الرأي
فجر في الأفق خلف سيل الإساءات

الإسلام يجتاح أوروبا ويستهوي الأمريكان- الحلقة الثانية

سلطان بركاني
  • 9675
  • 19
ح/م

لقد باءت مخطّطات أهل المكر والخيلاء بالفشل، ليس فقط على صعيد محاولتهم وقف انتشار الإسلام في أوروبا وأمريكا، ولكنّها منيت بالفشل الذّريع أيضا على صعيد سعيهم لفرض مخطّطاتهم على بلاد المسلمين عبر ما أسمته الإدارة الأمريكية بالفوضى الخلاقة، التي بشّرت بها كونداليزا رايس قبل سنوات.

بعض قصيري النّظر من بني جلدتنا ممّن بلوا بالهزيمة النّفسية، واستهوتهم طقوس جلد الذّات ورياضة القفز على الحقائق، يقولون إنّ ما يحدث في بلاد المسلمين في السّنتين الأخيرتين، هو نتاج مؤامرة صهيو-أمريكية، سعت فيها الدّوائر الغربية من خلال عرّابها اليهوديّ “برنارد ليفي” لنشر الفوضى في بلاد العرب والمسلمين، وأصحاب هذه النّظرة الذين ظنّوا أنّهم وقفوا على الحقيقة الكاملة التي فاتت غيرهم، نسوا أنّ الذي جعل موسى يتربّى في حجر فرعون هو من بيده أمر هذا الكون .

نعم، لقد كانت الولايات المتّحدة الأمريكية تعدّ لصناعة ثورات على المقاس، ليس فقط في العالم الإسلاميّ، ولكن في العالم أجمع، وقامت بإعداد منظّمات شبابية في كلّ دولة تريد تغيير نظامها، وبدأت بالفعل تدريبها إعلاميا وميدانيا لإشعال تلك الثورات وتوجيهها نحو الوجهة التي تريدها، لتذهب بوجوه انتهت صلاحيتها وتأتي بوجوه أخرى ترفع شعارات الحرية والدّيمقراطية والعدل والمساواة وتدين بالولاء سرا للغرب ولثقافته، وأعدّت أحزابا سياسية وشخصيات على المقاس لاستلام مقاليد الأمور بعد الثورات.

وقد تولّت هذه مهمّة إعداد وتمويل هذه المنظّمات الشّبابية التي تتستّر خلف تسميات منظّمات المجتمع المدنيّ، مؤسسات ومنظّمات صهيو-أمريكية يشرف على تمويل أغلبها أثرياء يهود، نذكر منها:

1.الصّندوق الوطني للدّيمقراطيّة” الذي يرعاه الكونغرس الأمريكيّ ويموّله الملياردير اليهوديّ جورج سوروس، الذي كان خلف هدم البلدان الاشتراكية السابقة بدءًا من دعم حركة تضامن البولندية ومرورا بالثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا، وليس انتهاءً بدعم المافيا اليهودية في روسيا، ودوره في البلقان وأندونيسيا وماليزيا غير خافٍ على الباحثين.

2 . منظّمة “بيت الحرية” التي تتلقّى دعمها من الحكومة الأمريكيّة ومن الصّندوق الوطني للدّيمقراطيّة سالف الذّكر.

3.منظّمة “جيل جديد” المتفرّعة عن منظّمة بيت الحرية، والتي تهدف إلى إيجاد جيل جديد من الشّباب يأخذ على عاتقه محاربة الإرهاب ونشر السّلام، هذا هو هدفها الظّاهر، ولكنّ هدفها الباطن هو السّعي إلى إيجاد جيل منسلخ عن قيمه يقطع صلته بالإيمان والأديان، جيل منصهر في بوتقة النّظام العالميّ الجديد، يعبّأ ويتمّ توجيهه لتغيير الأوضاع بعيدا عن الأديان وعن العادات والتقاليد.

4.منظّمة “تحالف حركات الشّباب” وهي منظّمة منبثقة عن منظّمة جيل جديد، من أبرز مؤسّسيها اليهوديّ جاريد كوهين، هدفها الظّاهر هو مساعدة الشّباب على استغلال التكنولوجيا ووسائل الاتّصال الحديثة لتوجيه الرّأي العام، وهدفها الحقيقيّ لا يختلف عن هدف منظّمة جيل جديد.

5 . منظّمة “المجتمع المفتوح” التي يشرف عليها ويموّلها اليهوديّ جورج سوروس، وتسعى لتشكيل السّياسات العامّة للدّول، عن طريق ترويج مبادئ النّظام الديمقراطي وحقوق الإنسان وحرية التّعبير.

هذه المنظّمات التي يموّلها اليهود وتشرف عليها الإدارة الأمريكية بطريقة غير مباشرة، تقف خلف كثير من منظّمات المجتمع المدنيّ وحركات الشّباب التي بدأت تنشط في الدّول العربيّة في السّنوات الأخيرة، لقلب الأنظمة التي احترقت أوراقها وانتهت أدوراها، لصالح أنظمة جديدة تمارس نوعا جديدا من الولاء للغرب، منظّمات شّبابية تحمل شعارات أبرزها شعار قبضة اليد الذي حمل في المغرب وفي لبنان، وحملته في مصر حركة 06 أبريل التي حضر مؤسّسها الفعليّ أحمد صلاح اجتماعات في نيويورك لمنظّمة “تحالف حركات الشّباب” ذات التّمويل اليهوديّ؛ حركة 06 أبريل التي كانت تسعى سعيا حثيثا لأن تتمخّض الثّورة المصريّة عن تولّي صنيعة أمريكا محمّد البرادعي زمام الأمور، البرادعي الذي يعدّ عضوا بارزا في المنظّمة المشهورة “منظّمة الأزمات الدّولية” التي يموّلها هي الأخرى الملياردير اليهوديّ جورج سوروس، إضافة إلى الملياردير اليهودي بيتر آكرمان، والملياردير الماسوني ديفيد روكوفيلر.

هذه الأسماء اليهوديّة -التي لا تشير إليها وسائل الإعلام أدنى إشارة- كانت تخطّط تحت الرّعاية السّامية لأمريكا لصناعة “فوضى خلاقة” في بلدان المسلمين، ولكنّها في غمرة تخطيطها وقبل أن تكتمل طبختها فوجئت بالشابّ التونسيّ “محمّد البوعزيزي” الذي لم يسمع في يوم من الأيام بمنظّمات المجتمع المدنيّ، فوجئت به يطلق شرارة الثّورات العربيّة. حاولت في البداية التمسّك بعملائها إلى آخر لحظة، لكنّها لمّا رأت أنّ الأمور بدأت تحسم، تخلّت عنهم وتبرّأت منهم، وحاولت الزجّ بعملائها الجدد لتحريف مسار الثورات إلى وجهات أخرى، لكنّ عملاءها فشلوا في مهمّتهم، لأنّ تلك الثورات كان أكثر ناشطيها ممّن يصعب ترويضهم.

قادت المنظّمات اليهوديّة عن طريق عملائها في منظّمات المجتمع المدنيّ وعن طريق الإعلام المأجور الذي تموّله بشنّ حملات منظّمة من التّشويه والتّشكيك في قادة الحراك الثّوريّ وبخاصّة منهم أصحاب المشروع الإسلاميّ، وروّجت إشاعات كثيرة أبرزها: أنّ الثورات العربية يقف خلفها اليهوديّ برنارد ليفني، واستنفرت منظّماتها الشّبابية التي أعدّتها لتنفيذ مخطّطاتها، ولكنّ الأمور خرجت عن سيطرتها؛ خرجت الأمور عن سيطرتها في تونس وفي مصر وهي على وشك الانفلات من أيديها في ليبيا، أمّا في سوريا فقد بليت المنظّمات الماكرة -ومن خلفها الإدارة الأمريكية- بداهية دهياء، يوم راهنت على مجلس وطنيّ عميل صنعته على عينها ليتولّى زمام الأمور، ولكنّها فوجئت به لا يمثّل إلا الكراسي التي يجلس عليها أعضاؤه، ولا تسمع له كلمة في الدّاخل السّوريّ الذي يسيطر عليه رجال هم ألدّ أعداء أمريكا وحلفائها، رجال يرفعون شعارات تصنع الغصص في حلوق أهل المكر بالإسلام، رجال لا همّ لهم إلا إعزاز دين الله جلّ وعلا. رجال مرّغ أمثالُهم أنف أمريكا في التراب في أفغانستان والعراق. لذلك فهي تسعى الآن بكلّ خبث حتى لا تستتبّ الأمور لأولئك الرّجال.

نعم، لقد خطّطت أمريكا لفوضًى خلاقة في بلاد المسلمين، وحاولت استثمار الحراك الذي حدث، ولكنّ محاولاتها باءت بالفشل، ومخطّطاتها ذهبت أدراج الرياح، تماما كما باءت حملتها الصليبية الصهيونية التي شنّتها على بلاد المسلمين بعد أحداث الـ11 سبتمبر 2001م بالفشل.

مقالات ذات صلة