-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب نقص الأمن في المستشفيات

اعتداءات متكررة على مهنيي الصحة بالبليدة

اعتداءات متكررة على مهنيي الصحة بالبليدة
ح.م

تسجل المؤسسات الصحية بولاية البليدة نقصا ملحوظا في توفير الأمن وهذا يتسبب في تسجيل حالات متكررة من الاعتداء اللفظي أو الجسدي على مهنيي الصحة الذين طالبوا بحمايتهم من هذه الوضعية التي أصبحت مصدر قلق وخوف لديهم وإعاقة لهم في أداء مهمتهم النبيلة بشكل جيد.

وعبرت رئيسة الأطباء بالعيادة المتعددة الخدمات بأولاد يعيش، الدكتورة حمزة نصيرة لوكالة الأنباء الجزائرية عن هذا الوضع قائلة: “نعيش يوميا القلق والضغط في العمل سواء أثناء الخدمة اليومية أو المناوبة الليلية بسبب ما قد نتعرض له من طرف أشخاص من الجنسين ومن جميع الأعمار، يقومون بالاعتداء على الأطباء أو الممرضين أو الأعوان لفظيا أو جسديا”.

وأضافت أن معظم أسباب الاعتداء على مهنيي الصحة تكون “بسيطة” كأن يرفض المريض انتظار دوره للقيام بالكشف عند الطبيب بحجة أن حالته مستعجلة أو كرد فعل على عدم وجود الدواء على مستوى العيادة وأحيانا يحدث الاعتداء بعد رفض المريض دفع رسوم الكشف المقدرة بـ 50 دج.

وحدث أن استقبلت الدكتورة حمزة، هي أو أحد زملائها، خاصة أثناء المناوبة الليلية، مدمنين على المخدرات، يطالبونهم بوصفات طبية لمهلوسات أو أدوية خاصة بالمرضى النفسيين، وأمام رفض الطبيب يتم الاعتداء عليه أو تهديده بذلك وقت خروجه من العمل.

واستدلت بما حدث مؤخرا لزميلة طبيبة كانت حامل عندما استقبلت أحد المرضى الذي قام بقلب المكتب عليها وتكسير ختمها وهاتفها النقال، الشيء الذي تسبب في ضغط نفسي كبير لدى المعتدى عليها.

وأكد منسق النشاطات شبه الطبية بنفس المؤسسة، زروقات محمد، حالات الاعتداءات اليومية التي يسجلها القطاع، مشيرا إلى أن “بعض المرضى أو مرافقيهم لا يحترمون الطبيب أو الممرض ويقومون بإهانته والتعامل معه بصفة مشينة”.

وذكر السيد زروقات أن العيادة تشتغل على مدار الـ 24 ساعة وتغطي 110.000 نسمة رغم نقص الوسائل المادية والبشرية، وتستقبل ما يفوق 200 مريض أثناء الليل فقط ولهذا يكثر الضغط عليها، ومع ذلك، كما قال، يقوم الطاقم الطبي ومساعدوه بعملهم “على أكمل وجه” إلا أنهم لا يسلمون من “الاعتداءات المتكررة” عليهم.

ولفت إلى النقص المسجل في أعوان الأمن وغياب الكاميرات بالعيادة، مؤكدا أن عون أمن وحيدا ليس بإمكانه فعل شيء في حالة قيام شخص بتصرف عنفي، مذكرا بقيام مجموعة من الأشخاص بالاعتداء على مريض باستعمال السلاح الأبيض داخل العيادة وسلبه هاتفه النقال دون أن يتمكن أحد من توقيفه.

وطالب المسؤول بضرورة “فرض الأمن في المؤسسات الصحية وتكثيف عدد أعوان الأمن وتنصيب عون شرطة على مستوى كل مؤسسة”، قبل أن يشير إلى أنه تلقى مؤخرا وعدا من إدارته بتنصيب أربع كاميرات حراسة ستساهم دون شك، في الحد من أعمال العنف ضد الطاقم الطبي.

حماية الأطباء من الاعتداءات مطلب مستعجل

وطالبت الدكتورة حمزة الوزارة الوصية بحماية الأطباء وموظفي وأعوان القطاع من هذه الاعتداءات التي أصبحت تؤرقهم وعائلاتهم في نفس الوقت قائلة: “نطالب الحماية لأننا نحن أيضا مواطنون ولدينا عائلات وأولاد وهذا العمل هو من يعيلهم”.

وأضافت: “نقلنا هذا القلق والضغط النفسي لعائلاتنا خاصة يوم قيامنا بالمناوبة لأنهم على دراية تامة بالخطر الذي يهددنا، خاصة بالنسبة لنا نحن النساء.. أولادنا يعلمون بأننا نستقبل مدمنين وهم أصبحوا مصدومين بسبب هذا، رغم أن مهنتنا نبيلة ويجب علينا أن نفتخر بها”.

نفس المشكل طرحته إحدى الممرضات التي كانت تتحدث والقلق باد عليها، حيث قالت: “ليس لدينا أعوان أمن نستنجد بهم في حالة الاعتداء علينا” وأن “اللجوء إلى رفع قضية في كل مرة ليس حلا لأننا هنا للعمل وليس لتقديم شكاوي يومية” مطالبة بـ “توفير الأمن وتكثيفه لطمأنتهم وتمكينهم من أداء عملهم في أريحية”.

من جهته، اقترح مدير مستشفى بوفاريك رضا دغبوش تزويد المؤسسات الاستشفائية بأعوان أمن مختصين ومتخرجين من مدارس أمن خاصة أو اللجوء إلى المناولة من خلال توظيف أعوان أمن من طرف شركات الأمن المختصة مثلما هو الشأن بالنسبة لأعوان النظافة.

وقال السيد دغبوش أنه “لا يجب توظيف أعوان الأمن على أساس المسابقات فحسب بل يجب أن تتوفر فيه شروط أخرى كأن يكون مثلا رياضي متخصص في الفنون القتالية أو شرطي أو عسكري سابق”، مضيفا أن “هذه الشروط عادة ما تتوفر في أعوان الأمن الذين تقترحهم شركات الأمن المتخصصة، حتى يتسنى لهم مواجهة وتوقيف أي اعتداء محتمل داخل المستشفيات فور وقوعه”.

وكشف مدير مستشفى بوفاريك انه على الرغم من أن مؤسسته مزودة بكاميرات مراقبة وبعون شرطة فإنها سجلت 952 اعتداء لفظيا وجسديا خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى 31 جويلية 2019 .

وقال أنه من بين أسباب هذه الاعتداءات، الضغط المسجل على المستشفى، حيث يتجنب المرضى العيادات المتعددة الخدمات وقاعات العلاج ويقصدون المستشفى حتى لو تعلق الأمر بالإصابة بزكام بسيط أو بالتهاب اللوزتين، وهذا الوضع يسبب لنا تعطيلا في التكفل بشكل جيد بالمرضى المصابين بأمراض مزمنة أو إصابات خطيرة والمحتاجين إلى رعاية أكبر.

واسترسل قائلا انه “عند توجيه المرضى لهذه المؤسسات الصحية التي وفرتها لهم الدولة يرفضون ويصرون على منافسة الحالات الاستعجالية الكبرى، مما يولد ضغطا على الطرفين ينتج عنه لجوئهم لاستعمال العنف والاعتداء على الموظف”.

وبدوره اعترف المدير المحلي للصحة، أحمد جمعي، بتسجيل اعتداءات لفظية وجسدية على الأطقم العاملة بالمؤسسات الصحية التابعة لقطاعه على مستوى الولاية خاصة بمصالح الاستعجالات الطبية أو الجراحية، مشيرا إلى أن معظم الاعتداءات تتم من طرف المرافقين وليس من طرف المرضى أنفسهم، دون أن ينفي في ذات الوقت تسجيل حالات جد نادرة لسوء تعامل أعوان المستشفيات مع المواطنين.

وذكر السيد جمعي أنه رغم تزويد جميع مستشفيات الولاية (فرانس فانون وإبراهيم تيريشين وبوفاريك والعفرون) بكاميرات المراقبة وأعوان شرطة (يقومون بالاستنجاد بدوريات الأمن في حالة وقوع اعتداء) فلا يوجد تغطية كاملة فيما يخص أعوان الأمن خاصة ليلا وذلك بسبب عائق توظيفهم، حيث نادرا ما تخصص لهم مناصب مالية ولا يتم تعويضهم في حالة تقاعد البعض منهم.

كما أكد عدم وجود كاميرات وأعوان شرطة على مستوى قاعات العلاج والمراكز الصحية والعيادات المتعددة الخدمات التي تضمن 13 منها على مستوى الولاية المناوبة على مدار 24 ساعة، وذلك بسبب محدودية ميزانيتها، ما يجعل الاعتداء على مهنيي الصحة “أمرا سهلا ومتاحا للجميع”.

ولفت في هذا الصدد إلى أن وزير الصحة أعطى خلال هذا الأسبوع تعليمات بضرورة تزويد نقاط المناوبة الطبية بكاميرات حراسة وهو ما دفع المديرية المحلية للصحة إلى التفكير في إدراج هذا المشروع في ميزانية السنة الجديدة.

كما شدد على أن القانون يحمي موظفي القطاع في حال الاعتداء عليهم ويتم رفع قضايا الاعتداء على مستوى المحكمة ومتابعة المعتدين، حيث تحصي المديرية 20 قضية اعتداء من هذا النوع على مستوى المحاكم منذ بداية السنة.

وكان وزير الصحة، محمد ميراوي، قد أكد خلال زيارته للبليدة في 27 أوت الماضي على أن الاعتداءات على مهنيي الصحة أمر “غير مقبول لأنه جنحة” ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة إزاء ذلك، مشيرا إلى انه “مهما كانت أسباب الاعتداء فهي لا تبرر ذلك وحتى لو قصر الموظف في أداء مهامه هناك إدارة لتقييمه واتخاذ الإجراءات المناسبة في حقه”.

وأكد انه “ليس من حق المواطن أن يتخذ أي إجراء في حق موظف، ونندد بهذه الممارسات لأننا شعب مسلم ويتوجب علينا أن نحترم بعضنا البعض وهناك طرق حضارية للمطالبة بالحقوق”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!