-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إحدى عشرة ملاحظة عن استعمال اللوحات الإلكترونية في الابتدائي

خير الدين هني
  • 5892
  • 0
إحدى عشرة ملاحظة عن استعمال اللوحات الإلكترونية في الابتدائي

في إطار مخطط الحكومة القاضي بالتعميم التدريجي لاستعمال اللوحات الإلكترونية كوسيلة تعليمية في التدريس بالمرحلة الابتدائية، واستعمالها كبديل تقني وتكنولوجي للكتاب المدرسي الورقي، راسلت وزارة التربية مديري التربية بتاريخ 20/1/2022، تطلب منهم اقتراح ثلاث مدارس على مستوى كل بلدية، كي تجهِّزها بلوحات إلكترونية قبل حلول الموسم الدراسي 2022-2023، ووضعت شروطا لهذه المدارس منها أن تعمل بنظام الدوام الواحد وتعداد الأفواج التربوية (3،4،5)، لا يتجاوز في المجموع 90 تلميذا، مع وجود شبكة كهربائية سليمة التركيب والتوصيل، للحفاظ على سلامة اللوحات ولواحقها.

مدارس البلديات النائية الواقعة فيما يسمى مواقع الظل، تعاني من تذبذب انقطاع الكهرباء، أو ضعف قوة التيار أو اضطرابه بين القوة والضعف، مما يؤثر على سير اللوحات بالكفاءة المطلوبة، وفي هذه الوضعية المتذبذبة كيف يصنع المدرِّس عندما ينقطع التيار الكهربائي أو تضعف قوته؟ إضافة إلى أن أبواب الأقسام وخزائنه لا تغلق لانكسار أقفالها، أو اعوجاجها بسبب انتفاخها وتهرئتها من أثر الأمطار وعوامل الطبيعة.

أولا: المشروع من الناحية التقنية والتكنولوجية، ومسايرته للأفكار الثورية في عالم التربية والتعليمية العامة والخاصة ومقاربات التدريس الفعالة التي تجعل المتعلمين في مركز الاهتمام ضمن أي نشاط تعليمي تعلمي، يُعدّ مشروعا طموحا ويستحق التنويه والتشجيع، لأنه –إن تحقق وعُمّم بالشروط الفنية والتربوية والنفسية- سيُخرج المدرسة الجزائرية من مظاهر التقليد والجمود التي يعشقها المتشبثون بالقديم.

ثانيا: المشكلة التي ستواجه هذا المشروع الطموح، هي الخوف من أن تُسيَّر ارتجاليا كما سُيِّرت المقاربات التعليمية من قبل، سواء على المستوى السياسي أو العملي أو الإجرائي، فتُسيَّر التقنيات الجديدة ذات الخلفيات التقنية والأبعاد الثورية، بعقليات قديمة متراخية لا تأخذ في الحسبان قوة العزيمة والجديّة في تنفيذ الإجراءات وتوفير وسائل التسيير، ما يجعل هذه المشاريع الطموحة لا ترقى إلى مستوى العتبات التي تنتظرها أهداف التربية وانتظارات المجتمع، ما يجعل النقاد يوجهون لها انتقادات لاذعة على نحو ما فعلوه مع الإصلاحات الجديدة، لكونها لم تحقق الأهداف المنتظرة، والحال أن الخلل موجود في سوء فهمها وإجراءات تنفيذها وليس في الإصلاح ذاته.

ثالثا: ومن الشروط الفنية والنفسية والتكنولوجية التي تسبق تنفيذ مشروع اللوحات الإلكترونية، أن تكون المدارس مكيّفة تكييفا كاملا من حيث البنية الهيكلية (إنارة، خزائن وأبواب تغلق، قاعات، ورشات، دورات مياه نظيفة، مياه دائمة، مساحات خضراء…)، وما يرافق ذلك من وسائل تربوية حديثة (صور، خرائط، فاكس، شبكة أنترنيت، ميزانيات مستقلة كراسي طاولات، خدمات راقية يضمنها حراسٌ ومنظفون وإداريون وتربويون في التسيير والإشراف والتكوين والرقابة والمتابعة، وأن يكون التأهيل العلمي والتربوي لأسلاك التربية تأهيلا عاليا، وتُؤخذ مؤشراته عند أي استحقاق للتأهيل والتكوين.

رابعا: لا يمكن أن يتحقق هذا المشروع في سنة أو سنتين أو ثلاث، وإنما يُدرج في برنامج الحكومة ضمن مخططين خماسيين مع إيلاء العناية الفائقة في الإنجاز بشروط الجودة والإتقان، ترصد له في كل سنة من المخططين أرصدة مالية لتحقيق هذا المشروع الطموح، وبذلك يمكن ضمان تغيير الواقع البائس الذي تعيشه المؤسسات التعليمية في الابتدائي، مع ضرورة وضع تشريع جديد يجعل المدارس تتمتع بالاستقلالية المالية كما هو الأمر مع المتوسطات والثانويات، أما إذا بقيت المدارس تحت إشراف البلديات فستبقى تعاني من تراكم المشكلات في نقص العمال والصيانة والنظافة والأمن والماء وتسيير المطاعم ووسائل التنظيف، وحينها تفقد المدارسُ وظيفتَها التعليمية والتربوية بمعايير الجودة والإتقان، خلافا للمتوسطات والثانويات حيث تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وظروف التسيير فيها أحسن وأرقى من الابتدائيات.

خامسا: واستعمال اللوحات الإلكترونية في التدريس استغناء عن الكتاب الورقي، يطرح مشكلا كبيرا في مراجعة الدروس في المنزل، فإذا احتُفظ باللوحات في الأقسام، وانعدم الكتاب الورقي لدى التلاميذ، فكيف يمكن لهم مراجعة دروسهم في بيوتهم؟ فلو كانت تقنية الرقمنة والتوصيل التكنولوجي معممة في المؤسسات المختلفة بما يشبه المدن الذكية، لأمكن للتلاميذ الاتصال بحواسيب البرمجة الإلكترونية بالمدرسة، وراجعوا دروسهم بالمطالعة وحل الوضعيات المطروحة، ولا يمكن حل هذه المشكلة إلا إذا وزعت الجهات المختصة الكتب الورقية كالعادة على التلاميذ ليحتفظوا بها في بيوتهم، ويستعملونها كما تعودوا على ذلك من قبل، إن تعذر الاتصال بالمنصات المدرسية.

سادسا: مدارس البلديات النائية الواقعة فيما يسمى مواقع الظل، تعاني من تذبذب انقطاع الكهرباء، أو ضعف قوة التيار أو اضطرابه بين القوة والضعف، مما يؤثر على سير اللوحات بالكفاءة المطلوبة، وفي هذه الوضعية المتذبذبة كيف يصنع المدرِّس عندما ينقطع التيار الكهربائي أو تضعف قوته؟ إضافة إلى أن أبواب الأقسام وخزائنه لا تغلق لانكسار أقفالها، أو اعوجاجها بسبب انتفاخها وتهرئتها من أثر الأمطار وعوامل الطبيعة.

سابعا: استخدم اللوحات الإلكترونية يستدعي توفير شروط ملائمة لتنفيذ البرامج المعلوماتية، وهو إن نجح -والبداية تكون بتجهيز 1600مدرسة من مجموع 19308 مدرسة كما صرح بذلك وزير التربية- سينقل المدرسة الجزائرية من الممارسة التقليدية التي تجاوزتها الكثير من الدول النامية، إلى المدرسة الحديثة التي تقدِّم الدروس بتقنية الطريقة التفاعلية، وهي أحدث طريقة تتماشى مع المقاربة بالكفاءات، وترفع مستوى التعليم إلى عتبات الجودة والإتقان، ولا شك أن وزارة التربية قد أعدَّت منصات وبرامج معلوماتية يشرف على وضعها مختصون في الإعلام الآلي والرقمنة والبرمجة، ولكن اللوحات الإلكترونية التي توضَع بين أيدي التلاميذ لابد أن ترافقها سبورةٌ الكترونية، تظهر كشاشة بلازما كبيرة مزوَّدة بحاسوب تُخزَّن فيه البرامج والصور والبيانات والخرائط وكل ما له صلة بالدروس في فيديوهات معدَّة لهذا الغرض، والأستاذ هو من يستعمل هذه السبورة والمتعلمون يتابعون على لوحاتهم التي توجد أمامهم على الطاولات، وبهذه الطريقة يكون العمل جماعيا ويشارك فيه كل المتعلمين بدون استثناء، خلافا للطريقة التقليدية التي تقدَّم بطريقة عمودية يغلب عليها العمل الفردي ويغيب فيها العمل الجمعي، وباستعمال هذه التكنولوجيا لا يجوز أن يستعمل الأستاذ الطباشير، والتلاميذ يستعملون اللوحات الإلكترونية فإن حدث ذلك سيكون عملنا عبثيا لا فائدة تُرجى منه، لأن الهدف الأسمى من هذه التقنية هو رفع الكفاءة التكنولوجية لدى الأساتذة والمتعلمين والمشرفين من المفتشين والإداريين وتعميم هذه الكفاءة على أفراد المجتمع في المدى المتوسط.

ثامنا: المشكلة التقنية التي تواجه هذا المشروع هي: هل يستطيع الخبراء في البرمجة والرقمنة، أن يجعلوا هذه اللوحات ثنائية الاستعمال في المدرسة والبيت، حتى يستطيع التلاميذ متابعة أعمالهم في المنزل ويتصلوا بأساتذتهم الذين تكون لديهم أجهزة كومبيوترية أو لوحات متصلة بالمنصات وبرامج المعلومات المدرسية، للاستفسار أو أخذ المشورة والرأي أو طلب المساعدة، وهذه العملية تتطلب جهدا تكنولوجيا وماليا كبيرا؟ هل تستطيع الدولة توفير ذلك وتعميمه على كل المدارس في الوطن؟ لا مستحيلَ في ذلك لو تتوفر الإرادة السياسية الصادقة، مصحوبة بالحزم والعزم والتصميم ومضاء العزيمة، ويمكنها تنفيذ هذا المشروع في مخططين خماسيين كما تقدم الكلام عن ذلك، 2000 مدرسة في العام.

تاسعا: لتحقيق هذه الغاية يتعين على الوزارة تخصيص أيام تكوينية، للأساتذة والمديرين والمفتشين كي يتدرّبوا على إدخال الدروس والمعلومات والبيانات والصور والخرائط عبر منصّات اللوحات الإلكترونية، وتمرينهم على استعمال التطبيقات التي تدخل في الإدخال والبرمجة والاسترجاع، مما يجعل الجميع متحكمين في تكنولوجيا تقديم الدروس بطريقة تفاعلية عبر هذه التقنية، كما ينبغي على الوزارة أن تضع معاييرَ صارمة في اختيار المكوّنين، ولا تجعل الاختيار ارتجاليا على نحو ما هو معمول به في اختيار المكونين في مراكز التكوين الخاصة بتأهيل المديرين والمفتشين، إذ يوجد بينهم من أصحاب التأهيل الضعيف أو المنعدم، ممن أضرُّوا بسمعتهم وسمعة المراكز والتكوين والوزارة والتعليم والدولة.

عاشرا: ومما يجب أن تتميز به اللوحات الإلكترونية، أن تكون مخصصة لبرامج التعليم فحسب، ولا يُدرَج في منصاتها محتوياتٌ خارجة عن المناهج الدراسية، كمحتويات التسلية واللعب واللهو، لأن ذلك يُخرجها عن وظيفتها التعليمية، ويصرف التلاميذ عن الغاية المرسومة في هذه التقنية.

حادي عشر: لكي توفر الدولة موارد مالية لتغطية النفقات الباهظة، لتهيئة البنية المدرسية وتوفير العمال والحراس والوسائل والاستقلالية المالية للمدارس، يمكنها فرض رسوم على البلديات الغنية وشبه الغنية والسلع الكمالية وأنشطة الترفيه والتجارة الموازية وتحويل منح شراء الكتب المدرسية (3000 دينار) لاستغلالها في هذا المشروع، كما يمكنها أن توفد خبراء في التربية والإعلام الآلي إلى الدول الرائدة في التعليم للاستفادة من خبراتها المالية وتجاربها التنظيمية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!