-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما توقع النخبة إلكترونيا…

عندما توقع النخبة إلكترونيا…
ح.م

اطلاق أرضية التوقيع الالكتروني e tawki3 هي أفضل جواب على من يعتبرون النخبة الوطنية غائبة عن الساحة، أو مُنفصلة تماما عن الواقع. النخبة الوطنية من مهندسين وأطباء وأساتذة وخبراء في مختلف المجالات هي من يتحمل اليوم عبء البناء الوطني في صمت وبمسؤولية، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ورغم المحيط المناوئ لعملها على أكثر من صعيد، والأخطر من ذلك رغم الاتهامات التي تَطَالها من الكثير بأنها سبب الأوضاع المتدهورة التي تعرفها مختلف قطاعات الإنتاج والخدمات.

النخبة الوطنية ليست مُستقيلة أو مُنفصلة عن واقعها، إنما تشتغل بصمت في هذا الواقع وتتحمل الأخطاء الكثيرة التي يرتكبها مَن يَدَّعُون ممارسة السياسة، أو ممارسة السياسة المضادة. كلاهما لا يقدم للبلاد الشيء الكثير، ويريد أن يقود غيره مِمَّن هم أكثر كفاءة وأقدر على العطاء، ضمن معادلة مقلوبة في الواقع الذي نعيش.

وهكذا بدل أن يُصبح العلماء هم من يرسمون السياسات ويُقرِّرون ويُنَفِّذون، يريد البعض أن يبقيهم ضمن دائرة المُنَفِّذ غير القادر على فهم وإدارة المسائل ذات الطابع السياسي، لينفرد الشعبيون بالحكم من خلال احتكار الواقع وتزييف الوعي والانحراف بالخطاب السياسي والفكري، حتى أننا أصبحنا نعرف ظاهرة السياسيين الذين لم يشتغلوا يوما في حياتهم ولا يعرفون ما هو العمل أصلا، والسياسيين الذين يحتلون المنابر من غير أي سابق نضال من خلال الشتيمة والدروشة والضحك على الأذقان، ومع ذلك يتصدرون المشاهد يوميا ويزعمون أنهم الأقدر على اتخاذ القرارات، وعلى قيادة الأمة أحيانا، من خلال الضجيج أحيانا، وأخرى من خلال المزايدة وثالثة من خلال التطرف في الطرح.

والمؤسف، أن الأذن السياسية في البلاد، نتيجة تفاقم دور الشعبوية، لم تعد تقبل سماع خطاب العقل والحكمة، ولم تعد تقبل بسقف أقل من “ربح كل شيء أو خسارة كل شيء”. وهنا وجدت النخبة التي تعمل في صمت في قطاعات اقتصادية وتقنية حساسة أو تلك التي لديها الكفاءة اللازمة لإدارة الشأن العام، مضطرة إما إلى مسايرة الشعبوية والوقوع في فخ مغالطاتها غير العقلانية، أو الانكفاء على الذات والعمل في صمت لإصلاح ما استطاعت إصلاحه في كافة القطاعات.

وهذا هو الذي يحدث على أرض الواقع، وبخلاف ما يبدو للوهلة الأولى، إنه يعَدُّ إنُجازا مُعتبرا بالمقارنة مع ما هو مطروح. ولعل هذا ما يجعلنا نُثَمِّن نتيجة تحققت على أرض الواقع، كالتوقيع الالكتروني الذي سيكون له الأثر البالغ على كافة مناحي حياتنا الاقتصادية والإدارية والعامة في القريب العاجل، ونُثَمِّن أيضا استمرار الكفاءات الوطنية في مختلف القطاعات في أداء عملها على أحسن وجه، باعتباره مدعاة للأمل لا لليأس، ذلك أننا لن نحتاج في المستقبل سوى لتنسيق الجهود المبذولة رؤية شاملة للمستقبل حتى يُعطي نتائجه.

وبرغم ما يبدو للبعض، أن هذا المسار غير قابل للتحقق، إلا أن النظرة غير المنحازة لخطاب اليأس سترى بكل وضوح أن نخبة بلدنا قادرة، وفي زمن أقل بكثير مما نتصور، ليس فقط على تحقيق الطفرة المرجوة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، بل كذلك تلك الوثبة السياسية التي ستنقل بلدنا نحو المستقبل الذي مازال في متناول أيدينا، وقد تمكّنا من تجاوز منعرج خطير كاد يودي بنا، من خلال الشعبوية المُفرِطة، إلى ما لا تُحمَد عقباه…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائري عابر سبيل

    شكرا يا استاذ على هذا المقال ... والمثقف الجزائري رغم إرهاق الاوضاع السياسية المختلفة و المتعاقبة له، إضافة إلى الضغوط الاجتماعية المتعددة، ستبقى التقاليد والموروث السلوكيهو المتحكم فيه، المثقف عندنا من إبان الحكم التركي هو بعيد - أو مستبعد - عن الفعل و زاد الطين بلة الإستعمار البغيض ... ثم ارسخت و تكلست تلك العادات .. و دامت . أتمنى للمثقف عودة و فعلا . وأن يترجم فعله في التأليف أولا ثم في بقية النشاطات .