-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

افتتاح جامع الجزائر.. تصالحٌ مع المرجعية أم تناطح؟

جمال غول
  • 340
  • 1
افتتاح جامع الجزائر.. تصالحٌ مع المرجعية أم تناطح؟
ح.م

عمَّت قلوبَ الجزائريين والجزائريات فرحةٌ وسرور واعتزاز في يوم مشهود حق أن يسمى يومَ الجزائر (11ربيع الأول 1442هـ الموافق  لـ 28 أكتوبر 2020م).

فرحةٌ بذكرى مولده عليه الصلاة والسلام التي بلغ من تعلّق الأمة الجزائرية بها أن تتبرك بها من خلال تسمية الأبناء باسم (مولود) وتسمية حتى النوادي الرياضية كمولودية الجزائر وغيرها، بل واختياره تاريخا للأحداث المتميزة كتاريخ اندلاع الثورة المباركة ومناسبة لختان الصبيان، وخطوبة العرسان وتقديم الهدايا والهِبات كمقدمات لمشاريع الزواج.

وسرور بافتتاح مسجد الجزائر الذي أصبح صرحا شامخا، ناطحا وهازما للكتدرائية المزعومة التي حاول المستدمر الفرنسي أن ينصبها في نفس المكان الذي سماه باسم أكبر كاردينال (لافجري) أوكِلت إليه قيادة أكبر حملة تبشيرية تنصيرية في إفريقيا كلها، ليصير اسم المكان (المحمدية) نسبة إلى رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، تعلوه منارة الأذان، رمزا يتراءى من وراء البحار.

واعتزاز بمناسبة افتتاحه التي جمعت بين الذكرى الدينية للمولد النبوي – جمعا بين البعد الزماني والبعد المكاني- والذكرى الوطنية للثورة المباركة، التي اندلعت في الفاتح من نوفمبر ليكون يوم افتتاح مسجد الجزائر يوما محمديا بامتياز ونوفمبريا باعتزاز كما جاء في كلمة السيد الوزير التي قرأها من الورقة دون رف كما هو معمولٌ به بروتوكوليا.

وكان ينبغي أن يكون هذا الافتتاح فتحا على الجزائر من جانب التصالح مع مرجعيتها على الأقل في يوم رسمي كهذا، وبحضور رسمي وتحت إشراف من رئيس الجمهورية وبحضور الوزير الأول، لكنه جاء افتتاحا ناطحا للمرجعية من أول يوم وتحت مسمع ومرأى جميع السلطات وبحضور الوزارة الوصية حامية المرجعية، وإلا كيف يؤخر من حقه التقديم ليس في التصفيف البروتوكولي فحسب، بل حتى في تقدُّم الصفوف لإظهار جانب أصيل في هذه المرجعية متعلق بأهم شعيرة دينية وهي الصلاة في المسجد الذي سُمِّي باسم الجزائر وما أدراك ما مسجد الجزائر!؟

كان التصفيف البروتوكولي يقتضي في حفل ديني في مسجد يشرف ويسهر على تسييره ويتولى شؤونه على مدار العام الأئمة والشيوخ، أن يكونوا هم في الصفوف الأولى قبل الوزراء ورجال السياسة، إلا أن نصيبهم كان في الصفوف الأخيرة، ولا حظَّ لهم حتى في أن تصل الكاميرات لتركز عليهم في يوم عرسهم!

وحين حان وقت صلاة العشاء كانت المرجعية على موعدٍ للرجوع القهقرى، إذ أُخّر في صلاة العشاء من قُدِّم لصلاة المغرب وهو الشيخ الفاضل الكريم “عبد الكريم الدباغي” الذي جسّد صورة ناصعة لجانب المرجعية بتفاصيلها، وهي الصورة التي يلتزم بها على مدار العام مع طلبته في مدرسته العامرة برقان في صحرائنا الحبيبة، وهي الصورة نفسها التي لا نكاد نراها في عاصمتنا وفي كثير من المدن الكبرى. صورة أرجعت لنا الأمل أننا نستطيع تجسيدها حتى في عاصمة البلاد، فلماذا يؤخر في صلاة العشاء، إلا إذا كان التزامه بالمرجعية محرجا وغير مُرحب به، أو كان تقديمه من قبيل النجدة فقط لعدم وصول من كان مبرمَجا لصلاة المغرب؟ أو أن هناك صورة أخرى للمرجعية يراد إظهارُها من باب تعدُّد المرجعية التي يريد بعض المسؤولين أن لا تتوحد، وأن تبقى هلامية غير مضبوطة، ما يسمح بتقليصها وتمديدها حسب المقاس المناسب لهم؟ أو ربما كانت هناك حربُ مواقع  تدفع كل واحد إلى تقديم فيلقه كدليل على تحكُّمه في زمام الشأن الديني وإن لم يكن وزيرا؟

إذا بنا في صلاة العشاء نخرج من صلب دائرة الشؤون الدينية والأوقاف إلى الدائرة المُحيطة بها، ولو طُرح السؤال على السيد الوزير: لماذا هذا الخروج؟ فهل سيكون جوابه أن ذلك من قلة الكفاءات أم من كثرة الولاءات أم لمآربَ أخرى؟ ورحنا نتابع صلاةً عمامةُ إمامها أزهريةٌ وعباءةُ مؤذنها مغربيةٌ، والأول قابض في هيئته، والثاني سادل، ورأينا الخروج من صلاة المغرب بتسليمة واحدة، ثم صار في العشاء بتسليمتين، لندخل في صورة لن تراها في أي بلد في جميع مساجده فضلا عن أن تراها في افتتاح رسمي وبحضور رسمي.

كنا نستطيع أن نجعل من افتتاح جامع جزائرنا  نقطة تصالح حقيقي مع مرجعيتنا، ونجعل من ذلك رسالة إقناع لجميع أئمَّتنا من خلال تلك الصورة الجمالية الخاشعة التي تركها شيخُنا “عبد الكريم الدباغي” وهو جالسٌ متوكئ بلباس جزائري تعلوه عمامة العلماء، ويُزيّنه رداء الستر، البرنوس الجزائري، ليكون كل ذلك طريقا لتجسيد مرجعيتنا على المستوى الافتائي ثم القضائي والمدني، ونحن محمديون بامتياز ونوفمبريون باعتزاز ولا يبقى ذلك لمجرد يوم فقط.

مع التنبيه إلى أننا لسنا في خصومة مع كفاءات الخير واختصاصات الشريعة من غير قطاعنا ولكن الأقربين أولى بالمعروف.

 في صلب الدائرة أيضا مَن حقُهم التقديم في مثل هذه المناسبات، لأنهم المرابطون على ثغور المحاريب والمنابر على مدار العام والصابرون على الآلام المادية والاجتماعية لذلك الرباط، التي لم تدفعهم إلى التخلي عن رباطهم، وذلك حتى لا يصير حالنا إلى المثل القائل (خبز الدار ياكلو البرّاني) وبعد ذلك، وكرماً وإيثارا نقول: مرحبا بالجميع ضيوفاً لتقاسم

خبز العيال رغم الخصاصة وقلة ذات اليد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • دونا

    الجزائر كجمهورية تحترم كل الديانات والمعتقدات -يهودية مسيحية اسلام بوذية هندوسية ....- وكل الاعراق والجنسيات -يهود عرب بربر افارقة سود فرس اتراك فرنجة ......- بلا احتقار للاخر ولا تمييز عنصري او ديني او عرقي الجميع سواسية امام عدالة قوانين الجمهورية الجديدة -نقصد الجمهورية الثانية - وامام الدستور الجزائري .
    الجزائر لن ولن تقبل بالطوائفف الدينية المتطرفة الشاذة والارهابية علي ارضها وستحاربها بقوة
    الجزائر بحاجة لشراكات واسستثمارات لتطوير اقتصادها المتعثر وليست بحاجة لفلسفات دينية او ايديولوجيات تافهة جائتنا من المشرق العربي التي كان بالامس السبب في مقتل 200000 جزائري بريئ -العشرية السوداء -