-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حثت أبناءها على الجهاد وفتحت منزلها مأوى للمجاهدين:

خنساء فلسطين.. أسطورة النضال ونموذج تحذوه الأجيال

جواهر الشروق
  • 4859
  • 0
خنساء فلسطين.. أسطورة النضال ونموذج تحذوه الأجيال
ح.م

من بلد الزيتون والزيزفون تجنّحت ذكراها العطرة، وحلّقت حمائما بيضاء في سماء أرض تواقة للحرية، لتعانق سماء أرض روتها دماء الملايين ثمنا للحرية، فزجلت لها قوافل البشرى؛ أنْ صبرا أهل الرباط إنّ الله لا يخلف الميعاد..ولَكَم يشرفنا أن نضرّج صفحاتنا بمسك سيرتها، ونجعلها نبراسا آخر نستضيء به، إلى جانب عشراتٍ مثيلاتها من خنساوات الجزائر؛ إنها مريم محمد يوسف محيسن الشهيرة بأم نضال أو خنساء فلسطين.

الميلاد والنشأة

 هي إحدى القياديات في حركة المقاومة الإسلامية حماس، ونائبة في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح،ولدت بقطاع غزة بعد النكبة الفلسطينية في 24 من كانون الثاني – جانفي- سنة 1949، وزاولت تعليمها هناك، ثم تزوجت من السيد فتحي فرحات، وأنجبت منه عشرة أبناء .

منزلها مأوى المطاردين وساحة لمعركة الشرف

  تدثرت بلباس التقوى والإيمان واغتسلت بندى التضحية والعطاء، في سبيل الله والأرض، ففتحت بيتها للمجاهدين المطاردين من قبل قوات الإحتلال الصهيوني، رغم مخاطر المأمورية، وكان الشهيد عماد عقل القائد في الجناح العسكري لحركة حماس، من أبرز المطاردين الذين احتموا تحت سقفها، حيث وضعته سلطات الإحتلال على رأس قائمة المطلوبين، وجنّدت له عملاء خصيصا لتقفّي أثره، إذ كان يخطط ويتفق مع رفقاء الجهاد وينطلق لتنفيذ عملياته من منزلها المتواضع، إلى أن وُشي به من طرف أحدهم فباغتوهم وحاصروهم، وخرج عماد عقل عاري الصدر، يحمل مسدسه الوحيد ليدافع به عن نفسه، واشتبك مع قوات الإحتلال، حتى سقط شهيدا بعد أن اخترقت جسده أكثر من 70 رصاصة .

قدمت أبناءها فداء للوطن

ورغم كل ما لحق بها من تعنيف ومتابعات، ظّلت أم نضال وفيّة لمبادئها، ففي سنة 2002 ودّعت اِبنها محمد فرحات وهو ابن 17 عاما، بعد أن أصرّت على قائد كتائب القسام على أن يكون هو منفذ العملية الإستشهادية، وأوصته بأن لا يعود إليها إلا مثخنا في عدوه محمولا على أكتاف الرجال، وكان لها ما أرادت بعدما نفذ عملية بمدرسة لتدريب الجنود الصهاينة، فقتل تسعا منهم قبل أن ترتقي روحه إلى ربّها راضية مرضية.

وبعد سنة من استشهاد محمد، قدمت ابنها الثاني نضال فرحات، القائد الميداني في كتائب القسّام، الذي اغتاله جيش الإحتلال أثناء تجهيزه لطائرة بدون طيار، وكان هو أول من صنع صاروخا في فلسطين ويُعزى إليه صاروخ القسام هو ورفيقه الشهيد تيتو مسعود، حيث عرف في أوساط الحركة بمهندس الصواريخ .

واكتمل النصاب باِبنها الثالث رواد، الذي استشهد في سيارته جراء قصفه من طرف قوات الاحتلال سنة 2005، كما قضى أحد أبنائها الآخرين 11 سنة في معتقلات العدو. كل هذا ولسانها يلهج حمدا وشكرا لله، فكانت تودعهم في تجلد واحتساب وهي تردد: “والله إنكم أغلى من كل شيء ولكننا نبذلكم ونقدمكم إلى من هو أغلى وهو الله 

نضالها ومواقفها

لا جرم! امرأة كأمّ نضال هي مدرسة حقيقية في النضال، ونموذجا يحتذى به في حب الوطن وفدائه بالغالي والنفيس، فعدى مشاركتها في العمليات العسكرية من خلال إطلاقها لصواريخ القسام على المستوطنات المغتصبة، ونقل المؤونة إلى المرابطين على حدود غزة، حباها الله بفيض من سخاء النفس ومشاعر الرحمة، إذ كانت لا تتوانى عن مساعدة المحتاجين، ومواساة المكروبين وتحمل هموم المنكوبين في القطاع، فضلا عن نشاطها الدعوي والإصلاحي من خلال مشاركتها في العديد من الندوات والمحاضرات، ومن أروع من بدر منها، ذلك الموقف المنقطع النضير، حينما رفضت عرضا من رئيس الوزراء اسماعيل هنية لإعادة بناء بيتها بعد قصفه أربع مرات من طرف قوات المحتل، إلا بعد ترميم جميع المنازل المدمرة.

وفـاتــــــها

وبعد رحلة تتقاطر إباء وشرفا وفي 17 من آذار – مارس- استوفت أم نضال أيامها في مستشفى الشفاء بقطاع غزة، والتحقت بأبنائها إلى الحياة الأخرى، بعد صراع مع المرض دام سنوات، قضتها في رحلات علاجية بين مصر وسوريا وفلسطين وكان آخر ما خطته يداها الطاهرتان على ورقة  ” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ” فطوبى لها وروح وريحان وجنة نعيم.

 أجمل ما قيل عنها:

أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة: “نعاهد الله أن نبقى الأوفياء دوماً لدماء الشهداء ولأم نضال التي عملت على تحرير فلسطين التي عملت من أجل كل أبناء الشعب الفلسطيني الصامد، فسلام عليك يا أم نضال في الأولى والآخرة”.

أشرف عابدين مدير تعليم رفح: “إذا كانت الأم مدرسة فأم نضال مدرسة، وإن كان العلم مدرسة فالعلم أم نضال، وهي الأم التي علمت العالم بأسره وضربت أروع الأمثال في التضحية والجهاد”.

 أم محمد الرنتيسي مسؤولة العمل النسائي في حركة حماس: “أشهد أنها كانت أشرف من الرجال الذين رسموا وصمة عار في جبين المستسلمين والبائعين للوطن، فحياتها كلها مواقف مثلت نموذجًا للشعب والأمة بأكملها، من الصعب حصر حياة هذه المرأة في مواقف، فقد كانت قدوة في كل تصرفاتهما أو قولها لأسرتها ولكل الأمة، لم ألتق بها يوما إلا وجدتها امرأة عظيمة مجاهدة بالبذل والكلمة والمال والجهاد، وقد تركت بصمة وأسطورة في متابعة المرابطين وإيوائهم”.

 جميلة الشنطي وزيرة شؤون المرأة بغزة: “هي إنسانة بأمة، وسطّرت أسطورة عظيمة ونضالا رائعا ستتوارثه الأجيال بعد رحيلها“.هي قبلة يتوجه إليها الناس للتربية والجهاد، وبيتها مأوى المجاهدين وهي لم تتراجع عن إيوائهم رغم أنه نسف على رأسها هي وأبنائها”.

هدى نعيم النائب في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح: “كانت أكثر النواب إحساسا بهموم الناس، وكانت تحرص على عدم التغيب عن جلسات المجلس، وتلح علينا بأن يكون جهدنا الأول الوقوف إلى جانب المواطنين ومناصرة الفقراء ورفع المظالم عن الناس”.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • البوسعادي

    رحمها الله رحمة واسعة و اعلى مقامها في الدنيا و الاخرة

  • samir

    رحم الله المجاهدة و الشهيدة خنساء فلسطين ام فرحات و جعلها الله ذحرا للامة و نبراسا يضيء درب المقاومة و طريقا للاقتداء بها

  • رضا

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته، و الله و دون مجاملة، هذا الموضوع من أجمل و اروع المواضيع التي طالعتها على الجريدة. خاصة الطرح و التعبير الراقي و المقدمة التي تليق بروح و نظال السيدة الفاضلة رحمها الله، كما أن الموضوع حمل تصحيحا في سيرتها لمعظم الناس الذين ظنوا انها أستشهدت بتنفيذ عملية إستشهادية، جزيل الشكر يا ام نضال على الدروس التي قدمتها لنا رحمك الله، الهم أنصر إخوانا المجاهدين في فلسطين و غزة الحرة، و كل أرجاء العالم، ألهم كن لهم يا رحمان خير عون و خير سند.الحمد لله و السلام عليكم

  • بشير

    اللهم ارحم الشهداء المخلصين. إن الله لا يضيع أجر المحسنين.
    لكن، اعلموا أن شعوبنا لا يحكمها إلا الخونة و المنافقون الذين يمحون الذاكرة و يكثر المجاهدون المزورون و يأتي اليوم الذي نحس فيه أن شر الاستعمار أهون من شرهم.

  • صالح قربوعة

    سيعتبرها الخونة العملاء :إرهابية