-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يدفعك إلى الجنون أو يجعلك تخون

التنمّر الزوجي.. اقفز من العلاقة قبل أن تهلك كالضفدعة

ليلى حفيظ
  • 3581
  • 0
التنمّر الزوجي.. اقفز من العلاقة قبل أن تهلك كالضفدعة

لقد أصبح الحديث عن التنمر، في السنوات الأخيرة، موضة يتشدّق بها الكل.. فحيثما ولّيت وجهك، على صفحات المواقع الإلكترونية، أو القنوات الفضائية، صادفت كائنا بشريا، يتحدث عن هذا الغُبن. فمن التنمر المدرسي، إلى التنمر الإلكتروني، إلى التنمر ضد البهائم والحيوانات، وهكذا.. ولكن، نادرا، ما يتم التطرق إلى التنمر الزوجي، رغم أن الكثير من الأزواج مغبونون، في هذا الشأن كثيرا، لأنه لا مهرب للضحية من الجاني، بالنظر إلى خصوصية وطبيعة العلاقة بينهما، التي تجعل الطرف المتنمر عليه عالقا في مأزق: الجنون، أو الخيانة من ورائكم، والإساءة والأذى من أمامكم.. فأين المفر؟ وأين الحل في مثل عذاب كهذا؟

التنمر الزوجي إساءة متعمدة ومتكررة

التنمر الزوجي، مصطلح حديث، ويقصد به كل شكل من أشكال الإساءة المتعمدة والمتكررة، الموجهة من أحد الزوجين تجاه الآخر. وللأسف، يعيش الكثير من الأزواج، في مجتمعنا، تحت طائلة التنمر الزوجي، الذي يندرج غالبا ضمن حيز الطابوهات المسكوت عنها، خاصة إذا كان الطرف المتنمر عليه هو الزوج. ويمكن تمييز الشريك الزوجي المتنمر من خلال أعراض عديدة، ككثرة اللوم والعتاب ،الانتقاد، الغضب المستمر، التجاهل، الهجر في الفراش، العنف غير المبرر، الاتهامات.. إلخ. وهي الأعراض التي ظهرت جليّا على الزوج السابق، للسيدة “فايزة”. وهذا، منذ حفل خطوبتهما، الذي كسر من خلاله خاطرها، ونغّص عليها فرحتها، بتعليقات ساخرة، من تسريحة شعرها وماكياجها.. قبل أن يجبرها على تغييرهما، قائلا: “بهدلتيني قدام دارنا”. وأنا أتذكر جيدا، كما تقول: “كيف نصحني أهلي بألا أتغاضى عمّا حدث، لأنه يُنبئ بما سيحدث لاحقا. ولكن حبي له أعمى بصيرتي، لأُدرك، مع الوقت، أن البدايات غالبا ما تدل على النهايات. إذ أبانت لي الشهور القليلة، التي عشتها معه، عن شخصية بشعة ومتنمرة. فهو يلومني على اللاشيء، وينتقدني في كل شيء: لباسي، كلامي، طريقة مشيي، تفكيري، طبخي.. وهو الوضع الذي صبرت عليه كثيرا، عسى أن أنجح في تغييره، أو التكيف مع طباعه. ولكن، هيهات، خاصة، بعدما تطور تنمره إلى التعنيف الجسدي، الذي تسبّب لي في فقدان جنيني. وهي الحادثة التي جعلتني أفرّ إلى بيت أهلي، الذين نصحوني بالعودة إليه. وهو الخيار الذي لم يتركه لي، بعدما بادر بتطليقي”..

مخاوف من الخيانة أو التخلي

للتنمر الزوجي أسباب عديدة، كأن يكون مكتسبا من أحد الوالدين، أو ناجما عن تربية أسرية خاطئة، تقوم على التعنيف والانتقاد المستمر للطفل، والانتقاص من قيمته، ما يجعله عديم الثقة بالنفس، فيتنمر لاحقا على شريك حياته، قصد السيطرة عليه، أو ناجما عن تخوف المتنمر من الخيانة، أو التخلي، كما يحدث مع زوجة السيد “فؤاد”، التي بُترت إحدى أصابع يدها، في حادث منزلي، ناجم عن خطإ ارتكبته عند استخدامها خلاطا كهربائيا. فمن يومها، كما يشكو محدثنا: “انقلبت أحوالها تماما، فصارت عديمة الثقة بنفسها، وتشك في إخلاصي وحبي لها، وأنها “ماشيمعمرتلي عيني”، وتتهمني بالخيانة، وتشتمني، لتحطم تقديري لذاتي، كي لا أتخلى عنها أو أخونها، وتنتقد كل تصرفاتي، خاصة ما تعلق بتعاملي مع الجنس الآخر.. ولكن، كل ذلك، أتى بنتيجة عكسية، فصرت فعلا أخونها، هربا من واقعي المؤلم، وبحثا عن الراحة النفسية والتقدير.”

انتقاد الأداء الجنسي السلاح الأكثر فتكا بالرجل

يمكن الجزم بأن الابتزاز الجنسي، هو أكثر أساليب وأسلحة التنمر الزوجي قذارةً، حين تصبح العلاقة الجنسية أداة أو سلاحا للتنمر، ووسيلة لإيذاء الآخر، والضغط عليه، بالامتناع عن الفراش مثلا. كما يمكن أن تصبح تلك العلاقة الخاصة، كذلك، محلاّ للسخرية والإساءة إلى الشريك الزوجي، بانتقاد أدائه الحميمي، والانتقاص من قدراته الجنسية. مثلما حدث للسيد “بلال”- 26 سنة- منذ أول أيام زواجه، التي أصيب خلالها بعجز جنسي، يعرف بعنّة ليلة الدخلة. وهي الحالة التي استمرت معه لفترة طويلة نوعا ما، وبالأخص، حين اقترابه من زوجته، التي لعبت خلالها دور المتنمرة ببراعة لا توصف، عبر السخرية من أدائه الجنسي الهزيل، والانتقاص من رجولته، واستعجالها حدوث المقاربة الجنسية الأولى بينهما، لا لشيء، إلا لتُخرص ألسنة الطاعنين في عفّتها. ما عمّق من معاناة الرجل وأطال أمدها، فكادت تدفعه إلى الجنون أو الانتحار، لولا تدخل أحد أصدقائه، الذي أجبره على زيارة طبيب ذكورة، الذي شخّص حالته بأنها عجز جنسي نفسي المنشإ، ساعد على تفاقمه تنمر زوجته، التي أعطته إيحاء نفسيا بأنه رجل عنين، عديم الفحولة. وبداية الحل، كانت بابتعاده المؤقت عن تلك الزوجة المتنمّرة.

لاتحاول التأقلم كالضفدعة اقفز من دوامة الإساءة

أجرى مجموعة من العلماء تجربة مُلهمة على ضفدعة، وضعوها في إناء تسخين به ماء بارد، ثم أخذوا يرفعون درجة حرارة الماء شيئا فشيئا، ويراقبون ردّ فعل الضفدعة، التي، بدل أن تقفز من الإناء، فإنها كانت في كل مرة تعمل على تعديل درجة حرارة جسمها، لتتناسب مع درجة سخونة الماء. أي إنها كانت تحاول التأقلم والتكيف مع الوضع، بدل الفرار منه.. واستمرت كذلك، إلى أن وصلت سخونة الماء إلى درجة لا يتحملها جسدها، فحاولت حينها القفز من الإناء، ولكنها لم تستطع، لأنها استهلكت قواها، وضيعت وقتها في محاولات التأقلم، التي بذلتها سابقا، فهلكت وماتت. ولو أنها قفزت في الوقت المناسب، لنجت وعاشت. وقياسا على ما حدث للضفدعة، ينصح خبراء العلاقات الزوجية، كل من يعيش في علاقة زوجية مسمومة أو سيئة، بألا يحاول التكيف معها والاستسلام للواقع. وإنما، عليه أن يكسر حلقة الإساءة التي يتعرض لها، ويقفز في الوقت المناسب، ليفر بجلده، قبل أن يهلك كالضفدعة. وطبعا، الفرار هنا، لا يعني بالضرورة الطلاق، وإنما يعني محاولة تغيير ذلك الوضع المؤذي، الذي لا يستحق أن يعيشه. وهذا، الذي يجب على ضحايا التنمر الزوجي فعله، عبر اتباع النصائح التالية:

-كن صريحا وهادئا، وتحدّث مع شريك حياتك عن مسألة تنمره عليك، وعن الألم الذي يطالك من ذلك.

-اطلبا المساعدة، وأشركا طرفا ثالثا في علاج المشكلة، كمرشد ديني مثلا، أو طبيب نفسي، أو استشاري علاقات زوجية.

-ادعمه عاطفيا، وأكد لشريكك الزوجي المتنمر أنك تحبه في كل وبكل أحواله. وسانده عاطفيا ونفسيا.

-الفراش خط أحمر، فمهما ساءت علاقتكما الزوجية، فلا مبرر لهجر الفراش، ولا عذر لاستعمال الجماع كسلاح حاد لإيذاء الآخر.

-عودا إلى الله، فهو القائل: “وجعل بينكم مودة ورحمة”، فتعاملا بود وارحما بعضكما.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!