-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطرق الصوفية في الجزائر: بين التأييد والمعارضة

الطرق الصوفية في الجزائر: بين التأييد والمعارضة

عرفت الجزائر الكثير من الطرق الصوفية ـ تجاوزت الثلاثين طريقة ـ وكانت تعد من أهم مراكزها في العالم الإسلامي، بل كانت من أوائل الدول التي عرفت هذه الظاهرة، التي التف حولها كثير من الناس، وغطت مساحات شاسعة من القطر، وأدّت أدوارا أساسية في توجيه الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية بالجزائر، إلا أن آراء المهتمين بالموضوع اختلفت ما بين مؤيد ومعارض:

  • فريق يهاجم الطرق الصوفية: فلا يعترف لها بأي فضل أو مزية ويحذر منها المسلمين، ويراها سببا في التخلف والانحطاط والضعف الذي عرفه العالم الإسلامي، ويرى فيها رمزا للخمول والكسل والتواكل الذي أصابه في العصور المتأخرة، وأنها من عوامل دخول المحتل الأجنبي أراضي المسلمين. حتى قال قائلهم: “إننا علمنا حق العلم بعد التروي والتثبت ودراسة أحوال الأمة ومناشئ أمراضها أن هذه الطرق المبتدعة في الإسلام هي سبب تفرق المسلمين ونعلم أننا حين نقاومها نقاوم كل شر”. وقال في موضع آخر: “إن هذه الهوة العميقة التي أصبحت حاجزا بين الأمة وقرآنها هي من صنيع أيدي الطرقيين”.
  • وفريق آخر: يدافع عن الطرق الصوفية ويرى فيها المنقذ والمخلص مما يتخبط فيه العالم الإسلامي، من ضياع وانحلال وأن الطرق الصوفية قد ساهمت بقدر وافر في الحفاظ على مقومات الأمة وأنقذت ما أمكن لها أن تنقذ من مبادئ يقوم عليها المجتمع المسلم. ويرى فيها عنصرا إيجابيا فعالا في توجيه الحياة الاجتماعية والفكرية والسياسية، وخاصة في الدعوة إلى الجهاد (الأمير عبد القادر، الأمير شاميل، عز الدين القسام…). فيقول أحد الباحثين المعاصرين متحدثا عن الدور الهام الذي أدته الطرق الصوفية في المجتمعات التي وجدت بها: “ونولي وجهتنا نحو بؤرة المجتمع وتفاعلاته اليومية نلتقي بالفعل بالدور الكبير الذي لعبته الطرق الصوفية، كوثبة من الوثبات الحيوية التي تعبر عن حركات المجتمع وتطوره الذاتي”. ويقول آخر: “في اعتقادي أن الطرق الصوفية قد تعرضت إلى موجات من النقد عاتية، وهجومات حادة من طرف كثير من الجهات، لم تكن تستخدم المنهج العلمي، ولا النقد الموضوعي بل استخدمت أساليب أخرى طوال الفترات السابقة، والآن وبعد أن هدأت عاصفة اللوم والنقد والبحث عن أسباب الانحطاط وتعليل تأخر المسلمين وتقدم غيرهم، يجب علينا التخلي عن هذه النظرة السطحية الضيقة، وأن نلقي جانبا الأفكار المسبقة التي تلقيناها في مدارس ما بعد الاستقلال، فقد اعتبرنا إلى وقت قريب أن الأب الروحي للثورة المظفرة هو الإمام عبد الحميد بن باديس، وتجاهلنا الدور الأساسي الذي قام به مصالي الحاج في التحضير للثورة والإعداد لها.
  • إننا نحتاج في أيامنا الراهنة إلى إماطة اللثام عن ماضينا وتاريخنا الثقافي والعلمي، دون نظرة استخفاف ولا عدوانية، كما نلاحظ ذلك عند كثير من باحثينا للأسف الشديد. يجب علينا أن ندرس هذه الظاهرة بعيدا عن الروح المناقبية وعن النقد السلبي لهذه الطرق، أن نعود إلى التاريخ الحقيقي لهذه الطرق، وأن نستجلي الحقائق بعيدا عن الضغوط والإملاءات. يجب أن نفهم هذه العلاقات المتداخلة المتشابكة بين الدين والمقدس والسياسة والفقه والتصوف والحضارة، ونعمل على بعث نهضة علمية روحية متكاملة على الصعيدين النظري والعملي، للانطلاق إلى مجالات أرقى ومستويات أعلى. بهدف النهوض بالمسؤوليات التاريخية والحضارية.
  • والذي نراه في هذه النقطة تحديدا، وما يثبته البحث التاريخي الأكاديمي الجاد، أن الطرق الصوفية في العالم الإسلامي بشكل عام وفي الجزائر تحديدا، ساهمت مساهمة فعالة في مجالات الحياة الإنسانية المختلفة، وأصبح الناس يعتمدون عليها اعتمادا كليا لمواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تحل بهم من حين لآخر: فكانت الزاوية مركزا لوحدة القبيلة، فك الخصومات، الشفاعات، كفالة اليتامى والأرامل، المساعدة في الشدة، الحفاظ على عادات المجتمع…
  • وبفضل نشاطها عرفت البلاد الجزائرية عبر أجيال متعاقبة، حياة فكرية تتميز بالمحافظة، وواقعا ثقافيا يقوم بالمحافظة على تراث الحضارة الإسلامية والعمل لتأصيله عن طريق أساليب التعليم والتربية المتوارثة، ولعل هذا ما سمح بتحقيق توازن في ذهنية الفرد الجزائري وتوجه الجماعة.
  • وأنها كانت بمثابة السياج المنيع، والملجأ الأخير للشعب في مواجهة المحتل، وبمثابة الصخرة التي تحطمت أمامها كل المحاولات الرامية إلى سلخ هذه الأمة عن تراثها وتاريخها ومجدها وحضارتها، حافظت على ما يمكن أن يحافظ عليه ولم تكن أبدا عامل تقهقهر وانحسار كما يدعي البعض، إذ من أبرز خصائصها: المقاومة والتصدي والمواجهة.
  • فبعد سقوط الدولة في الجزائر إثر دخول الاحتلال الفرنسي، كانت الطرق الصوفية هي التي توّلت المبادرة، فيذكر حمدان خوجة في كتابه “المرآة” أن شيوخ الطرق الصوفية هم الذين أمروا جميع المواطنين الجزائريين بالتعبئة العامة والدفاع عن مدينة الجزائر العاصمة. وعلى الرغم ما يقال هنا وهناك، من أن مقاومة الأمير لم تكن صادرة عن طريقة ما، فأنا لم أجد تفسيرا لالتفاف الجموع والقبائل حول شخص الشيخ محي الدين، إلا أنه كان شيخا للطريقة القادرية التي تشرف بخدمتها.
  • يقول المؤرخ الفرنسي مارسيل إيميري: “إن معظم الثورات التي وقعت خلال القرن التاسع عشر في الجزائر كانت قد أعدّت ونظمت ونفذت بوحي من الطرق الصوفية، فالأمير عبد القادر كان رئيسا لواحدة منها وهي الجمعية القادرية، ومن بين الجمعيات المشهورة التي أدت دورا أساسيا في هذه الثورات: الرحمانية، السنوسية، الدرقاوية، الطيبية”.
  • يبدو لي أن الحركات والتيارات الوافدة علينا من الشرق والغرب، هي التي أفسدت علينا الرؤية، وحرمتنا من كثير من النظر السليم لماضينا المشرق المشرف الزاهر. وأن تهافتنا وانبهارنا بما قدم من وراء البحار والحدود هو الذي أدى بنا إلى كل هذه النتائج والعواقب الوخيمة، التي لا زلنا إلى اليوم ندفع فاتورتها التي تعد من أغلى الفواتير التي تدفعها الشعوب نتيجة جهل ونقص وانعدام المرشد والدليل.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • cafearabica

    laa3anahoum allah,wa harabahoum el islam,koulou firka fi anar illa wahida,ahlou essouna wa eldjmaa!

  • hocine

    إن التصوف الأن لم يعد علي الطريق الصحيح كما كان في أوله اي كما في عهد أبو حامد الغزالي و عبد القادر الكيلاني والفضيل بن عياض والحسن البصري رضي الله عنهم , كان الزهد والورع والعلم والأدب صيفاتهم أما اليوم فلم يبقا من هدا إلا القليل فاليوم لا نسميه التصوف بل الطرقية فبدلوا العبادة بالرقص والدكر الغريب الدي لم يؤتر عن رسول أو صحابي وجعلوا الغناء والأختلاط مكان الزهد والعلم وساندوا أو سكتوا عن الإستعمار إلا من رحم ربي فحارب منهجهم إبن باديس والإبراهيمي رحمهم الله وسكتوا عن إلغاء الشريعة من الحكم مع بدع لم ينزل بها الله من سلطان كالحلول و وحدت الوجود والعلم الظاهر والباطن.....إلخ
    أما من سبق الحديث عنهم فهم من أعلام الؤمة

  • عزوز غاوى

    اسكن قرب زاويه كل شىء يتنافى مع الاسلام فشيخها مشعود وساحر وتدريس القران يعتبر غطاء والمحير ان هدا الدجال صديق اغلب الوزراء انشرى يا شروق ولو مره

  • ياسيـــــــــــن حسين داي

    السلام عليكم ورحمة الله
    لمن أراد أن يدرك معنى الصوفية فليقارن بصدق وحياد بين ما هم عليه من بدع وخرافات وأذكار مبتدعة وشركيات وبين سلف هذه الأمة من صحابة وأئمة الأربعة,
    فمتى سمعت الذكر الصوفي تبادر إلى ذهنك رقصهم الجماعي وهم يرددون عبارة الله الله الله يهزون رؤوسهم , أهكذا كان يذكر الرسول وصحابته, الجواب واضح
    أما ما يدعيه البعض أن الصوفية يهتمون بالسلوك, فالاسلام واضح في هذا الشأن, فكيف كان الناس قبل ظهور الطرق الصوفية, هل كانوا على غير سلوك وخلق وزهد وورع, لا والله كانوا خير سلف لنا, وما في السنة المطهرة ما يغني عما يأتون به من بدع كما قال الشاعر : وفي طلعة البدر ما يُغنيك عن زحلٍ
    نحن لسنا بسصدد نقد الصوفية او التهجم عليهم , ولكن نحب أن يفهم الناس أن خير الهدي هدي محمد صلى اله عليه وسلم زما خالف هديه فلنضرب به عرض الحائط, ولنتمسك بسنّة نبيّنا, فوالله ما ننتسب لأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم فهو المتّبع والأسوة الحسنة وما دونه فمصيب ومخطيء
    والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
    السلام عليكم

  • tahar

    نعم مهام الزاوية نبيلة و عظيمة و لكن المشرفين عليها أساؤوا لها بطريقة غير مباشرة في :

    ـ تعظيم شأن المشرف العام عليها مما جعل العامة يتبركون به و يعتقدونه واسطة بينهم و بين الله تعالى بل رأينا في بعض المناسبات العامة كبار رجال الدولة ـ يبــــــــــــــــــوسون ـ أي يقبلون يد المشرف و ينحنون له بشكل لا نراه من الدين على الاطلاق .

    ـ تعظيم شأن الاموات المدفونين في هذه الزوايا من الرجال الصالحين لدرجة تخالف السنة النبوية الشريفة .

    و الان عودوا الى التلفزيون الرسمي و شاهدوا معي حلقة من تلك الدروس الرمضانية في تلك الزاوية ..
    من يوجد في القاعة ، يوجد طلبة الزاوية فقتـــــط على ما اعتقد لان الجميع بزي واحد رغم أن المكان واسع و يبدو مسجدا فأين فسيفساء مساجدنا من ممن يرتادونها من مختلف الاعمار و الاشكال.

    إنك عندما تنظر الى ذلك المنظر يخيل اليك بأن هذه الزاوية حكرا على طلبتها فقط و لا علاقة لها بعامة الشعب و أعوذ بالله أن أشبهها بدير النصارى في اليونان المترامية في جزر معزولة لا يدخلها و لا يصلي فيها و لا يجتمع فيها إلا الرهبان بزيهم المعروف .

    إفتحوا باب الزاوية من فضلكم لعامة الشعب و في تلقائية تامة من دون فرض زي محدد عند الحضور و خلوا بين الشعب و الزاوية ليستمع و يتعلم و التفتوا أكثر الى مهام الزاوية النبيلة في كل المجالات و تركوا عبادة الذات و تقديس الاشخاص سواء كانوا موتى أو أحياء .

  • alsamiri

    أين تعليقي يا أدعياء حرية التعبير

  • محمد الأمين.

    بسم الله الرحمان الرحيم
    أوّلا: أريد أن أصحح أن الشيخ عزالدين القسام لم يكن صوفيا بل كان سلفيا، انظر كتاب"السلفيون وقضية فلسطين".
    ثانيا: الأمير عبد القادر كما قال حفيده في قناة المستقلة أنه لم يكن صوفيا بالمعنى المتداول بل أنكر على الصوفية مايفعلونه من شرك وتخلف، كما أنهم أنكروا عليه جهاده ضد المحتل بل وحاولوا قتله.
    ثالثا: لا يمكن لنا أن ننسى تلك المبايعة الشهيرة من مشايخ الطرق الصوفية لفرنسا، والتي شارك فيها كل من شيخ التيجانية في زاوية عين ماضي الكبرى، وشيخ زاوية تماسين، وشيخ زاوية قمار، وشيخ الطريقة الرحمانية في زاوية الهامل، وشيخ الطريقة الرحمانية في زاوية أولاد جلال، وشيخ الطريقة السنوسية في زاوية أولاد شافع، وشيخ الطريقة الطيبية، وشيخ الطريقة القادرية في زاويتي توقرت وعميش، وكبير زاوية القندوسية، وكبار مشايخ الطرق الرحمانية والقادرية والعيساوية، وختمت هذه المبايعة بقولهم" اللهم أعن فرنسا التي هي أمنا ونحن أبناؤها، إنك على كل شيئ قدير وبالإجابة جدير". انظر مقال"شيوخ الزوايا في الجزائر يبايعون فرنسا" في كتاب " نفاضة الجراب" د. عبد الله حمادي.
    رابعا: أننا لا يمكن أن ننسى أيضا تلك الفتوى التي أصدرها مشايخ الطرق الصوفية بعدم جواز مقاومة الإحتلال وأنه قدر محتوم علينا.
    خامسا: كما أننا أيضا لا يمكن أن ننسى محاربتها للمصلحين ومحاولة قتلهم كالشيخ ابن باديس والشيخ مبارك الميلي والشيخ العربي التبسي وغيرهم، وما هذا إلا محاربة للعلم والتعلم.
    سادسا: أن الأخطر من ذلك كله هو ما تنشره في الأمة من جهل وتخلف كالطواف حول القبور ودعاء أصحابها والنذر لهم والدبح عندهم والاستعانة والاستغاثة بهم واعتقاد النفع والضر فيهم والخوف منهم، وعدم الاهتمام بشؤون المسلمين وكأنهم جزء منفصل عنهم.

  • عبدو

    يبدو لي أن هاته الطرق تحمل في طياتها كثيرا من الضلالة و التضليل ، فهي تحتوي كثيرا من الطقوس الغربية ما أنزل الله بها من سلطان ، ولعلّ خير مثال على ذلك هو الزردة و الوعدة و غيرها من الخزعبلات التي لا تمتُّ للإسلام بصلة ، ولقد حاربها العلامة عبد الحميد بن باديس و سعى لمنعها حتى قيل بأن محاولة إغتياله قد تمّت بتواطؤ من الصوفية .
    ينبغي على الواحد منا أن يترفّع عن هاته الضلالات التي أفسدت الحرث و النسل ، نحن لا ننكر الدور الذي لعبته الزاوية إبّان الإستعمار ، لكن الآن ينبغي إعادة النظر في دور الزاوية و ذلك إما بتصفيتها و تنقيتها من هؤلاء الصوفية الذين إنحرفوا عن جادة الصواب و إما إلغاء دور الزاوية و فتح الكتاتيب و مدارس القرآن للتدرس في كل مكان .لقد رأيت بأم عيني طقوسا في الزاوية ما أنزل الله بها من سلطان حيث يخيّل إليهم أنهم في مرحلة التخلية و التحلية تخلية النفس من الشرور و تحليتها بنور الله.ندعو من الله تعالى في هذا الشهر الكريم أن يصلح أحوالنا و أن يهدينا إلى جادة الصواب.

  • محمد

    للدين طريق واحدة اما الباقي فهي بدع فهذه الطرق خطيرة علي المسلمين لانها تمسهم في توحيدهم لله عز وجل

  • جزائري مسلم

    اسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون؟
    ما موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من الصوفية؟

    الشيخ البشير الإبراهيمي الجزائري ومقاومته للصوفية
    ترتبط مقاومة الصُّوفيَّة المبتدعة بإصلاح العقيدة ارتباطاً وثيقاً, وقدَ كشفَ الإبراهيميُّ رحمه اللَّه
    عن مخازي هؤلاء وحاربهم بشدَّة, وعاملهم بما يستحقُّون لأَّنهم تاجروا باسم الدِّين, وزجَّت بهم فرنسا في أتون المعركة, فَأَصغِ إليه وهو يقول :
    "في أيَّام الحملة الكبرى على الحكومة الفرنسيَّة ظهرَ هؤلاء بمظهر مناقض للدِّين، فكشفوا السِّترَ عن حقيقتهم المستوردة، ووقفوا في صفِّ الحكومة مؤيِّدين لها، خاذلين لدينهم وللمدافعين عن حريَّته مطالبين بتأييد استعباده، عاملين بكُلّ جهدهم على بقائه بيد حكومة مستحيِّة تخرِّبه بأيديهم، وتشوِّه حقائقه بألسنتهم، وتلوِّثُ محاربيه ومنابره بضلالتهم"

    ويقول :
    "وقد أخَذوا في الزَّمن الأخير ببعض مظاهر العصر ، وتسلَّموا بعضَ أسلحتهم بإملاء من الحكومة للدِّفاع عن الباطل ، فكوَّنوا جمعيَّة ، وأنشأوا مجلَّة ، وجهَّزوا كتيبة من الكُتَّاب يقودها أعمى –ليشترك عاقلهم وسفيههم في هذه المخزيَات ، وبحكم العموميَّة في الجمعيَّة ، والاشتراك في المجلة ،ولو في دائرته الضيِّقَة ومن أهله وجيرانه … دافعناهم –عندما ظهروا بذلك المظهر- بالحق فركبوا رؤوسهم ، فتسامحنا قليلاً إبقاءً على حرمة (المحراب) و (المنبر) التي انتهكوها ، فشدَّدوا إبقاءً على حرمة (الخبزة) !! فكشفنا عن بعض الحقائق المستوردة فلجُّوا وخاضوا ، وثاروا وخاروا ، فلمَّا عَتَوْا من أمر ربِّهم رميناهم بالآبدَة … وهي أنَّ الصَّلاة خلفهم باطلة ، لأنَّ إمامتهم باطلة … لأنَّهم جواسيس" !!

    وقد عد الشيخ الإبراهيمي الصُّوفيَّةَ داءً عُضالاً يحب التَّخلُّصُ منه، لِتُحَرّر عقيدة المسلم من التَّشويش، وتطلق لعقله العنان في التَّشبُّع وفهم الشريعة ، فتراه يصرِّح بقوله:
    "إننا علمنا حقَّ العلم بعد التَّروِّي والتَّثبُّت ودراسة أحوال الأُمَّة ومناشئ أمراضها أنَّ هذه الطُّرق المبتدعة في الإسلام هي سببُ تفرُّق المسلمين ، ونعلم أنَّنا حين نقاومها نقاوم كلَّ شر ،إنَّ هذه الطُّرق لم تسلم منها بقعة من بقاع الإسلام ، وإنَّها تختلف في التَّعاليم والرُّسوم الظاهر كثيراً ، ولا تختلف في الآثار النَّفسيَّة إلاّ قليلاً ، وتجتمعُ كلها في نقطة واحدة وهي التَّحذير والإلهاء عن الدِّين والدُّنيا"

    ويتابعُ شارحاً مخاطرَ الطرقيَّة وبدعها ، حيث تعلَّقَ كثيرٌ من المسلمين بطقوس طريقتهم ، وبطروحات مشايخهم ، ولم يعودوا على اتِّصال مباشر مع الكتاب وصحيح السُّنَّة ، بل أصبحت هذه الطُّرقُ حاجزاً بينهم وبين مصادر الشريعة ، وكأنَّها دين جديد ، لقد أصبحت بعض الطُّرق –كما يرى الإبراهيمي- في بلاد العرب والمسلمين ، وفي الجزائر بخاصَّة ، إضافة جديدة إلى محاولات الدَّس التي قام بها أعداء كثيرون للإسلام ، إن كان بنحل الأحاديث ، أو بالتَّأويلات المزِّورة للحقيقة ، أو ما شاع عند العديد من الحركات الباطنيَّة ، ولكن يعود ليؤكِّد أن هذا كان خطره أقل بكثير من خطر هذه الطَّريقة ، فيقول:
    "أما والله ما بلغَ الوضَّاعون للحديث ، ولا بلغت الجمعيَّات السريَّة والعلنيَّة الكائدة للإسلام من هذا الدِّين عشر معشار ما بلغتهُ من هذه الطُّرق المشؤومة … إنَّ هذه الهَّوة العميقة التي أصبحت حاجزة بين الأمَّة وقرآنها هي من صنع أيدي الطرقيِّين" .

    ويقول مقرِّعاً والطَّرقيَّة وفَهْمَهم الخاطئ للإسلام:
    " .. فكل راقصٍ صوفي ، وكل ضاربٍ بالطَّبل صوفي ، وكل عابثٍ بأحكام الله صوفي ، وكل ماجنٍ خليعٍ صوفي ، وكل مسلوب العَقل صوفي ، وكل آكل للدُّنيا بالدين صوفي ، وكل ملحدٍ بآيات الله صوفي ، وهَلُّم سحباً ، أَفيَجْمُلُ بجنودِ الإصلاح أن يَدَعُوا هذه القلعة تحمي الضَّلال وتُؤْويه ، أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملةً صادقَةً شعارهم: (لا صوفيَّــة في الإســلام) حتى يدكُّوها دكَّاً ، وينسفوها نسفاً ، ويذروها خاويةً على عروشها" .

    وقد كان رحمه الله تعالى في محاربتهِ للصُّوفيَّة وخرافاتها وتُرّهاتهم متأثِّراً بتعاليم حركة الشيخ محمد بن عبدالوهَّاب الإصلاحيَّة ،ويتَّضحُ ذلك عندما نراه يُعَلّل هجوم المتاجرين بالدَّين على هذه الدَّعوةِ السُّنِّيَّة الإصلاحيَّـة في البلاد الحجازيَّة التي سَّماها خصومُها بِـ(ـالوهَّابيَّـة) –تنفيراً وتَشويهاً- لأنَّها قضت على بدعهم ، وحاربت خرافاتهم ، فيقول:
    "إنَّهم موتورون لهذه الوهَّابيَّة التي هدمت أنصابهم ، ومحت بدعهم فيما وقعَ تحتَ سلطانهم من أرضِ الله ، وقَد ضجَّ مبتدعة الحجاز فضجَّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة ، فليس ما نسمعهُ هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحقِّ إلاّ نواحاً مردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهَّابيَّة" .

    ……..
    مقالة بقلم الشيخ مشهور حسن آل سلمان من علماء الأردن
    نشرت بمجلة الأصالة العدد (1) بعنوان "الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي

  • fak

    بسم الله والصلاة والسلام على محمد عبد الله ورسوله أما بعد يقول رب العزة ً إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون دلك لمن يشاء ً صدق الله العظيم أي شيئ أكبر شركا من دعاء غير الله والدبح لغيره
    والدعاء وطلب العون والمدد من سيدكم فلان
    " اتقو الله يااولي الألباب " وسلام على من تبع الهدى

  • لحسن شعالة

    لكن اليوم صارت كغيرها مخروقة بالتلوث العالمي بعد أن دخلها من يحسنون انتحال المشيخة وحولت إلى صناديق للانتخابات وجمع الأموال .إن الدين صار بهؤلاء الوكلاء ألعوبة بين أصابع أهل التدبير خلف الضلال بعد أن غيبت المشيخة الحقيقية الموصوفة بالعلم والتقوى والورع واستبدلت بالمشيخة المنتخبة من قبل الجمعيات المسماة بالدينية تحت مراقبة الاتحادات والفدراليات المعتمدة كغيرها بميزان الجمعيات السياسية .ومجمل القول لم تبق مؤسسة دينية نائية عن الوباء العالمي الصادر من البيت الأبيض الذي يجلس على عرشه من كان ولا يزال يجعل دين الله مرمى السهام لدرجة أنني صرت أشتم رائحتهم في كل مكان .

  • محمد

    حول موضوع الصوفية الخطير.... أنا أقول: لن أقول لكم إقرءوا ما كتبه عبد الرحمن عبد الخالق من الكويت ولا ما كتبه علماء الحجاز حتى لا أتهم بالوهابية ... و لكن أقول إقرءوا ما كتبه العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله حبر الجزائر في كتابه الآثار و سترون العجب العجيب حيث أنه ينكر أصلا وجود لفظ الصوفية في الإسلام فما بالك بالطائفة وشطحاته ..... أما عن تاريخها المخزي فيكفي ما كتبه العلامة: إحسان إلهي ظهير رحمه الله في كتابيه " دراسات في التصوف " و " نشأة الصوفية " و بالضبط تعرض لصوفية الجزائر من تيجانية و قادرية و غيرها و دورها في تعمير المستعمر 132 سنة مع كبح جماح المقاومة و الجهاد ....

  • المتحجبة

    الطرق الصوفية في الجزائر مثلها كمثل بقية الطرق في العالم الاسلامي فيها الغث وفيها السمين :( باختصار)
    1) الجيّدة تقاس باتباعها الكتاب والسنّة :
    تعليم كتاب الله .
    تدريس أصول الدّين الصحيحة .
    الدّفاع عن كلّ مقدّسات الأمة أمام كلّ مهاجم .
    السير على منهج التّوحيد الحقّ ( يا فاطمة اني لا أغني عنك شيئا). وعدم تقديس الأشخاص مهما كانوا.
    مساعدة الملهوف والمنكوب قدر المستطاع .
    عدم وضع الرأس في الرّمل في النّوائب ........ أي قول الحقّ ولو على الّفنس.
    2) الفاسدة تقاس بما يلي :
    لاتعليم ولا تعلم .
    مجارات الغالب ولو في الباطل ومساعدته ( استعار أو حاكم) لأسباب دنيوية .
    معادات أهل الحق ومهاجمتهم من أجل التصدر في المراتب.
    التّلبيس على الضعفاء من الأمّة وأكل أموالهم بالباطل .
    الابتعاد عن التّوحيد الحقّ وجعل الدّين طقوسا وثنية ( طبل , شطحات , وزردات ) .
    تقديس الأشخاص , ولأموات ( ونرى ما يفعله بعض الشيعة الآن).
    تطبيق مفهوم الصّالح لايعلم أمره الاّ الله).
    هذا هو المقياس الّذي أمرنا الله في كتابه أن نقيس به ............. شكرا للشروق على المواضيع الهادفة .

  • ابــــــــــراهــــــــــــيـــــــــم

    فكانت الزاوية مركزا لوحدة القبيلة، فك الخصومات، الشفاعات، كفالة اليتامى والأرامل، المساعدة في الشدة، الحفاظ على عادات المجتمع... وانا اقول كانت ولا زالت الزاوية تفعل كل هده الفظائل واضف اليها تدريس القران والحديث والفقه والنحو و نحن نعتبرها العصب الحقيقي والجدار الواقي الذي وقف سدا منيعا في وجه الاستعمار خاصة في الصحراء الجزائرية ولولا الزاوية لكانت الجزائر ربما جزر متفرقة شكرا ياشروق على الموضوع القيم ونتمنى ان يهدي الله كل من يطعن في الزوايا