تنظيم “بوكو حرام” .. باع طويل في إراقة الدماء

صدمت المشاهد التي تناقلتها تلفزيونات العالم قبل أيام، حينما ظهر “زعيم” حركة “بوكو حرام” النيجيرية المتشددة، ومعه العشرات من الفتيات المختطفات لديه، وأعلن خلال تلك المشاهد أنه مستعد للإفراج عن الفتيات المخطوفات مقابل الإفراج عن عناصر جماعته المسجونين في نيجيريا، صدمت العالم، من نهج تلك الجماعة المتشددة، التي سمحت لنفسها، تحت مسمى الإسلام، باختطاف فتيات، والادعاء أنه تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.

 يعني اسم بوكو حرام أن “التعليم الغربي حرام”، وبوكو حرام هي جماعة إسلامية نيجيرية مسلحة تدعي العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا. قائدها الحالي هو أبو بكر الشكوي. وسميت هذه الجماعة بـ”طالبان نيجيريا”. وهي مجموعة مؤلفة خصوصا من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر.

تأسست الجماعة في جانفي 2002، على يد محمد يوسف، وهو الذي أسس قاعدة الجماعة المسماة أفغانستان، في كناما، ولاية يوبه. يدعو يوسف إلى الديموقراطية وإلى تغيير نظام التعليم، وعلى حسب قوله: “هذه الحرب التي بدأت الآن سوف تستمر لوقت طويل”، وعند تأسيسها كانت الحركة تضم نحو مائتي شاب مسلم، بينهم نساء ومنذ ذلك الحين تخوض من حين إلى آخر مصادمات مع قوات الأمن في بوشي ومناطق أخرى بالبلاد.

وتورطت الجماعة في عدة هجمات أودت بحياة ما لا يقل عن 4 آلاف شخص هذه السنة. ويتولى زعامة الجماعة حاليًا أبو بكر شيكو، الذى يظهر على الساحة بشكل متقطع فى رسائل مسجلة على شرائط فيديو. ولد شيكو فى قرية “شيكو” النيجيرية، التى تقع على الحدود مع النيجر، ودرس فى كلية الدراسات القانونية والإسلامية فى نيجيريا.

يذكر عن “شيكو” مقولته المشهورة فى شريط فيديو أذيع فى عام 2012 على خلفية الهجوم على مدينة “كانو”، الذي خلف نحو 200 شخص بين قتيل وجريح: “أستمتع بقتل أي شخص يعادي الله، كما أستمتع بقتل الدجاج والكباش”، فى السياق ذاته، تفاخر زعيم الجماعة مؤخرًا فى شريط فيديو بقوله: “أنا أقوم بخطف فتياتكم، وسوف أقوم ببيعهن في السوق”.

وتعارض “بوكو حرام” تعليم الفتيات، وتقوم بخطف الفتيات لاستخدامهن كطاهيات وإماء، وقتلت المئات من الأطفال الأبرياء، وتسعى الجماعة لتحل محل حكومة نيجيريا بإقامة دولة إسلامية صارمة. وتتمركز قاعدة الجماعة في غابات “سامبيسا” في شمال شرق نيجيريا، ويتراوح جيشها بين المئات وآلاف المقاتلين.

وأشارت مجلة “تايم” الأمريكية إلى أن هناك أشياء يجب معرفتها حول بوكو حرام، أولها أن الجماعة بدأت فى أفقر منطقة فى نيجيريا، وثانيها أنهم ازدادوا عنفًا وشراسة بعد مقتل مؤسس الجماعة بينما كانت تحتجزه الشرطة، وثالثها أن استخدام الخيار العسكري لمواجهتهم يمكن أن يجعل الأمور أسوأ من ذي قبل، ورابعها أنهم يبدون أكثر شراسة وتطرفًا من تنظيم القاعدة.

قالوا عن بوكو حرام

فريد الباجي مؤسس ورئيس جمعية دار الحديث الزيتونيّة لـ “الشروق”:

“هم بعيدون عن الإسلام ونهجهم منهج الوهابية التكفيرية”

وصف الشيخ فريد الباجي، مؤسس ورئيس جمعية دار الحديث الزيتونيّة بتونس، نهج جماعة بوكو حرام، بالبعيد كل البعد عن الإسلام، وذكر أن منهجها منهج “الوهابية المتطرفة”.

قال الشيخ فريد الباجي لـ “الشروق”، إن الإسلام لا يبنى على القوة واستعمال السلاح، وإن المسألتين هما من صلاحيات السلطة الشرعية، ويؤكد أن ما تقوم به جماعة بوكو حرام لا يمت بصلة إلى الإسلام بل هو مسيء إلى للإسلام، وأن ما تقو به مرفوض جملة وتفصيلا، ويجزم محدثنا أن جماعة بوكو حرام لا تمت بأي صلة إلى تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء، و”يريدون أن يكونوا أوصياء على الشريعة”، على حد تعبيره.

ويتهم فريد الباجي المدرسة الوهابية بتغذية الفكر المتطرف لجماعة بوكو حرام وغيرها من الجماعات “الجهادية”، ويقول مفصلا: “المدرسة الوهابية وعبر تاريخها، تعتمد على مبدئي التكفير والتهجير، وتؤمن بشريعة واحدة خاصة بها هي الاعتماد على الغلظة والتشدد”.

عبد الرحيم شلبي المستشار السابق للأزهر الشريف لـ “الشروق”:

“متطرفون ولا أؤمن بفرضية اختراقهم من الغرب”

يقول المستشار الدبلوماسي لشيخ الأزهر السابق علي جمعة، السفير عبد الرحيم شلبي، إن ما تقوم جماعة بوكو حرام من الناحية الدينية “مسيء ولا يمت بصلة إلى الإسلام وتعاليمه السمحة، ومن الناحية السياسية “يشكلون خطرا وضررا كبيرا على نيجيريا وعلى دول الجوار”.

وإن كانت دوائر غربية قد عملت على اختراق الجماعة من أجل تشويه صورة الإسلام والقول فيما بعد إنه “دين عنف”، ينفي عبد الرحيم شلبي تلك الفرضية، ويقول لـ “الشروق”: “أنا لا أؤمن بالمؤامرة… الكلام عن اختراق دوائر غربية للجماعات المتشددة لعبة خطيرة على الغرب فتلك الجماعات ستنقلب على الغرب نفسه”. ويتابع: “أعتقد أن للغرب وعيا بعدم التورط. لا يتورط مع تيارات كهذه”.