-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائريون بين المداخلة والشّيعة

سلطان بركاني
  • 3933
  • 0
الجزائريون بين المداخلة والشّيعة

باستثناء بعض العلمانيين الذين يعجبهم أن يتعاظم الخلاف بين المسلمين وتتكاثر طوائفهم وينشغل بعضهم ببعض عمّا يدبّر ويحاك للدّين وللعاملين له، وباستثناء بعض المنتفعين من المشروع الشيعيّ الطّائفيّ وبعض من جهلوا حقيقته وغفلوا عن أهدافه، ممّن يتذرّعون بوحدة الأمّة في مواجهة أعدائها الأصليين لينادوا بفتح الأبواب على مصاريعها ونشر البساط الأحمر للتشيّع الباطني؛ باستثناء هؤلاء وأولئك، فإنّ الجزائريين كما أجمعوا على ضرورة التصدّي للطّائفة الأحمديّة ولغلاة التّكفير، قد أجمعوا أيضا على ضرورة التصدّي للمدّ الشيعيّ الاثني عشريّ، وإن اختلفوا بعد ذلك حول التّعامل مع طوائف أخرى، منها السلفية المدخلية.

الجزائريون عامّة والمهتمّون بالواقع الدّعويّ خاصّة في أمسّ الحاجة إلى فقه الموازنات في التعامل مع مختلف هذه الدّعوات التي يسعى منظّروها لزيادة أتباعها في هذا البلد، وإلى التحلّي بشيء من الحكمة في التعامل مع الطّوائف المستجدّة والمتمدّدة في الواقع الجزائريّ على أساس قربها وبعدها من كتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وما أجمع عليه جمهور الأمّة جيلا بعد جيل؛ ومن هذا المنطلق فإنّه ليس من الحكمة أن توضع بعض الطّوائف المنتسبة إلى أهل السنّة والجماعة، على ما لديها من شطط في بعض المسائل، في الكفّة نفسها مع الطائفة الشيعيّة التي لا تجتمع مع جمهور الأمّة في مصادر تأويل القرآن وتفسيره، ولا في مصادر السنّة، ولا تعترف بإجماعات الأمّة، وتكفّر الصّحابة والفاتحين.

 

بين السلفية المدخلية والشيعة الاثني عشرية

السلفية المدخلية طائفة من طوائف أهل السنّة والجماعة، جنحت إلى الغلوّ في الدّفاع عن ولاة الأمر وتهوين أخطائهم وفي تجريح العلماء والدّعاة وتصنيف الجماعات المنتسبة إلى أهل السنّة، وتعصّبَ منظّروها وأتباعُها في مسائل الاجتهاد.. يهتمّ أتباع هذه الطّائفة بالردّ على الشّيعة وكشف زيف مذهبهم وانحرافه عن النّقل والعقل، لكنّ جهودهم في هذا الاتّجاه علاوة على أنّها أقلّ من تلك التي يبذلونها في تصنيف مخالفيهم من أهل السنّة وذمّهم والتّحذير منهم، جريا على قاعدتهم في أنّ “شرّ النّاس المتشبّه بأهل الحقّ وليس منهم”!؛ علاوة على هذا فإنّ جهودهم قوبلت بحملات مضادّة من قبل دعاة التشيّع، استغلّت بعض الأصول والفتاوى الشّاردة التي يدافع عنها أتباع هذا التيار ويعقدون عليها الولاء والبراء وبخاصّة منها تلك التي تبرّر الاستعانة بالأعداء وتدافع عن المتعاونين معهم، وتخذل الأمّة عن قتال الصّهاينة والصليبيين، وتبرّر الصّلح مع اليهود، ومع أنّ أمثال هذه الفتاوى المستهجنة يوجد عند الشّيعة ما هو أشنع وأفظع منها، كفتوى السيستاني المشهورة بمنع قتال الأمريكيين عند غزوهم الآثم للعراق، إلا أنّ دعاة التشيّع يخفون ما عندهم ويظهرون ما عند مداخلة السلفيين، ليُغروا أغيار الشّباب باعتناق مذهب اللّعن والطّعن والتّكفير، والمتعة والأخماس واللّطم والتّطبير. 

ورغم كلّ هذا، فإنّ الواجب الشّرعيّ ومقتضيات الواقع الصّعب الذي تعيشه أمّة الإسلام عامّة والجزائريون خاصّة، يمليان على أهل السنّة في هذا البلد خاصّة وفي العالم الإسلاميّ عامّة التّفريق بين المداخلة الذين هم طائفة من أهل السنّة يجتمعون معهم على مصادر الدّين وأصوله العامّة وعلى محبّتهم وذودهم عن الصّحابة الأبرار وأهل البيت الأخيار، وبين التشيّع الإماميّ الاثني عشريّ الطّائفيّ الدّمويّ الخرافيّ الذي تسعى دوائر المكر لجعله بديلا للإسلام يعطي صورة مشوّهة لدين الله الحقّ، تصدّ عنه العقلاء والمنصفين في الشّرق والغرب.. المداخلة ينبغي أن يوعظوا ويذكّروا وإن اقتضى الأمر أن يزجروا عن شذوذاتهم، لكنّه لا ينبغي أبدا أن يوضعوا في سلّة واحدة مع الشّيعة وتستفرغ الجهود في مواجهتهم مواجهة قد تكون في صالح المدّ الشّيعيّ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!