-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الثّبات بعد رمضان

ماذا بعد رمضان؟

سلطان بركاني
  • 2308
  • 0
ماذا بعد رمضان؟

مع ارتفاع أذان المغرب يوم أمسٍ الخميس رحل رمضان، رحل ضيفنا العزيز الذي غمرنا بنفحاته ونسماته، وعمّنا بخيراته وبركاته، فلا إله إلا الله، ما أسرع خطاك يا رمضان، وما أسهل انقضاء أيامك ولياليك! تأتي على شوق وتمضي على عجل، وترحل في صمت، قبل أيام كنا نقول: رمضان أهلا، ثمّ صرنا نقول: رمضان مهلا، وها نحن الآن نقول: رمضان وداعا، إنّها سنّة الحياة، لكلّ لذّة انقطاع، وبعد كلّ لقاء فراق.

سلام على شهر الصيام فإنه * أمان من الرحمن أي أمان

لئن فنيت أيامه الغر بغتة * فما الحزن من قلبي عليه بفان

سلام من الرحمن كل أوان * على خير شهر قد مضى وزمان.

رحل رمضان يحمل أعمالنا لتعرض على الواحد الديان، يحمل اجتهاد المجتهدين، وصيام الصّائمين وقيام القائمين وإحسان المتصدّقين، ويحمل أيضا تقصير المقصّرين وتفريط الغافلين.

رحل رمضان ليعودبإذن اللهبعد 11 شهرا من الزّمان.. فيا تُرى، هل سيجدنا مع الأحياء أم مع الأموات؟ هل سيجدنا لم نزل على طاعة الله نتقلّب في رضوان الله؟ أم تراه سيجدنا قد هجرنا المساجد والصيام والقرآن والقيام؟ يا تُرى، من منّا سيتحدّى نفسه وشيطانه ويعقد العزم على طاعة الله 11 شهرا من الزّمان؟ من منّا سيعيش رمضانَ آخر في شوال وذي القعدة وذي الحجّة وغيرها من الشّهور؟ من منّا سيختم القرآن كلّ شهر؟ من منّا سيحافظ على تكبيرة الإحرام مع الإمام أحد عشر شهرا قبل أن يعود رمضان؟ من منّا سيصوم ثلاثة أيام من كلّ شهر، ويصوم الاثنين والخميس من كلّ أسبوع؟.

لقد كان الصّالحون من عباد الله يدعون الله ستّة أشهر أن يبلّغهم رمضان، ويدعونه خمسة أشهر بعده أن يتقبّله منهم، وهكذا ينبغي أن يكون همّنا بعد رمضان همّا واحدا؛ همّ قبول الصّيام والقيام، وهمّ الثّبات على الاستقامة والالتزام. لقد رحل رمضان، ولكنّنا لا نعبد رمضان، وإنّما نعبد ربّ رمضان. وحياتنا كلّها ينبغي أن تكون رمضان؛ نصوم عن معصية الله ونلزم طاعته في شهورنا وأيامنا كلّها، لنفطر يوم القيامة عند الحنّان المنّان جلّ في علاه؛ حياتنا كلّها ينبغي أن تكون رمضان، لتكون آخرتُنا عيدا نفرح فيه بالاستقامة على طاعة الله.

أخي المؤمن.. رحل رمضان، ولكنّك لا تعبد رمضان، وإنّما تعبد الواحد الديّان، الذي يراك في رمضان وفي غير رمضان؛ فاتّق الله في صلواتك لا تضيّعها بعد رمضان.. اتّق الله في المسجد لا تهجره بعد رمضان.. اتّق الله في القرآن لا تنسَه بعد رمضان.. هي 11 شهرا ستمضي سريعا ويعود رمضان إن أمدّ الله في عمرك، فاصبر يا رعاك الله على طاعة الله، فما هي إلاّ أيام قلّت أو كثرت حتّى يحين أجلك.

إذا كنّت ستُحرم صلاة القيام في المسجد 11 شهرا كاملة، فلا ينبغي أن تحرم نفسك ثواب صلاة الفجر في بيت الله، ومن صلّى الفجر في جماعة كتب له أجر قيام ليلة كاملة. إذا كنت ستحرم قيام الليل في بيت الله فلا تحرم نفسك ركعتين تصلّيهما في جوف اللّيل وتأنس فيهما بالقرب من الله الجليل، إذا كنت ستحرم صيام شهر كامل بعد رمضان، فلا ينبغي أبدا أن تحرم نفسك صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر، ومن صام ثلاثة أيام من كلّ شهر، كان كمن صام الدّهر، وبمثل هذا تُثبت أنّك تبت في رمضان لأنّك تريد أن تكون ربّانيا لا رمضانيا، وبمثل هذا تعلم أنّ الله قد قبل صيامك وقيامك، لأنّ من علامات قبول الحسنة الحسنةَ بعدها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!