-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ديبلوماسية الأمن الإقليمي

عمار يزلي
  • 854
  • 0
ديبلوماسية الأمن الإقليمي

بات اليوم على الجزائر، أن تؤسس لعقيدتها الوطنية انطلاقا من الأسس التي بنيت عليها الدولة الوطنية والتي تجاذبتها الأهواء السياسية الإيديولوجية طيلة الفترة التي أعقبت الاستقلال الوطني وإلى اليوم.

باتت اليوم العقيدة الوطنية تترسخ عبر عمل على جميع الأصعدة: السياسية، والسياسة الاقتصادية، والدفاع، والأمن الوطني ، والأمن الغذائي، واستقلال القرار السيادي عبر تنويع الشراكات الاقتصادية مع كل الدول الراغبة في التعاون معها على قواعد جديدة: الشراكة الرابحة للطرفين.

غير أن تنويع العمل الجديد ضمن أطر العقيدة الوطنية، بدأ مؤخرا يتجه أيضا نحو زخم الديبلوماسية الدولية والقارية والجوارية: الديبلوماسية الاقتصادية، ولكن أيضا الديبلوماسية الأمنية والعسكرية.

التحولات العالمية والتحولات بالمنطقة والرهانات الكبرى على الأمن الوطني والدفاع عن الإقليم، يتطلَّب التعاون بين القوى الإقليمية لضبط الأمن، خاصة في الجنوب والجنوب الغربي والشرقي، كون ذلك يعزز من أمننا الطاقوي والغذائي والاستقرار السياسي في دول الجوار.

على هذا الأساس، لاحظنا نشاطا كبيرا الأشهر الأخيرة بين الجزائر وموريتانيا في مجال التعاون العسكري كما هو الشأن بشأن التعاون الاقتصادي الاستراتيجي بين البلدين، كون التحديات والرهانات بالمنطقة كبيرة وتتطلب تعاونا وتنسيقا وجهودا ثنائية، لاسيما مع إمكانية تصعيد جبهة البوليساريو عملياتها في العمق الصحراوي المحتل، بعد الاستفزازات المتكرّرة والاعتداءات التي تطال كل مرة مواطنين من الجزائر وموريتانيا بدعوى “الاشتباه”. هذا ما تعمل عليه الجزائر مع موريتانيا في هذا الجزء الغربي الجنوبي من البلاد على المستوى العسكري والأمني، بينما تمتدُّ أيادي الجزائر إلى الجنوب لتعزيز المصالحة الوطنية في مالي، كون ذلك هو السبيل الأوحد والحل الأمثل للخروج من الأزمة المتعددة الأطراف والأوجه التي تشهدها مالي منذ سنوات بسبب جهود التخريب الأجنبية بمنطقة الساحل. لقد كان الرئيس عبد المجيد تبون واضحا في أحد حواراته مع الصحافة الدولية، أن الحل في مالي هو تطبيق اتفاق الجزائر للمصالحة، كونه السبيل الوحيد للاستقرار والتنمية التي تغني عن وجود أيّ قوة عسكرية أجنبية حامية، لا فرنسية ولا روسية، فالأموال التي تُنفق للشركات العسكرية الخاصة والحكومية الأجنبية، يجب أن تُنفق من أجل مصلحة المواطن المالي وفي خدمة الاقتصاد المالي.

على هذا الأساس، لاحظنا كيف أن الجزائر عازمة على أن تكون البلد القارة التي تمر عليها وبها كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بشأن دول الساحل والقارة الإفريقية عموما. هذا ما يوضحه العمل مع قيادات الجيوش الفرنسية من خلال زيارة قائد الأركان الجزائرية لفرنسا، وذلك ضمن مناخ تحسين العلاقات بين البلدين على قواعد جديدة، تعطي للجزائر الدور الكبير في حلحلة الأزمات وتفادي صب الزيت على برميل النار. فرنسا التي عادت إلى القواعد والأسس التي تؤكد الجزائر على ضرورة انتهاجها ضمن عقيدتها الوطنية الدفاعية والتنموية، ستعمل، بعد الانتكاسات التي عرفتها فرنسا في مالي وتعرفها في بوركينا فاسو وفي تشاد وباقي دول جوار الجزائر، ستكون فرنسا مدفوعة للتعاون مع الجزائر بغية تطبيق سياسة عدم التدخُّل في الشأن الإفريقي والجواري وحلّ الأزمات عبر الحوار وعبر القوانين الدولية، بما فيها قضية الصحراء الغربية. الجزائر، إذن، عبر هذا الانفتاح التاريخي على التعاون مع فرنسا لضبط الأمور الأمنية في الساحل وفق رؤية الجزائر وخطتها، تكون قد باشرت العمل مع فرنسا لتفكيك موقف هذه الأخيرة “الرمادي” في القضية الصحراوية، إذ لاحظنا بداية تغيُّر في الموقف الفرنسي منذ التقارب الجزائري الأخير، فالمسألة بين الجزائر وفرنسا، ليست مجرد اقتصادية أو تأشيرات، بل هي أعمق وأشمل، وبداية أخذ الجزائر دورها الإقليمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!