-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استراحة غشّاش!

جمال لعلامي
  • 932
  • 2
استراحة غشّاش!
أرشيف

حكاية الغشّ والتسريب في البكالوريا، تحوّلت إلى مودة، ومهنة وهواية، فقد تمّ تسريب أو نشر أسئلة امتحان اللغة العربية مباشرة بعد عودة الانترنت، وإن كان الفعل بلا معنى ولا جدوى، إلاّ أن مجرّد الإقدام على هذا الاستعراض، يعطي الانطباع أن هناك أطرفا أو أفرادا يتحدّون وزارة التربية، سواء من داخلها أو خارجها، وقد وعدتهم بن غبريط بإجراءات عقابية!
الظاهر أن النشر والتسريب، أصبح الآن مجرّد لعبة مولع بها بعض الأفراد أو الجماعات، من عالم المنظومة التربوية، أو من قطاعات أخرى، والرسالة التي يجب فهمها، حتى وإن لم تكن من عندهم، فهي أن الغشّ لا يُحارب بالقمع والمطاردة والتهديد والوعيد وتشديد الحراسة، وإنّما بضبط القيّم والأخلاق وإعادة النظر في حسن السيرة والسلوك!
من الصعب حراسة الغشاش وضبطه متلبسا مع سبق الإصرار والترصّد، إلاّ إذا أراد الله فضحه، أو تعاون مقربوه على كشف أمره، والحال، أن ما أصبح لصيقا بالامتحانات الرسمية وشهادات “السانكيام” و”البيام” و”الباك”، وحتى مسابقات توظيف الأساتذة، له علاقة بالأخلاق والتربية، قبل ربطه بالتطور التكنولوجي والاتصالي وما له صلة بعالم الانترنت والفايسبوك!
الواقع يقول، بأن الغشّ لم يتوقف منذ أن بدأت مثل هذه الامتحانات والشهادات، فقد كان “الكوبياج” عن طريق “الحروز” والكتابة في الأذرع وحتى الأفخاذ، حتما مقضيا، وهناك من تداول بأن بعض الفتيات لجأن إلى ارتداء الخمار حتى يتمّ تسهيل الغش من خلال تسريب القصاصات الميكروسكوبية، وهذا قبل أن يظهر اختراع البلوتوت وغيره من التقنيات الحديثة!
قد يستفيد كبير الغشاشين الذي علمهم الغش، يومي الجمعة والسبت، بعد محاولات الأربعاء والخميس، ليعود غدا الأحد إلى غشه، ونقله إلى هواة الغشّ والمتأثرين بالغش و”الحشّ” و”النشّ”، وقد تحوّل الغشّ إلى تقليد يتنافس عليه الغشاشون وغير الغشاشين، من باب أن لا نجاح إلاّ بالغشّ والرشّ، ولذلك أصبح المتفوّقون يسابقون الكسالى في النقل وتمنـّي التسريب!
من الطبيعي أن تتضاءل قيمة البكالوريا، فقد تحوّلت إلى “هدف سهل” يلجأ إليه الفاشلون والمتعثرون والراسبون، والخطير أن هؤلاء نقلوا العدوى إلى المثابرين والمتفوّقين، فأصبح الباك بالغشّ والتسريب، أهم من الباك بالجدّ والمثابرة، ولهذا انهار المستوى وضاعت الشهادة، وأصبح الناجح مثل الفاشل، ولم يبق من سمعة الشهادة سوى الاسم والتاريخ الجميل!
المطلوب انتفاضة أخلاقية، فـ”من غشنا ليس منّا”، لكن على هذا أن يسري على الجميع، وبعيدا عن التمييز والمفاضلة، ولا يُعفى منه المحسوبون على من فوق رؤوسهم ريشة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • سامي

    القيم و الأخلاق أضحت بالمقلوب...؟؟ حيث أصبحت يقال من لا يغش ليس منا؟؟؟ حتى أصبحت وسم لجزائري اليوم؟؟ و في جميع الميادين من البطاطا، الطماطم إلى السنكيام و سائر أيام الدراسة وصلولا إلى البق لوريا و المازوت و الليسانس و دك تورة و الما........ستر مرورا بالانتحابات......................؟؟؟ إلى مشاريع السكن و الحفر عفوا الطرقات؟؟؟ و المجمول نحن نعيش في مجتمع الغش بامتياز؟؟؟

  • محمد

    ربما إضافة مادة الأخلاق بشكل منفصل وإعطاؤها معامل 10 أو 20 ولاتقتضي إمتحان بشكل نظري فقط بل تكون عملية،التدريس نظري عملي ، والإمتحان أيضا نظري عملي ، وتقتضي أيضا أن يتابع معلم تلك المادة النظرية والعملية تلاميذه على مدار السنة داخل وخارج المؤسسات التربوية فيصبح معلم ومخبر في نفس الوقت..بل حتى ويخترق أجهزتهم الإلكترونية ليعرف تصرفاتهم على الأنترنت ثم يعطي نقطته الفصلية كل مرة بإحتساب ماجمعه من ملاحظات عن كل تلميذ إضافة إلى نتيجة الإمتحان الفصلي، وهكذا ربما يهتم الأولياء جدا بتربية أولادهم وتدرسيهم الأخلاق وإعطائهم فروض أخلاقية عملية، إذ أن تلك المادة تصبح ضرورية جدا للإنتقال والنجاح.