هامّ جدّا قبل تدشين ملاعب براقي والدويرة وتيزي وزو و…
بعد الجهود الجبّارة الذي بذلتها السلطات العمومية الجزائرية في تشييد ملاعب فخمة وعصرية، يجب أن تُرافق العملية بِالضّرورة إعادة النظر في السياسة الإدارية لِهذه المنشآت الرياضية.
إن تدشين ملعب هو نهاية البداية فقط، لأن بعد حفل الافتتاح ستأتي مرحلة صيانة هذه المنشأة الرياضية، وهنا تبرز مدى كفاءة الطاقم الإداري الذي أُسندت إليه هذه المهمّة.
لكن لماذا نولي أهمية للصيانة أكثر من التدشين؟
– السياسة المُتّبعة في الإشراف على المركبات الرياضية أو الملاعب، وإسناد مسؤوليتها إلى مديريات الشباب والرياضة، أثبتت محدوديتها وعقمها وعدم قدرتها على التصدّي لِتحدّيات الرّاهن.
– الملاعب التي دُشّنت في فترة ثمانينات القرن الماضي (أو قبل)، وكانت تحفا رياضية، تحوّلت الآن تحت سلطة مديريات الشباب والرياضة، إلى ميادين يتفادى المرءُ وصفَها. خذ مثلا ملاعب “أحمد زبانة” بِوهران، و”24 فيفري” بِسيدي بلعباس، و”الأُخوّة” ثم “أحمد قايد” بِتيارت، و”الإنتصار” ثم “الطاهر زوغاري” بِغليزان، والحجار و”العقيد شابو” بِعنابة، و”بيروانة” ثم “العقيد لطفي” بِتلمسان، و”الوحدة المغاربية” بِبجاية، و”إسماعيل مخلوف” بِالأربعاء (بِالبليدة) و…التي كانت معشوشبة طبيعيا وصارت تكتسي رداءً اصطناعيا!
– التخطيط لِإهداء الملاعب الجديدة مثل براقي والدويرة وتيزي وزو ووهران إلى أندية البطولة الوطنية، خطأ كبير قد يُقترف لاحقا. هل رأيتم رئيس نادٍ يعتني بِصيانة الملعب الذي يحتضن مقابلات فريقه الكروي؟ ثم لماذا نمنح منشآت رياضية عصرية لأندية ما زالت تتحرّك بِذهنية “البايلك” وتمتصّ رحيق “الرّيع”؟
– ملاعب غربية شهيرة مثل “ويمبلي” بِلندن و”استاد دو فرونس” بِباريس، ما زالت تحتفظ بِكبريائها، ولا تُجرى فوقها سوى مقابلات المنتخب الوطني، أو اللقاءات النهائية للمسابقات المحلّية. فلماذا نمنح ملاعب براقي والدويرة وتيزي وزو ووهران لِأندية تُذكّرنا بِالسلسلة التلفزيونية “أعصاب وأوتار”؟ تنام على مشاكل وتستيقظ على فضائح!
– ناديان عملاقان تاريخًا وحصيلة مثل ميلان آسي والإنتر الإيطاليَين، لا يملكان ملعبا خاصا بِفريقَيهما الكرويَين. ويخوضان المقابلات فوق أرضية ميدان واحد وهو “سان سيرو” (تسمية الميلان) أو “جوسيبي مياتزا” (تسمية الإنتر). لكن مسؤولي الناديَين يدفعون عدّا ونقدا للعب في هذه المنشأة الرياضية، ويغترفون من ميزانيتَيهما لِصيانة الملعب، ولا يعتمدون على السلطات المحلّية لِمدينة ميلانو، تتدخّل لِتدليل رئيس الميلان أو الإنتر. “مير” ميلانو مُنشغل بِتنمية مدينته وليس بـ “التبراح” على لاعبي “الجلد المنفوخ”.
– ملاعب أندية أوروبية كبيرة مثل مانشستر سيتي وأرسنال وبايرن ميونيخ، لجأ مسؤولوها إلى عقود الرّعاية (المنشأة الرياضية تحمل اسم الشركة، فضلا عن أمور أخرى)، وهي العملية المُربحة التي كنست متاعب رصد ميزانية الصيانة. فهل يُمكن النّسج على هذا المنوال مع ملاعب براقي والدويرة وتيزي وزو وقسنطينة وعنابة و”5 جويلية” و”مصطفى شاكر” و..؟
– يُنفق نظام المغربي محمد السادس أغلفة مالية ضخمة على “المُطبّلين”، لِإيهام السُذّج بِأن بلاد مراكش تملك بنى تحتية رياضية مثالية. رغم أن وزيرا رياضيا (محمد أوزين) أُقيل بِسبب فضيحة بِجلاجل في مونديال الأندية 2014، وأمام أعين مسؤولي “الفيفا”، بِملعب العاصمة الرباط، لمّا هرول عمّال المنشأة الرياضية بِطريقة هزلية صامتة، لِتجفيف العشب الطبيعي (بعد تهاطل أمطار غزيرة)، بِما سُمّاه الجمهور المغربي تهكّما بـ “الكرّاطة” (الصورة المُدرجة أدناه). ولا نتحدّث عن خطورة الملاعب أمنيا هناك، مثلما كان الأمر مُؤخّرا في مدرجات أحد ميادين بطولة إفريقيا إناث.