-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأزمات الكبرى في العالم تنتهي إلى طاولة التفاوض

الحوار السياسي بين الإخوة الفرقاء.. المسلك الآمن لتفكيك ألغام الأزمة!

أسماء بهلولي
  • 1095
  • 4
الحوار السياسي بين الإخوة الفرقاء.. المسلك الآمن لتفكيك ألغام الأزمة!
ح.م

عرفت الجزائر منذ بزوغ فجر الاستقلال محطات تاريخية بارزة كان الحوار والتفاوض مفتاح الأزمات الكبرى خلالها، بدء من اتفاقيات قيادة الحكومة المؤقتة مع الاحتلال الفرنسي الى لجنة كريم يونس بعد حراك  22 فبراير، مرورا بمحطات هامة إبان سنوات التسعينات وبداية الألفية وخلال الأعوام القليلة الماضية، حيث نصبت مائدة الحوار في مناسبات عدة لتقليص الاختلافات بين الفرقاء من أبناء الشعب الواحد.

اليوم يستعد الجزائريون للاستحقاق الرئاسي، ومهما كانت هوية الفائز فيه أو موقف المعترضين على مساره، فسيبقى الجزائريون بحاجة إلى تقريب وجهات النظر بينهم والبحث عن القواسم المشتركة، لأن الرهانات الوطنية والتحديات أكبر أمام الأحزاب والتيارات والفئات والمؤسسات، بل تستوجب التجند العام لتحقيق تطلعات المواطنين في حياة أفضل.

وفي السياق يقول الخبير الدستوري عامر رخيلة أنه لا خروج من المأزق السياسي الراهن في الجزائر  إلا عبر الاستجابة لنداء الحوار والجلوس إلى مائدة المفاوضات والقبول ببعض التنازلات، من طرف السلطة ومن طرف “الحراكيين” أيضا.

وأضاف في إفادة لـ”الشروق”: “أولئك الذين جلسوا إلى طاولة المفاوضات في إيفيان السويسرية سنة 1961 لطلب الاستقلال من المستعمر الفرنسي، كانوا مضطرين للتنازل رغم اعتراف الجميع بتواجدهم في موقع قوة ورغم أن ثورة التحرير بلغت أوجها آنذاك، حيث كانت اللوائح الأممية تدعم موقفهم في حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولكنهم في نهاية المطاف استسلموا لبعض التنازلات، فكيف لا يتنازل أبناء الشعب الجزائري اليوم لبعضهم البعض”؟

الفرقاء يلتقون حول 8 موائد حوار

التف الفرقاء حول مائدة الحوار في الجزائر 8 مرات منذ سنة 1991، بحثا عن الحلول السلمية في كل مرة، ويعرف الحوار، وفقا لعامر رخيلة، على أنه وسيلة حضارية لمعالجة الاختلافات والبحث عن بدائل والخروج بحلول للأزمات من خلال لقاء طرفين يختلفان في وجهة النظر، ويقتضي تحقيق ذلك، الجلوس إلى مائدة التفاوض، ودراسة طلبات كل جهة على أن لا يبالغ أي طرف في مواقفه، وبالمقابل يتخلى الطرف الآخر عن نزعة “السقف العالي” للمطالب التي يعول على انتزاعها، في مسعى جدي لتقريب وجهات النظر بعيدا عن أية مساومات، فيما يرى رئيس حزب الفجر الجديد الطاهر بن بعيبش أن الحوار يظل الوسيلة الحضارية الوحيدة في التاريخ للخروج من الأزمات ومعالجة الصراعات والخلافات، فهو – يقول بن بعيبش ل”الشروق” – أسلوب حضاري ويظل المفتاح السحري لحل كل المشاكل، شريطة أن لا يكون مرفوقا بالأهداف الضيقة والتوجهات السطحية التي يستحيل أن تساهم في الخروج من الأزمة.

ويستوجب نجاح اي حوار سياسي بين الفرقاء، وفقا للأستاذ الجامعي والخبير السياسي بوقاعدة توفيق، توفر العديد من الشروط، أولها وجود رغبة لدى الجميع للوصول الي حل سياسي للأزمة، بالإضافة إلى ضمان تمثيل جميع التيارات السياسية والايديولوجية في مائدة الحوار، كما يشترط أن يجرى الحوار على أفق مفتوح لنتائج جديدة، وليس وفق شروط وحدود مسبقة، يتحتم على الجميع عدم مناقشتها. وخاصة إذا كانت تلك الشروط تعرقل الحل.

كرونولوجيا الحوار الجزائري من مشاورات غزالي إلى حراك فيفري

وعرفت الجزائر خلال الثلاثين سنة الماضية العديد من جلسات الحوار، التي ألزمت مختلف الأطراف بالجلوس إلى طاولة واحدة ومحاولة تفكيك الأزمات الراهنة آنذاك، حيث قادت حكومة سيد احمد غزالي سنة 1991 حوارا مع الأحزاب حول تعديل قانون الانتخابات، تلتها ندوة الوفاق الوطني لإنهاء مرحلة المجلس الأعلى للدولة، والتي تم على إثرها تعيين ليامين زروال رئيس دولة مؤقتا منذ جانفي 1994، ثم جولات الحوار الوطني سنة 1995 حول الأزمة الجزائرية برعاية الرئيس المؤقت ليامين زروال والتي انتهت بالذهاب الى رئاسيات 16نوفمبر 1995، فاز بها زروال وأصبح رئيس جمهورية، ليتم على إثرها تعليق الحوار السياسي مع قيادات “الفيس”، ثم بدأت المشاورات السياسية والمدنية الموسعة لإقرار دستور جديد سنة 1996.

 وخلال السنوات القليلة الماضية شهدت الجزائر ومباشرة بعد ما يصطلح على تسميته بأحداث “الزيت والسكر” سنة 2011، وبداية أحداث الربيع العربي بتونس ومصر وليبيا وسوريا، المشاورات الوطنية حول الإصلاحات السياسية بهدف تعميق المسار الديمقراطي في الجزائر سنة 2011، وعاشت الجزائر سنة  2014 حوارا تمت قيادته من طرف رئاسة الجمهورية مع الاحزاب والشخصيات السياسية حول تعديل الدستور، وكذا مشاورات تعديل الدستور الثانية سنة 2016 التي قادها الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، ومؤخرا لجنة الحوار والوساطة برئاسة كريم يونس، لتقريب وجهات النظر، والبحث عن حلول سلمية في أعقاب حراك 22 فيفري المنصرم.

سياسيون يحذرون من حوار “الطرشان”

ويجزم بوقاعدة توفيق في تصريح ل”الشروق” أن الجزائر عرفت الكثير من ندوات الحوار بداية من جلسات الإصلاحات الوطنية مرورا بنقاشات الميثاق الوطني وكذلك في تسعينيات القرن الماضي وبداية الالفية، إلا أنه أعاب على هذه الحوارات عدم احترام ابجديات التفاوض وأسسه، حيث كان هذا الحوار يستغل في الكثير من الأحيان كأداة لخلق شرعية لقرارات كانت معدة مسبقا من طرف مخابر النظام، مضيفا “في اعتقادي أن الحاكم الفعلي للجزائر آنذاك لم يكن يتمتع بثقافة الحوار والاختلاف، كما كان يتسم بالتعصب للرأي حتى وان كان على خطأ”، وأردف قائلا “جزء من هذه الذهنية ناتج عن التنشئة الاجتماعية للفرد الجزائري الذي لم يتعود على  سماع الآخر لذلك لا يمكننا أن نلوم النظام لوحده”.

ومن جهته يعتقد بن بعيبش أن سبب عدم خروج الحوارات التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال إلى اليوم بالنتائج اللازمة، هو أن السلطة آنذاك كانت تريد حوارا لا يضر بمصالحها، ولا يمس بقاء بعض الشخصيات في السلطة، وهو ما جعلها ترفض التنازل، رغم كون التنازلات شرطا رئيسيا لنجاح المفاوضات، مضيفا “في بعض الأحيان السلطة كانت تجعل الحوارات غطاء لتمرير أجندتها والدليل ردود أفعال الأطراف المشاركة عقب كل حوار، حيث أن مقاربات وإجراءات الحلول كانت تأتي من خارج الحوار بل هي خطة محضرة سلفا من السلطة”، وأردف قائلا “من عيوب الحوارات الماضية أنها حوارات أحادية الجانب تحاول السلطة فيها املاء وجهة نظرها دون اخذ مقترحات وتصورات الأحزاب والشخصيات ذات المصداقية”.

“الحراكيون” ملزمون بتقديم تنازلات أيضا

يجزم الخبير الدستوري عامر رخيلة أنه لا طوق آمن لنجاة الجزائر، التي تعيش حراكا شعبيا منذ 22 فيفري المنصرم، دون تقديم تنازلات من طرف أقطاب الحراك التي تعرف اليوم نفسها كبديل للسلطة، مصرحا “السلطة قدمت منذ مارس المنصرم الكثير من التنازلات والوضع يفرض على الحراكيين تقديم تنازلات أيضا أولها التخلي عن عبارة “يتنحاو قاع”” والتي قال إن العقل والقانون والمنطق والدستور يرفضها، ولم يسبق وأن عاشتها أية دولة من دول العالم من قبل، لتعيشها الجزائر اليوم، فيما شدد على أن الحوار يظل قيمة حضارية ووسيلة سياسية لفك النزاعات والخروج من الأزمات بحيث أنه لا تقارب بين المتحاورين إلا بتقديم تنازلات، فالتزمت والتشدد في المواقف قد يقضي على الحراك ويضع حدا له.

وذهب رخيلة أبعد من ذلك قائلا: “أي نتيجة سيصل إليها الحراك لن تكون محل إجماع من قبل الشارع، باعتبار أن الحراك ليس قوى سياسية منظمة أو قوى عقائدية موجهة وإنما توجه يجمع كافة تناقضات الشعب الجزائري”.
وبين قبول ورفض وتنازلات وعراقيل، تظل مائدة الحوار منتهى كافة الأزمات الكبرى في العالم والطريق الآمن لتفكيك ألغام النزاعات بعيدا عن العنف والتعنت.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • علي

    ​depuis Juillet 2019 le pouvoir est illégitime....avis aux prédateurs chaque contrat est caduc...le peuple ne reconnaîtra aucune convention jusqu'á la nouvelle république. ...

  • جزائري حر

    الواضح اليوم أن الجزائريين يبحثون عن تأسيس جمهورية جديدة تمثل دولة القانون وأدناب العصابة يبحثون عن رئيس يخرج عليهم يشبعوه ويسن لهم قوانيين بإسم الشرعية ومهام رئيس الجمهورية لكي يخرجوا من الغرق

  • نمام

    الثقا قة التي الفناهالا تغرف حوارا حقيقيا ولا تحب ان تسمع من يزعج او ينبه وقد اختلطت المصطلحات علينا وتلوثت استقلال القضاء حقوق الانسان السلم الاجتماغي الحوار وان كان الحوار يعني الرجوع على شئ ولا يكون الحوار حوارا لويلجا بعضنا استباقا الى تخوين الطرف الاخر او قطع لطريق عليه بان السلطة تعرف وحدها صالح البلد و لم يبق الا القول انها لا تنطق على الهوى والامر في الحوار كل كلام يؤخذو يرد مهما علت مرتبة المحاور ولهذا هم يضيعون الوقت و المستقبل عمدا للتهرب منطرح قضايانا للحوار بدون خلفيات الااذا كانوا يخباون امورا يخافون انتنهار اقاذها على رؤوسهم اذا اكشفت احترامنا لغيرنا ليس بالصراخ وهراوة القانون

  • watani

    es systeme madar hetta tanazoulates, gh'lak koulech