-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السلاح الصّامت أخطر من الأيادي الخفية

السلاح الصّامت أخطر من الأيادي الخفية

مازلنا نتكلم عن الأيادي الخفية اليوم، وكأننا في القرن التاسع عشر، حيث لا أقمار اصطناعية ولا حواسيب ولا إنترنت ومواقع للتواصل الاجتماعي… نتكلم عنها وكأنها مازالت تتحرك في شكل اتصال مباشر من شخص إلى شخص، وشراء ذمم، وتكوين جماعات عميلة تقوم بما يُطلب منها مقابل حفنة من المال أو امتيازات مادية ومعنوية يتم الاتفاقُ بشأنها وكأنها لم تتحول إلى شيء آخر تماما غير ما تَرمُز له اليد من إمكانية للقبض والعطاء، وقدرة على لَيِّ الذِّراع أو الضرب الموجع، إلى شيء آخر يستغني عن استخدام اليد تماما لإلحاق الضرر بمن يُريد وبالطريقة التي يُريد فيما يُعرف بالأسلحة الصامتة.

هذه الأسلحة الصامتة التي ليست سوى تلك التكنولوجيات المتقدِّمة التي أصبح بإمكانها التحكُّم في العقول وتسييرها كما تشاء، من خلال ليِّ الأفكار والضرب بقفازات إلكترونية ناعمة صامتة تتلاعب بالعواطف وتتحكم عن بعد في مشاعر الناس وإرادتهم حتى تصبح خاضعة طواعية لمن يُملي عليها أوامره بل وتنتظر منه ذلك.. تُشعل النار ببلدها تارة وتُحطِّم اقتصادها أو تبدِّد ثرواتها وتقتل نفسها بنفسها تارة أخرى.

هذه التكنولوجيات المتقدِّمة (الصامتة) هي التي ينبغي أن يُدرِك طبيعتَها كل الناس ويستعدُّوا لمواجهتها.. الخطر الداهم اليوم هو ذلك القادم منها أكثر من أولئك الأشخاص (سياسيين وغيرهم) ممَّن نعتقد أنهم سبب مشكلاتنا والصعوبات التي نَعرف، الذين هم في الغالب من ضحاياها!

علينا أن نُحصِّن أنفسنا بالوعي التام بأن أداتها لبلوغ ذلك هي بالدرجة الأولى شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، والمدوِّنون غير المتمرِّسين، والمعلِّقون غير الحذرين، ثم المواطنون حتى وهم يتجاذبون أطراف الحديث حول طاولة مقهى! جميعهم، مستهدفون بالتهيئة للانهيار من خلال تحويل عقولهم إلى ذلك الشعور بأن “أمرا ما يَحدُث في الخفاء ولكننا لا نستطيع معرفته أو التحكم فيه أو مواجهته، أو بأن الأمر ليس على ما يرام ولكننا لا نستطيع أن نفعل شيئا ولا أن نستجمع قوانا لمواجهته”، الذي لا يبقى بعده سوى بديل الاستسلام… الغاية القصوى التي تَسعى إلى تحقيقها هذه الأسلحة الصامتة.

والاستسلام هنا في مثل هذه الحرب، لا يعني ترك الأمور على حالها وكفى، إنما يعني الاستسلام للعقول المدبّرة خلف الستار تفعل ما تريد بمن استسلم لها، وكم فعلت ومازالت تفعل في أكثر من بلد شقيق وجار (سورية، العراق، اليمن، ليبيا…).

علينا أن نَعتبر إذا أردنا أن نأمل الانتصار على أخطر سلاح مُوجَّه ضدنا اليوم.. هذا السلاح الصامت الأكثر تدميرا من أيادي القرن التاسع عشر الخفية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!