-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل من الممكن تمديد عطلة العيد؟

هل من الممكن تمديد عطلة العيد؟

يتجدد الجدل في الجزائر كل سنة بمناسبة عيدي الفطر والأضحى، حول قصر مدة العطلة الرسمية الممنوحة للموظفين والعمال في كافة القطاعات، بشكل جعل القضية مادة دسمة لنقاشات حول مدى وجود بدائل لهذا الوضع.

والجدل حول مدة العطلة في عيدي الأضحى والفطر كأكبر مناسبتين دينيتين في العالم الإسلامي ظهر منذ عقود في الجزائر، لكن شبكات التواصل الاجتماعي أعطته بعدا آخر خلال السنوات الأخيرة، أين تبين أن النقاش بشأنه جدي وليس مجرد آراء معزولة في مجالس ضيقة.

وبغض النظر عن رجاحة رأي هذه الفئات التي رفعت أصواتها للمطالبة بتمديد مدة إجازتي العيدين، أسوة بدول إسلامية أخرى، فإن هذا النقاش فرض نفسه فعلا في الساحة، وسيكبر مثل كرة الثلج خلال المواسم القادمة، ويجب قياسه بميزان العقل من أهل الاختصاص بالدرجة الأولى، لمعرفة مدى إمكانية إسقاط ما هو موجود في دول أخرى على الواقع الجزائري.

يقدم أصحاب هذا الطرح المطالب بالتمديد عدة مبررات أخرى، من أهمها أن قصر مدة العطلة جعل من العيد كمناسبة دينية تجمع العائلات والأقارب وصلة الأرحام، تفقد هذه المقاصد والميزات، لأن عديد الأسر تجد نفسها عاجزة عن التنقل بين مناطق وولايات بسبب ضيق الوقت، فضلا عن ظواهر سلبية أخرى تتعلق بتسجيل غيابات بالجملة عبر الإدارات والمؤسسات التعليمية، كما تم اقتراح دمج 10 عطل تحصيها الجزائر لتمديد أخرى.

وليس سرا أن الجزائر التي تعد بلادا بمساحة قارة، تعد أيضا وبنسبة كبيرة مجتمعا ريفيا في تقسيمها الديمغرافي، وهو واقع له أسباب تاريخية وحتى اقتصادية، منذ عهد الاحتلال الفرنسي وسياسات التهجير القسري للسكان وتقطيع أواصر المجتمع للقضاء على الانتفاضات، ووصولا إلى موجات النزوح الريفي نحو المدن بحثا عن الأمن خلال فترة العشرية السوداء.

ويضاف إلى ذلك التسيير المركزي منذ الاستقلال والذي جعل من المدن وخاصة العاصمة والمدن الكبرى الشمالية مركز الثقل الإداري والسياسي والاقتصادي، وتستقطب عددا كبيرا من الموظفين والتجار والأنشطة الخدماتية الكبرى، وهو عامل آخر كان وراء الثقل الديمغرافي لهذه المدن، التي أضحت أيضا مركزا لجذب السكان من مختلف ربوع الوطن وتواصل حركات الهجرة السابقة.

لذلك يبدو أن تجارب دول أخرى عربية وإسلامية تعد نماذج يمكن البناء عليها للتعامل مع هذه القضية المتعلقة بالعطل الدينية والوطنية، مع تحفظات بسيطة حول إمكانية إسقاطها على الواقع الجزائري، والتي يبقى لأهل الاختصاص والقرار الحسم فيها.

وقد قادنا هذا الجدل إلى اكتشاف تجارب دول، نجحت إلى حد كبير في تحويل هذه المناسبات الدينية والوطنية إلى محطات لتحقيق مكاسب اقتصادية وحتى تجارية كبيرة، وهناك تقارير حول بلدان تحقق مداخيل استثنائية بملايين الدولارات في ظرف أيام، بعد أن نجحت في استغلال أيام العطل والتي تدوم أسبوعا كاملا ببعضها، من خلال تنشيط السياحة الداخلية وإعطاء دفعة لمهرجانات ومعارض مناسباتية عبر التخطيط المسبق لذلك.

وهذه المناسبات والعطل الطويلة المدة نسبيا، أضحت تخلق حركية اقتصادية وتجارية وحتى اجتماعية، من خلال تنشيط حركة النقل الداخلي بكل أشكالها البرية والجوية وحتى البحرية، بسبب تنقل العائلات بين مختلف المناطق، وما تدره أيضا المهرجانات التجارية والثقافية أو تلك الخاصة بالتسلية من مداخيل على كل منطقة تغطي ما يعتبره البعض خسائر ناجمة عن تمديد العطل بالنسبة للموظفين.

هذه التجارب التي نجحت دول من خلالها في المزاوجة بين تحقيق مقاصد هذه المناسبات الدينية والاجتماعية وأخرى اقتصادية وتجارية، تبقى أيضا مرتبطة بواقع كل دولة وإسقاطها على الواقع الجزائري لا يمكن الجزم بنجاحه، دون تهيئة الظروف المناسبة لذلك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!