-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمّة تُزري بعلمائها لحساب أعدائها

سلطان بركاني
  • 1113
  • 0
أمّة تُزري بعلمائها لحساب أعدائها

بُعيد الاحتلال الأمريكي للعراق، كان أهمّ عمل قامت به CIA بالتعاون مع الموساد الصهيونيّ وعملاء إيران في المنطقة الخضراء، تصفية أكثر من 5500 عالم عراقي، بحسب ما كشفت عنه مجلة “المشاهد السياسي” البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 22/ 03/ 2013م، كان لهم الدّور الأبرز في تحويل العراق إلى قوة عسكرية وبحثية في مجال الذرة والطّاقة النووية، يحسب لها ألف حساب في منطقة الشّرق الأوسط، أقضّت مضاجع الأمريكان والصهاينة والصفويين على حدّ سواء.

لقد تمّت تصفية هؤلاء العلماء بعد رفضهم الإغراءات الكبيرة التي قدّمت لهم ليعملوا لصالح أمريكا، في إطار مخطّط أمريكي-صهيونيّ يهدف إلى منع العراق من إعادة بناء ترسانته العسكرية، وإلى منع انتقال أولئك العلماء إلى أي بلد عربي أو إسلامي آخر، وقد حاولت كلّ من إيران وإسرائيل تكرار تجربتها مع علماء الرّوس بعد انهيار الاتّحاد السوفييتي، أين أمكنهما استمالة عدد من أولئك العلماء ليعملوا لصالح الدّولتين، لكنّهما فوجئتا بالحسّ الوطنيّ العالي الذي يتمتّع به علماء العراق الذين رفضوا الرّضوخ للإغراءات والتّهديدات، فتمّت تصفيتهم بتواطؤ مباشر من حكومة المنطقة الخضراء.

هذا الذي حصل مع علماء العراق، قد حصل مثله مع علماء آخرين كثيرين من دول عربية وإسلاميّة أخرى، تخصّصوا وتعمّقوا في علوم لا يٌسمح للمسلمين أن يتعدّوا فيها حدودا معيّنة، حفاظا على الفجوة العلمية بين العالم الغربيّ والعالم الإسلاميّ، ولا يزال التاريخ القريب يذكر ما حصل للدّكتورة والباحثة السّعودية سامية عبد الرحيم الميمني التي تخصّصت وبرعت في جراحة المخّ والأعصاب، وحصلت على براءات اختراع من المجلس الطبيّ الأمريكيّ، وأمكنها في تسعينات القرن الماضي تحويل عمليات الجراحة المتخصصة الصّعبة في ذلك الوقت إلى جراحة سهلة تتمّ عن طريق التخدير الموضعي، وعندما وصلت إلى الحدّ الذي لا يسمح بتجاوزه، عرض عليها مبلغ 5 ملايين دولار بجانب الجنسية الأمريكية مقابل التّنازل عن براءات اختراعها، ولأنّها رفضت العرض، فقد تعرّضت للاغتيال.

وما حصل مع الميمني، حصل أيضا مع عالم الذرّة الفلسطينيّ نبيل فليفل، الذي عثر على جثته عام 1984م في منطقة “بيت عور” بالضفّة الغربية، وحصل مثله أيضا مع عالم الذرّة المصريّ يحيى المشدّ الذي اغتيل في العاصمة الفرنسية باريس سنة 1980م، دون أن ننسى عالم الفيزياء المصريّ المشهور مصطفى مشرفة، الذي قال عنه آينشتاين بأنّه واحد من أعظم علماء الفيزياء، حيث مات هو الآخر مسموما سنة 1950م.

ليس الاغتيال المباشر هو وحده طريق التخلّص من العلماء المبرّزين في العالم الإسلاميّ، فربّما يكون الاغتيال بصور وأشكال متعددة وغير مباشرة، حيث يضطرّ العلماء لوأد طموحاتهم، والتخلّي عن أحلامهم، أو الهجرة إلى الخارج، وأحسنهم حالا من يتعرّض لمساومات يعرف أولها ولا يعرف آخرها، لأجل أن يعمل لصالح لوبيات سياسية ومالية تنشط في الدّول العربيّة والإسلاميّة وتتعاون في كثير من الأحيان مع جهات خارجية، تعمل على احتكار كلّ الاختراعات لصالح الغرب، وعلى منع اشتهار أي اختراع يكون منطلقه إسلاميا أو عربيا، ليجد علماء العرب والمسلمين أنفسهم أمام واحد من خيارات ثلاثة، إمّا الهجرة والعمل لصالح الدول الغربية مقابل إغراءات مالية معتبرة، أو التّصفية، أو التعرّض لمؤامرات تقلّل من أهمية الاختراع وتعمل على وأده، وكمثال لهذه المؤامرات يمكن الرّجوع إلى ما كشفه الكاتب علاء الحلبي في كتابه “مؤامرة الأطبّاء والصّيادلة” من حقائق صادمة تتعلّق بواحد من أهمّ المجالات التي تنشط فيها لوبيات العلم، هو مجال الطبّ والصّيدلة، الذي تعرّض لمؤامرات لا تضاهيها المؤامرات التي تعرفها تجارة قطع غيار السيارات!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!