-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مقدّمة حركة القرآن المجيد في النّفس والمجتمع والتّاريخ

الحلقة (8): القــرآن منهج حياة

أبو جرة سلطاني
  • 616
  • 0
الحلقة (8): القــرآن منهج حياة

فهِم علماء الأمّة كتاب الله على أنّه منهجُ حياة وطريقُ هداية ونصّ تعبّد الله به الثّقليْن، فقرّبوا فهمه للنّاس من هذه المنطلقات الكبرى بما كان متاحا لهم في أزمنتهم، ويسّروه للفهم من منطلق أنه كلام الخالق -شرْعة ومنهاجا- وعد ذريّة آدم -عليه السّلام- بأنْ ينزّل عليهم من كلامه وحيًا جيلا بعد جيل ليكون لهم هداية إلى صراطه المستقيم، فمن أخذ به رشد في دنياه وفاز في أخراه. ومن حاد عنه خسر الدّنيا والآخرة: ((قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)) (طه: 123- 124)، فهو كتاب هداية ورشاد وحركة في الدّنيا وأمانة يُسأل عنها الإنس والجنّ يوم الحساب؛ من اتّبعه لا يضلّ الطّريق في دنياه ولا يشقى يوم الحساب.. ومن أعرض عنه عاش حياته معيشة ضنكا وحُشر إلى جهنّم أعمى البصيرة.

هكذا فسّر السّابقون مفردات القرآن الكريم منذ بداية عصر التّأليف المجزَّأِ إلى عصر الموسوعات والتّخصّص، فتراكم من كتب التّفسير -باللّغات كلّها- ما لا يحيط به حصر، وهو الدّافع الذي يجعل كلّ مسلم يسأل: ما فائدة إضافة تفسيـر جديد إلى هذا الكمّ الهائل من التّفاسير التي تعجّ بها المكتبات في عالمنا الإسلامي وفي العالم كلّه؟ وما هي الإضافة التي سيأتي بها مؤلَّفٌ جديد؟ وهل الأمّة الإسلاميّة اليوم في حاجة إلى سِفْر جديد يضاف إلى أسفارها القديمة أو يُستدرك عليها ما تخلّف من فهوم السّابقين؟ أو يجمع ما تفرّق ويلْقط ما سقط من جراب المجتهدين ومزاود المقلّدين؟ أليس أنفع للأمّة تفرّغ علمائها للكتابة في الفقه السّياسي للنّهوض بها من كبوتها وتخلّفها وفقرها العلميّ والحضاريّ وحاجتها إلى “فقه ميزان” يعيد إليها خيْريّتها التي أضاعتها منذ بضعة قرون؟ وما فائدة توكيد المؤكّد ببيان وسطيّة هذه الأمّة والكشف عن خيْريّة ليس لها من الحقيقة سوى الحديث المُعاد عن الكتاب والسنّة؟ وهي تعلم أنّ التّاريخ هو ما نصنعه وليس ما نتحدّث عنه ونمجّد من سبق: ((تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (البقرة: 141)؟ أليس من الأجدى لهذه الأمّة أن ينهض علماؤها ومفكّروها وقادة الرّأي فيها بجمع كلمتهم والسّعي جميعا لجعْل شهادة هذه الأمّة على النّاس شهادةَ تكوين وقدوة قبل الحديث عن شهادة التّمكين والقيّادة؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!