الرأي
قراءات مع الدكتور فاضل السامرّائي

الحلقة الخامسة عشر: المبني للمجهول (1)

لمباركية نوّار
  • 292
  • 0

لا نريد أن نبحث هنا المبني للمجهول، فإنّا ذكرنا كثيرا من أحواله وأمثلته في كتابنا: “معاني النحو”، فلا نعيد القول فيه، وإنما عَرضُ سؤالين في المبني للمجهول:

أحدهما: قوله -تعالى- في سورة الصافات: ((لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ))، لبناء الفعل (يُنزفون) للمجهول، في حين قال في سورة الواقعة: ((لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ)) ببنائه للمعلوم. فما السبب؟ وهل يصحّ وضع أحدهما مكان الآخر؟

والآخر: هو سبب بناء الفعل (طبع) للمجهول في قوله تعالى: ((رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ)) (التوبة)، وبنائه للمعلوم في قوله: ((رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) (التوبة).

أما الجواب عن السؤال الأول فإن (يُنزِفون) بكسر الزاي له أكثر من معنى. فإن معنى: (أنزف يُنزف): نفد شرابه، ومعناه أيضا: ذهب عقله وسكر.

ومعنى (يُنزف) بالبناء للمجهول: ذهب عقله من السّكر، وهو من (نُزف). جاء في (لسان العرب): “أنزف القوم: نَفِد شرابهم. الجوهري: أنزف القوم، إذا انقطع شرابهم… والمنزوف: السكران المنزوف العقل، وقد نُزف. في التنزيل العزيز: (لا يُصدّعون عنها ولا يُنزفون) أي: لا يسكرون…

قال الفراء: وله معنيان، يقال: (أنزف الرجل) ثني خمره، أو (أنزف) إذا ذهب عقله من السّكر، فهذان وجهان في قراءة من قرأ: (يُنزِفون). ومن قرأ: (يُنزَفون) فمعناه: لا تذهب عقولهم، أي: لا يسكرون”.

فمعنى الآية في الواقعة أن هذا الشراب لا ينفد ولا ينقطع وأنهم لا يسكرون عنه.

ومعناها في الصافات أن هذا الشراب لا يُذهب عقولهم فلا يسكرون عنه.

مقالات ذات صلة