-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" ترافق الجزائريات في تحضير أحدث وصفاته وأنواعه

“الكسكسي” ينتقل إلى العالمية ويقتحم ورشات التكوين

كريمة خلاص
  • 4274
  • 3
“الكسكسي” ينتقل إلى العالمية ويقتحم ورشات التكوين
أرشيف

الكسكسي.. عشق الجزائريين والأجانب اللامتناهي، مدّ جسوره بين جيل الأمس واليوم والمستقبل..يعتبر سيد الأطباق التقليدية والعصرية ومرافق العائلات في أفراحها وأتراحها، فهو حاضر على موائد 48 ولاية في الوطن، وتحول الكسكسي اليوم الى طبق عالمي بعدما صنفته رسميا “اليونيسكو” ضمن التراث الغير مادي للإنسانية..
ورغم كل التطور الحاصل ومستجدات الحياة الاجتماعية والعملية والاقتصادية لم تستطع الحداثة والعصرنة القضاء على هذا الارتباط الوثيق للجزائري بعاداته وتقاليده حيث يتربع على عرش موائد المناسبات الدينية وكذا الاجتماعات العائلية.

الكسكسي ارتباط بالأصالة وطريق نحو الاستقلالية المالية

وجدت العديد من ربات البيوت والفتيات في مقتبل العمر، خاصة في المناطق الداخلية في إعداد الكسكسي بابا من أبواب الرزق وتوفير مصادر الدخل بالمحافظة طبعا على هذا الموروث التقليدي، وأوضحت ليلى بورنان ذات الـ39 عاما من ولاية المدية أنها تعكف منذ سنوات على إعداد الكسكسي وتحضير طلبيات المحلات والأعراس، وهو ما مكّنها من فتح محل صغير بمنطقة عين النعجة بالعاصمة تعرض فيه مختلف أنواع الكسكسي سواء كان خاصا بالشعير أو بالبلوط أو القمح أو الأعشاب، وعبرت ابنة المدية عن تمسكها بعادة فتل الكسكس بنفسها في سن مبكرة جدا واعتزازها بذلك، وأبانت من خلالها حديثها عن ثقافة واسعة بمختلف الأنواع والأصناف وطرق التحضير والتقديم.

أنواع الكسكسي التي يجهلها الجزائريون

وبدورها أفادت بوقلماني رزيقة رئيسة جمعية كنوز المختصة في الثقافة والسياحة والصناعة التقليدية على مستوى أولاد يعيش بولاية البليدة أنّ الجزائريين في 48 ولاية تجمعهم طبق واحد هو الكسكسي الذي تختلف تسمياته أو مكونات وكذا لمساته وعبرت المتحدثة عن فخرها واعتزازها بغنى الموروث الحضاري للأطباق التقليدية في الجزائر، وهو ما جعلها تؤسس جمعيتها لتلقين الآخرين كل فنون الطبخ للحفاظ على هذا الموروث.
وأضافت رئيسة الجمعية “أصبح الكسكسي باب رزق لفتيات كثيرات تعلّمن في الجمعية وفتحن محلات، إذن هو يساهم في إنعاش الاقتصاد وتوفير مصدر دخل للنساء وهن في بيوتهن”.
وعدّدت بوقلماني رزيقة الأنواع العديدة للكسكسى في الجزائر التي يجهلها غالبية المواطنين، منها كسكس الزعتر والخروب والبلوط والحموم والحمامة والبرغل نجهل منتقدة تخلينا عن أصولنا وميلنا للثقافة الغربية، وقالت المتحدثة “أدعو كل النساء إلى تخصيص يوم في عطلتها الأسبوعية لإعداد طبق تقليدي لكي يكبر الأطفال على هذه العادات والتقاليد وان يشاركوهم زيارة المهرجانات فمهما تعلمنا وسافرنا وتدرجنا في المراتب لا يجب ترك الفرصة للآخرين لسرقة موروثنا ونسبه لأنفسهم وتغييبنا”.

ورشات لتعليم فتل الكسكسي وتحضيره عبر الولايات

أكدت بوقلماني رزيقة رئيسة جمعية كنوز المختصة في الثقافة والسياحة والصناعة التقليدية على مستوى أولاد يعيش بولاية البليدة أن جمعيتها تضم ورشات لتعليم الفتيات تقنيات فتل الكسكسي الرقيق والخشن وكذا بعض الأنواع غير المنتشرة بكثرة، وهي ورشات تعرف إقبالا كبيرا ما يعكس الاهتمام بهذا الطبق التقليدي المتوارث من الأجداد.
بدورها، أفادت فازية طابو رئيسة فرع جمعية حواء بولاية تيزي وزو أن “المرأة التي لا تتقن القتل في بلاد القبائل تحس أنها تعاني نقصا دوما لأن هذه المهارة تبقى أساسية وتحس المراة القبائلية بلذة خاصة وهي تحضر كسكسها بايديها ناهيك عن انه رمز من رموز منطقة القبائل تعده النسوة بالحب والغناء والتعاون، حيث نجتمع عليه ونتشارك أوقاتا جميلة في إعداده”
ووجدت اغلب العائلات في الورشات التي تفتحها جمعية حواء بالمنطقة فرصة لتدارك هذا النقص خاصة مع مشاغل الحياة العصرية التي لم تعد تتيح الوقت للأمهات لتعليم بناتهن ذلك.
وتضم ورشات جمعية حواء برأي ممثلتها بولاية تيزي وزو فتيات صغيرات من 12 عاما فما فوق حيث توفر الجمعية أجواء عائلية تضاهي الأجواء المنزلية لاسيما ما تعلق بالتويزة والأغاني التي ترافقها المعروفة بـ “أشويق”.
ولا يتوقف التكوين عند حدود الفتل فقط وإنما يتعداه أيضا إلى التحضير بمختلف أنواع المرق، وهنا تقول محدثتنا إن لكل مناسبة في بلاد القبائل نوعا خاصا من الكسكسي على غرار المولد النبوي والعيد أو يناير رأس السنة الأمازيغية التي يختص كسكسها بـتحضيره بـ 7 أنواع من الحبوب، وهذه كلها أمور تتعلمها الفتيات في الورشة.
ويشمل التكوين في شقه النظري أيضا دروسا عن أصل الكسكسي وتاريخه والمستلزمات المستعملة فيه مع خصائصها واستعمالاتها.
وأضافت حميس دليلة رئيسة جمعية حواء النسوية أن التكوين في فتل الكسكسي مبرمج في عطلة نهاية الأسبوع، وقد عبّرت ربات بيوت عن رضاها بهذه الخدمة التي تقدمها وبأننا ساعدناهن وطلبن منا إحضار شاف لتعليمهن مختلف أنواع الكسكسي في المناطق الأخرى.
وأضافت المتحدثة أنّ جمعيتها قدّمت عرضا حيا لمراحل فتل الكسكس وتحويله من دقيق إلى كل أنواعه من كسكس رقيق إلى خشن مرفق بأشويق الذي نجده ضمن مختلف عادات الجزائريين حيث قالت” رسمنا لوحة حية لسيّدات تفتل وتغني، شاركت فيها العديد من الولايات بوسعادة الجلفة بجاية بومرداس وكل ولاية قدمت مساهمتها بطبق تقليدي والبعض الآخر بلمسات تقليدية.

إبداعات وابتكارات في طهي وتقديم الكسكسي

رغم محافظة الكسكسي على وصفته الأصلية المختلفة من منطقة لأخرى على مدار السنوات الماضية إلا أن أنامل الإبداع والابتكار وتأثيرات العصرنة والحداثة طالته أيضا، وبات يقدم في أرقى الفنادق وأفخمها في شكل مقبلات وتحليات بزينة وطرق تقديم تبهر مشاهديها وتجعل أعينهم تأكل قبل أن تأكل بطونهم.
ويحدثنا الشاف عادل منور من ولاية ميلة الذي يشغل أيضا منصب رئيس مكتب ميلة للجمعية الجزائرية لفنون الطبخ والتنشيط السياحي ومنسقا وطنيا لها عن مشاركته في معرض الكسكسي الذي نظم خلال الأيام الفارطة بقصر الثقافة مفدي زكرياّ، حيث اعتمد على تحضير أطباق مختلفة انطلاقا من ثلاثة أنواع هي الشعير والمزيّت والكسكسي الأبيض.
وأبدع منوار عادل مقبلات وسلطات وتحليات نالت إعجاب العارضين والزائرين، ممن استحسنوا الفكرة وأثنوا عليها، وزادها تزيين الشاف لها بمختلف الخضر والفواكه الجذابة ألوانها وهي أطباق كما قال صاحبها “يمكن تقديمها في نزل أو فندق فخم وهكذا نجعل الكسكسي حاضرا على الدوام على موائدنا وليس في الأعياد أو المناسبات فقط ويمكن تقديمه في أطباق عصرية وقوالب مختلفة الأشكال والأحجام”.
وتأسف منوار لتغلب مطاعم الفاست فود على المطاعم التقليدية التي نفتقد لها في مختلف مدننا ما جعل السائح، وعبر المتحدث عن أمله في أن نرى يوما انتعاشا لهذه الأكلات التقليدية وتقديمها ضمن قائمة الطعام اليومية المعروضة ليس من قبل الفتيات فقط وإنما من قبل الرجال أيضا.

تصنيف الكسكسي ضمن التراث العالمي يبهج الجزائريين

عبّر العديد من الجزائريين عن ابتهاجهم وافتخارهم لتصنيف الكسكسي الجزائري من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” ضمن التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، باسم دول الجزائر وتونس وموريتانيا والمغرب بعد أن قدمت الدول الأربع ملفا مشتركا للمنظمة الأممية، بعد جدل حول البلد الأصلي للطبق، خاصة بين المغرب والجزائر.
وتداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي منشورات وفيديوهات خاصة بهذا الطبق الأساسي وتجذّره في المجتمع منذ عهد النوميديين.
وأفادت مليكة بن دودة وزيرة الثقافة الجزائرية بهذا الخصوص أن “الكسكسي ليس مجرد طبق، ولكنه نسق ثقافي وأسلوب حياتي، إنه طقس متجذر منذ قرون، في الأفراد والأقراح، في الاحترام والاحتفاء، في التضامن والدعم، وهو إشارة مبكرة عن التنوع الذي آمنت به ساكنة المنطقة، بتعدده وتنوعه”.

“الكسكسي”.. يفجّر جدل اجتماعي وثقافي

فجّرت التصريحات التي أدلت بها وزيرة الثقافة مليكة بن دودة لدى افتتاحها مهرجان الكسكسي بقصر الثقافة الأسبوع الماضي الجدل والنقاش بين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي وتم تداولها خارج الحدود من قبل الصحافة الأجنبية.
وقالت الوزيرة إنّ “النساء اللواتي لا يحسن فتل الكسكسي يشكلن تهديدا على العائلة” ما أحدث ضجة إعلامية وفايسبوكية كبيرة دفعت الوزيرة إلى توضح الأمر من جديد والقول بأن تصريحاتها أخرجت من سياقها.
واستغرب ملايين المشتركين هذا التصريح، معتبرين أن نصف العائلات مهددة إذن لأن جيل اليوم غالبيته لا يجيد فتل الكسكي وهو ما أثار التهكم والسخط.
وإلى ذلك، شكلت تصريحات الروائي أمين الزاوي التي ذكر فيها بخصوص تصنيف منظمة اليونسكو لطبق الكسكسي كتراث عالمي لا مادي يشمل دول الجزائر وتونس وموريتانيا والمغرب “إن الكسكسي استطاع أن يوحد هذه الدول وهو ما لم يفعله لا الدين ولا اللغة ولا السياسة” ولقي ذلك استهجانا كبيرا من قبل الكثيرين الذين اعتبروا التصريح مساسا بالهوية الوطنية والشريعة الإسلامية، فيما اعتبر آخرون أنّ الزاوي لديه مشاكل مع العروبة والإسلام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • متتبع

    هذه الاكلة او الطبق وصل إلى العالمية من زمان. وهو موجود ويسوق في مطاعم العالم بأسره وانضمام الجزائر الرسمية إلى العناية به يقوي هذه العالمية ويزيدها تألقا و ترسخا. فهنيئا لشعوب شمال أفريقيا.

  • فارسي

    اذا قال أمين الزاوي أن الكسكسي استطاع أن يوحد هذه الدول وهو ما لم يفعله لا الدين ولا اللغة ولا السياسة ... فهو فقط قال الحقيقة لكن ولأننا نحن الجزائريين نكره الحقائق لدرجة أننا لا نكذب فقط للغير وعلى الغير بل نكذب حتى عن أنفسنا ولأنفسنا

  • مازوزي

    بعد تعريب وتشويه كل شيء : أسماء المدن والجبال والقرى والعائلات ... ها هو جاء دور " ساكسو " وهي التسمية الحقيقية الأصيلة ليتحول الى الكسكسي .