-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجديد والجُدد

الجديد والجُدد

أكثر من أسبوع مرّ على انطلاق الحملة الانتخابية لتشريعيات يُراد منها أن تكون لبنة لعمل ديموقراطي لا يفرز فيه إلا ما ابتغاه الناخب وارتضاه، على أمل أن تقدِّم الوجوه الجديدة، الجديد المأمول وليس الصورة الجديدة من دون اللب والمحتوى.

وإذا كان الجزائريون في غالبيتهم مقتنعين بالنيات الحسنة لأجل التغيير، وبأجر الاجتهاد من أجل النجاح، فإن المشكلة لم تعد في هذا الأمر، وإنما في نوعية الأسماء المترشحة وخطابها الذي لم يحرك إلى حد الآن الشعب الصامت الذي قاطع منذ عقود صناديقَ الاقتراع منذ أن شعر على مدار سنوات طويلة بالتزوير وخاصة بالمستوى المتدني للطامحين في هدايا البرلمان.

أكثر من أسبوع من الحملة الانتخابية، لم يقدم إلى حد الآن “الطيور النادرة” أو على الأقل الخطاب الجديد الذي يميّز الذين سمّاهم الناس بالجدد عن السلف، بل إن بعض الخطابات هي نسخة مكررة لسابقتها، حتى تخال بأن ورقة الطريق الوهمي هي نفسها، لم يتغير سوى قارئها، وهو ما قد يجعل الصامتين يواصلون صومهم عن الانتخاب، أمام انعدام البرامج الحقيقية أو على الأقل “الكاريزما” لدى الوجوه الجديدة، من أجل أن تقنع الناخب بالجديد الذي يأمله عامة الناس، لأنَّ مفردة “الجديد” في السياسة لا تعني الشكل المتغير وتقاسيم الوجه، وإنما المحتوى الراقي الذي يحل المشاكل القديمة ويطلق “الديكليك” الذي يقدم البلاد والعباد في أحسن صورة.

استمعنا إلى العديد من رؤساء الأحزاب وممثليهم ومن الأحرار وخاصة الشباب من الجنسين، ومنهم من نفخ نفسه بسيرة ذاتية سطورها أكثر من برنامجه، ولكنهم في غالبيتهم لا يدرون أصلا ما دورهم في حال ترشحهم كنائب، إذ كرّروا ذات الأسطوانات التي سمعناها من قبل من أجل ملء فراغ الحملة، من توفير للسكن والشغل وقبر لـ”الحقرة”، بل إن أحدهم تحدَّث عن برامج فضائية والاكتفاء الذاتي في منتج القمح، حتى ظننا أنفسنا بأننا أمام مشروع رئيس حكومة وليس أمام نائب في البرلمان، قد لا يزيد دورُه عن حركة يد ممدودة إلى الأعلى.

تمرّس حزب جبهة التحرير الوطني، منذ الاستقلال على تغيير سترته بكل الألوان الممكنة وعدد أزرارها، إلى درجة أن قدَّم في بداية الألفية الحالية العشرات من الدكاترة للانتخابات التشريعية حتى دفعنا لتصور أنفسنا أمام مستشفى وليس برلمان، فكلما تحدث الناس عن مستوى مترشحي جبهة التحرير المتدني، كلما بحث في الجامعات عن ممثلين جدد، وكلما ضجر الناس من اللون الأبيض لشعر الجبهويين كلما زعم التشبيب وصبغ الشعور، ولكن اللب بقي واحدا، وهو افتقاده لبرنامج مبني على تشخيص الداء وتقديم الدواء، فأضعنا عقودا من الدوران في نفس الحلقة، ولا نتمنى أن نكرر نفس الأخطاء، لأن الجسم لم يعد قادرا على تحمّل مزيد من الآلام، بل إنه لا يحتوي على جزء سليم يمكنه الصمود أمام ألم آخر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ياسين

    ما ستفرزه الانتخابات هو نتاج مجتمع فاقد لمبررات الوجود...وفاقد الشيئ لا يعطيه...زد على ذلك فمسؤولية التصحر يتحملها الجميع...شعب وأحزاب وجمعيات... فأصحاب الأفكار يتم تحجيم دورهم أو عزفوا هم عن التقدم لقيادة المجتمع...فماذا تريدون إذن...إذا غابت النسور تستنسر البغاث...كما يقال... كما أن الغباء جعل من مغتالي الديمقراطية في 1992 يركبون الشعب ويدعونه للمقاطعة وكأنهم هم الملائكة والباقي شياطين؟ وهؤلاء أقلية لا وزن لها شعبيا لكنها استطاعت أن تركب ظهر المجتمع وتدغدغ عواطفه وهي أشد عداوة له؟ و1992 لزالت شاهدة على جريمتهم في حق الجزائر يوم اغتالوا الديمقراطية والشعب على حد سواء وذاقوه الدم والدموع؟؟؟

  • خالد بن الوليد

    الاحزاب السياسية علي اختلاف الوانها لم تعد صالحة سقطت عنها الاقنعة وبانت علي حقيقتها المظلمة . الاحزاب السياسية- جبهة التخريب الوطني والارندي - ساهمت بقسط كبير في نهب وسرقة اموال الشعب وتمزيق البلاد وتهريب الاموال الي بنوك فرنسا واوروبا وامريكا . الاحزاب اللسياسية لا تمثل الشعب الجزائري اطلاقا وانما تمثل مصالحها الشخصية الضيقة . الممثل الحقيقي والشرعي للجزائر ولشعبها هو الحراك الشعبي المبارك فقط.

  • لزهر

    عاش الفيلسوف الروماني إميل سيوران بين ثلاثة أشياء متناقضة من أب قاضي من الطبقة البورجوازية و أم كانت تكره الدين و بين شعب أقل ما يقال عنه أنه يستعمل الحيلة حتى في أبسط لأمور ولو تحدثت إليه . فقال إذا إعتنقت طبقة من اللصوص أسطورة فأنتظرُوا مذبحة أو ما هو أسوأ من ذالك ولادة دين جديد. أي أنه وجد أن السبب في تخلف شعبه أتى من فوق و لاحظ أن الأسوأ من ذالك ان تأتي بكل جديد غير مدروس و محسوب قد يؤدي بك إلى عواقب وخيمة مثل التسعينيات و ها نحن اليوم نحصد فراولة و حب الملوك و التوت إلى حد الأن.