سعر السكر يزيد عن خمسة دنانير ولكن كتم أنفاسه وحده من حرّكه على مدار قرون ووحده من سيحركه مستقبلا، ومن العار والظلم أن نتهمه بالثائر من أجل بطنه.
  • ولو سألت حكومتنا مئات المعتقلين عن سعر السكر والزيت في الأسواق لعرفت أنهم جميعا لا يعلمون، وأكثر من ذلك لم يسبق لهم أن اقتنوا هاته السلع، ومؤسف أن تعالج الحكومة “ورما” معنويا مزمنا بمسكّنات حمى عادية هي الأدرى أنها في غير مكانها.
  • ماذا نقول الآن بعد أن هدأت الأوضاع لأبنائنا إذا سألونا عن أحداث جانفي 2011؟.. هل نقول لهم إن الشعب جاع والدولة قد ضخت ثلاث مئة مليار دولار من أجل نهضة ما زالت أرقاما بكثير من “الأصفار”.. هل نقول لهم إن الشعب حرق المدارس من أجل العلم، وحرق مراكز البريد من أجل التكنولوجيا، وحرق البلديات من أجل الديموقراطية؟.. وهل نقول لهم إن المسؤولين بمختلف مناصبهم رفضوا الاستقالة من أجل أن يمنحوا الشعب حلولا لا أحد لمسها؟
  • ليس أصعب ما في الحياة أن نكتب فقط تأبينية على أرواحنا، ولكن أن نئد أحلام أبنائنا فنعجز بعد أن هدأ الوضع أن نجيبهم على كل هذه الأسئلة، ويعجزون هم الموؤودين عن الإجابة.. بأي ذنب قُتلت أحلامهم؟  
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
25
  • بنت البلاد

    مقال شباب بزااااااااف
    صحيح لم يكن السبب في الاحتجاجات هو سعر السكر و الزيت و...و......و ..........

    بارك الله في قلمك خويا العزيز

  • l.mm55@yahoo.com

    شكرا عبد الناصر مقال قيم معبر بكل معنى الكلمة هو كل الدول العربية تعاني من المشاكل دي مش الجزائر و بس
    الله يرحم صاحب الإلياذة الشهيرة مفدي زكري
    شغلنا الورى وملأنا الدنى**بشعر نرتله كالصلاة
    تسابيحه من حنايا الجزائر

  • tagzout

    عندما تكون هناك احزاب سياسية لا تعلرف انشغالات الناس إنما تعرف فقط ان الناس في أيام الانتخابات وعندما تكون النقابات عبارة عن مرتزقة لا تهتم إلا بطاعة اولي الأمر وعندما تكون الصحافة بوقا مأجورا ينتظر أن تحدث الكارثة ثم يحاول المسح بكلام لا يقنع طفلا صغيرا يختلط الحابل بالنابل يعم الضباب ويصبح الانسان عبدا ينتظر الرحمة من سيده

  • ياسين

    اشكرك جزيل الشكر على كل هده الكلمات المعبرة جدا تقبلو منى فائق الاحترام و التقدير

  • بدون اسم

    رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائع
    مقال قمه القمه
    قلت كل شئ
    نقطة انتهى

  • مصطفى

    بارك الله فيك يا كاتب المقال على هده الرؤية المتبصرة.فعلا ما أحوجنا في هدا الزمان الدي نعيش فيه ان نستشف واقعنا المرير الدي نتخبط فيه ليلا و نهارا وكأن قدرنا كتب علينا ان نحي على وقع بطوننا و شغل عقولنا في هم يعتبر عند الامم المتقدمة من بديهيات الحياة التي لا يجب التفكير فيها.اما نحن في الجزائر خاصة و في البلدان العربية عامة فحدث ولا حرج بل قل انما هي الحياة بعينها.ففي عام 2011 مازلنا نفكر في الزيت و السكر وغيرها من المنتجات وكأننا حاشكم الله بهائم تنتظر ان تعلف حتى لا تهلك.
    أفمكان الاجدر بولاة امورنا ان يتقوا الله في رعيتهم و ان يكفوهم دل السؤال و الالحاح حتى يصل بهم المطاف الى الاحتجاج و الغضب و التدمير و التحطيم عن غير دراية وابصار.
    هل فعلا ان حكومتنا و من ورائها من جيوش المستشارين و المحللين لا تفقه شيئا من أبجاديات الاقتصاد و الاجتماع حتى يلقنها الشارع درسا في فن اشباع البطون او انزلاق في هم تكسير الحصون العالية التي لا تفقه لغة العرب العامية.

  • الحزينة العذراء

    شكرا على مقالك سيدي فهو فعلا مقال يستوقف العاقل منا ويشغل المفكر فينا فقد أفضيت ببوحنا لأنا نعلم خلفية ما حدث ونخشى الافصاح عنها لا لشيء وانما لأنه لا يوجد من يسمعنا بل أكثر من ذلك لطالما كان حديثنا همسا وصراخنا غير مجد، ومع هذا لن نفقد الأمل لأنا شعب تعود أن يطلع من بين الخرائب ويضمد جراحه بنفسه فأبدا لن ننحني ولن نركع

  • ikram

    مقال بزاف شباب يعطيك الصحة عندك الحق في كلش

  • دزيري

    بارك الله فيك يا كاتب المقال فعلا الاحتجاجات لم تكن من اجل السكر و الزيت كما اراد النظام ان يقنع بها الراي العام و تقزيمها مشاكل الشعب و اختصارها في الزيت و السكر المشاكل اكبر و لا تخفى عن احد و على رأسها الفساد

  • algerien

    tres bon article

  • nora

    اخيرا حديث عن همومنا شكرا اخي

  • الجزائر قنطرة احلام

    اضاعوني واي فتى اضاعوا ...حسبي الله ونعم الوكيل.

  • لطفي

    كلمات معبرة جدا عن الواقع الجزائري ، بارك الله فيك الأخ عبد الناصر
    حقيقة هي كارثة في بلد له من الخيرات، من الثروات الهائلة، سواء الثروة البشرية، أو الثروة الطبيعية ويعيش في هذه الحالة المزرية
    إلى متى يبقى هؤلاء الحكام ينهبون ويسرقون ولا يشبعون؟
    إلى متى يبقى وضع كل من يصل إلى منصب ذو مسؤولية أو ما يبدأ به هو ملأ بطنه وجيبه بالحرام؟
    أين الضمير الأخلاقي والتربوي؟ كفانا من لغة الخشب، كفانا من التزييف، كفانا من الوعود الكاذبة، شباب اليوم شباب واعي لا تحوله كلمات مزيفة أو تحركه أحزاب موالية ، شباب اليوم حركه الواقع المرير الذي يعيشه
    حركه إما إلى عرض البحر، وإما إلى الانتحار في بلده باسموم التي تشتريها له حكومته، ولما خرج ينادي بمطالبه ، قالوا عنه شباب متهور وشباب مجرم ...
    ليس من المعقول أن نرى الظاهرة بدون أن نبحث عن أسبابها ودوافعها

    ليس من المعقول أن نتفرج على انتفاضة الشباب ولا نبحث عن أسباب انتفاضتهم
    ليس من المعقول أن نرى المجرمين يخربون ولا نبحث عن الأسباب التي جعلتهم يكونوا مجرمين
    للأسف هذا ما استعملته وسائل الإعلام لتغطية الظاهرة
    ولكن هيهات مستحيل نغطي الشمس بالغربال
    نسأل الله عز وجل أن يصلح حال بلداننا العربية كلها ويطهرها من دنس هؤلاء الحكام

  • naima

    salam you did a good sumuray of what happend last week.we wiche all the best 4 our country.allah yahdi ma khlek

  • mouloud

    شكرا أخي على هذا المقال الجيد؛
    جيل الشباب الجديد بدأ يصحو من غفوته ومن أحلام اليقضة التي كان يعيش فيها ، الرأسمالية (الإقطاعية !) آتية لنسف كل الأحلام إن لم نتفطن ونواجهها بحزم وشجاعة وتتابيرمعقولة .

  • شبعان من ربي

    عندما تعيش الدولة فوق راحة آيادي بعض المرتزقة فإن زعزعتها تكون أسهل ما يكون فكيف إن كانت فوق راحة أيادي إنتهازيين و مجرمين لكم الإجابة.

  • nasre

    لا فض فوك ولا شلت يمينك. حقا من الحماقة والذاجة اتهام هؤلاء الشباب بالمنحرف والمخرب. ماذا قدمت له الدولة حتى تتجنب كل ما حدث وماذا ستقدم له كي لا تعاد الكرة وتكون بالتأكيد أعظم.. كل ما يهم النظام هو الكراسي الوثيرة والنواب هم النوائب الحقيقية على الجزائر كفانا لوما وتجريحا في من خرج لينفس عن نفسه حين ضاقت به كل السبل حتى الهروب من هذا البلد صار عقوبة له يجرمها القانون وأي قانون ..؟؟؟؟؟

  • درش

    الله ينور عليك والله العظيم أستاذ وبارك الله فيك وفي قلمك وفعلاً كما كتبت فإن الحكومات العربية جميعها تتجاهل الإستثمار في الإنسان والذي هو أفضل أصل وأكثر الأصول إدراراً للربحية وهو الأصل الوحيد الذي يستطيع تعظيم قيمته عند الإستثمار فيه إلي أضعاف مضاعفة ولكن حكوماتنا تتجاهله ولا تعني به وتفضل الإستثمار في أية أصول أخري إستهلاكية أو عقارية أو مالية دونه ..... وتحياتي إلي إخوتنا في الجزائر....... وصباحكم زي العسل

  • علاء الاوراسي

    جوابك ايها الكاتب هو
    الراجل اللي كتب شغلنا الورا و ملاءنا الدنا .... مات في المنفى و النشيد اللي كتب كان راح يتمحى لولا بعض الرجال
    و من هذا تعرف حال البلاد و حال الشعب

  • بعد الموت شخصيا لا يهمني ان تبكاى عليا احد

    اصعب ما في الحياة على الإطلاق هو فقدانك للإيمان و اصعب ما في الموت هو لا مفر من العقاب جزاء اعمالنا و هذا هو "الميساج" الذي يجب ان يفهمه الجميع

  • وطن من لا وطن له

    رحمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاك يا وطن.

  • youva

    exactement mon frére rien a dir sur votre article , ta dit tous , et le pus dur ds la vie c que on peu pas repondre a toutes c question , car en pas faim du pain ni assoiffé de l'eau , faim de justice et assoiffé de démocratie

  • labib

    oui vous avez raison l'algerien n j'amais besoin du sucre l'algerien a besoin des hommes pour l'oriente ver le bon chemain

  • algerie

    يا جماعة الجزائريين الذين تمَّ خطفهم من طرف قراصنة صوماليين هل من جديد عليهم انشاء الله يكون بخير و يرجعوا الى ذويهم سالمين غانمين،

  • بدون اسم

    بارك الله لك في قلمك والله كلمات في الصميم وتعبر عن حالنا نحن شباب الجزائر والله ثم والله لحلمي ان انهض واساهم في تطوير بلدي لكن لا شيئ يحفزني لذلك
    بلدنا جنة لكن